يبدو أن ضيق الأحوال المعيشية أخذ يدفع بالعراقيين الى ابتكار وسائل مختلفة لمعالجة مشاكلهم الصحية والنفسية وحتى الأمنية. نبراس سمير (24 سنة) وجدت حلاً لمشكلتها الصحية التي تعرضت لها منذ سنتين عند احد مقاهي الإنترنت المنتشرة في عموم مناطق بغداد. وأبلغت نبراس «الحياة» ان رحلتها الطويلة بين عيادات الأطباء ومختبرات فحص الدم استنفدت كل مدخراتها بسبب ارتفاع اسعار الفحوصات فضلاً عن الأدوية وأضافت «باءت كل محاولاتي بالفشل حين طرقت ابواب وزارة الصحة، الجهة المعنية عن صحة العراقي، حيث اقترح بعض الأصدقاء اللجوء اليها بغية الحصول على منحة علاجية في احدى الدول المجاورة او الأوروبية بهدف العلاج». نبراس ليست الوحيدة التي طرقت ابواب مقاهي الإنترنت المتخصصة بمراسلة المؤسسات الصحية في الخارج. ففي شارع فلسطين (شرق بغداد) تكتظ مداخل وقاعات احد مقاهي الإنترنت الذي ذاع صيته اخيراً كونه تخصص في مراسلة الأطباء المتخصصين بعلاج الأمراض المستعصية والمزمنة لا سيما في الهند. تقول مها عامر (55 سنة) وقد اصطحبت ابنها الوحيد عمار (20 سنة) الذي يعاني من تصلب في شرايين القلب: «سبق أن تقدمت بطلبات الى وزارة الصحة كي احظى بفرصة علاج ولدي الوحيد خارج البلاد لكن من دون جدوى حيث تتوزع الفرص بين اقرباء المسؤولين في المؤسسات الرسمية والأحزاب المتنفذة» وتابعت ان «غالبية الحالات التي تحظى بفرص علاج خارج القطر وعلى نفقة الدولة ما هي الا حالات بسيطة ويتوافر علاجها في العراق، لكن رغبة ذوي المريض وبحكم قربهم من هذا المسؤول او ذاك يحبذون السفر الى الخارج بحجة العلاج من دون الالتفات الى حاجة المرضى الذين تتفاقم حالاتهم الصحية». وأضافت عامر «بفضل الإنترنت تمكنت من الحصول على علاج ولدي من خلال مراسلة احد الأطباء المتخصصين في الهند وذلك من طريق مقهى الإنترنت المتخصص في مراسلة المؤسسات الطبية لعلاج الحالات المستعصية» وتابعت ب «200 دولار فقط تمكنت من الوصول الى العلاج الأمثل والذي يتناسب وحاجة ولدي من خلال ارسال الفحوصات المختبرية والسريرية كافة عبر الإنترنت الى ذلك الطبيب الذي ارسل وصفة طبية إضافة الى برنامج غذائي متوازن الأمر الذي انعكس ايجاباً على الوضع الصحي لولدي من دون اية معاناة او نفقات اضافية كتكلفة السفر وغيرها». اسعد عبدالجبار (45 سنة) صاحب مقهى للإنترنت أوضح ل «الحياة» ان فكرة العلاج من طريق المراسلة اقترحها احد اصدقائه، وهو طبيب متخصص بعلاج امراض الدم، ومن طريقه تم تحديد الجهات التي تعنى بمتابعة احوال المرضى من العراقيين. وأضاف «بعد مفاوضات طويلة مع الأطراف الأخرى تم التوصل الى آلية محددة وتتمثل في استحصال مبلغ قدره 50 دولاراً كأجور فحوصات اولية وتضاف اليها 150 دولاراً كأجور معاينة والوصفة الطبية»، وتابع: «في احيان كثيرة لا تتوافر الأدوية الموصوفة فنضطر الى استقدامها من المنشأ ويتحمل المريض اجور النقل والشحن كاملة، وهذا لا يوازي شيئاً مقارنة بتكلفة السفر والإقامة فيما لو سافر المريض الى الدولة المعنية بمعالجة بعض الأمراض».