بدأت تتلاشى وتتغير في الآونة الأخيرة صورة المعلّم القاسي الذي يضرب طلاّبه، وحلّتْ محلها مبادرات إيجابية وإنسانية، ترسخ الدور التربوي للمعلم. عبدالله القحطاني، معلم في مدرسة حماد بن أبي حنيفة في «الحرس الوطني»، لم يغب عن دائرة هذه المبادرات التي أضافت نقاط قوة إلى رصيد الهرم التربوي، وجسّد دوراً إيجابياً أمام طلابه، حين أعاد الثقة في نفس أحد تلامذته، وحفزه على العودة إلى مقاعد الفصل بعد غياب دام أسبوعين، من جراء حادثة وقعت له، أصيب فيها بكسر في ذراعه، وتشوه في وجهه، ففاجأته إدارة المدرسة بحفلة، بعد عودته سالماً، أعادت إليه الثقة، وشجعته على الاستمرار. يقول القحطاني: «تغيب الطالب عبدالرحمن كريم في الصف الخامس الابتدائي عن المدرسة، وسألنا عن سبب غيابه، فعلمنا أن حادثة وقعت له في متنزه الثمامة في الرياض، وبعد تواصلي مع المرشد الطلابي، اتضح حرجه الشديد من العودة للمدرسة، لأن وجهه لا يزال مشوهاً من جهته اليمنى، إثر الحادثة». وأضاف: «أقنعناه بالعودة لحضور اختبار إحدى المواد، وأعددنا له حفلة مفاجئة بحضور والده، شاركت فيها إدارة المدرسة والمعلمون والطلبة، واشتملت على الهدايا، والحلويات المتنوعة، وأكثر من 30 تورتة، كتب عليها: الحمد لله على السلامة، إلى جانب ورود وأقلام وجوّال». واستطرد: «عندما رأى عبدالرحمن ذلك، باغتته الدهشة المختلطة بالسعادة والفرح، ما عزز الثقة في نفسه، وحفزه على التزام الحضور إلى المدرسة، بروح ممتلئة ثقة وعزيمة». ويرى القحطاني أنه يقدم بهذه الخطوة والمبادرة الإيجابية رسالة تربوية «بدافع أبوي» تعزز الجانب النفسي لدى الطلبة، وتكمل دور المعلم في منظومة التعليم والتربية، لافتاً إلى أن رسالة المعلم إنسانية، وترتبط بقيم تربوية يتم تفعيلها بالممارسة العملية في بيئة التعليم، «وتبرهن بأمثلة حية تدحض آراء المشككين في دور المعلم، وتبرهن أهميته في بناء الأجيال والمجتمعات».