قال خبراء من المهتمين بالصحة العامة أن العمل في دوام غير ثابت يؤثر سلباً على الصحة النفسية للموظفين، إذ يجدون صعوبة في التوقف عن العمل، ما يتسبب في استمرار ارتفاع هرمونات التوتر لديهم . ونقلت صحيفة «دايلي ميل» البريطانية عن خبراء في الصحة قولهم إن العمل في دوام غير ثابت، غالباَ ما يبقي هرمونات التوتر مرتفعة باستمرار لدى الموظفين، مسبباً حالة من الاستياء الدائم لديهم، وقد يزيد من احتمالات إصابتهم بالتوتر العصبي، نتيجة عدم قدرتهم على الموازنة بين العمل وحياتهم الخاصة، ما قد يجعلهم في عزلة اجتماعية. وجاءت النتائج على عكس الاعتقاد السائد من إن العمل في دوام غير منتظم يمكن الموظفين من الحصول على حياة عملية أكثر صحة. وفي حزيران (يونيو) الماضي، منحت الحكومة البريطانية جميع العاملين الذين مضى عليهم ستة اشهر في العمل، الحق في طلب دوام غير ثابت، بعدما كان هذا الحق محصورا بمن يحتاجون إلى العناية بذويهم من كبار السن أو أطفالهم. وذكرت وزيرة المعاشات التقاعدية في الحكومة البريطانية البارونة ألتمان، ان الشركات التي ترفض السماح لموظفيها برعاية ذويهم من المسنين تخاطر ب «إجبارهم على ترك العمل وعدم العودة أبداً»، لافتة إلى أن تلك الشركات والحكومة يتعين عليها أن تكون «متسامحة» مع موظفيها ممن يحتاج ذووهم إلى رعاية، عبر منحهم دواما غير منتظم. وأضافت ألتمان ان «النساء فوق سن ال 50 هن الأكثر عرضة لتحمل مسؤوليات الرعاية بالوالدين المسنين والأقارب أو الأحفاد، وهن في حاجة إلى دعم لمواصلة العمل إن أردن». وقال نائب رئيس الوزراء البريطاني نك كليغ: « حان الوقت لإعادة هيكلة قوانين العمل كافة، حتى تتوافق مع حاجات أسرنا في عالمنا المعاصر». وعلى رغم السياسات المتبعة لتعزيز التوازن بين أوقات العمل والحياة الاجتماعية للموظفين، الا انها قد تؤدي في الواقع إلى نتائج عكسية. ويحذرالطبيب النفسي في «جامعة بيدفورد شير» غيل كينمان من يتبع هذا النوع من العمل من مخاطرعدة، موضحاً: « في حال مواصلة العمل، ستبقى قلقاً في شأنه، وسيبقى جهازك العصبي نشطاً للغاية، وسيصعب التعافي منه بشكل صحيح». واستطرد كينمان: «ربما تنام، ولكن ليس بشكل صحي، إذ أن فعالية الجهاز المناعي لديك تصبح أضعف. وهناك دراسات تشير إلى أن الناس يرغبون في طريقة سريعة للاسترخاء، فيميلون إلى تناول مشروبات مهدئة للأعصاب». ويؤكد رئيس «الكلية الملكية للأطباء النفسيين» السير سايمون ويسلي ان هناك أدلة جيدة تربط بين الظروف النفسية في العمل والإصابة بأمراض القلب، وغالباً ما يعاني العاملون في الدوام غير المنتظم من العزلة في محيطهم الإجتماعي والمهني. ويرى علماء النفس في التطور التكنولوجي عاملاً مسبباً للتوتر، إذ ان ارسال وتلقي رسائل البريد الالكتروني طوال ساعات اليوم، يجعل العاملين قلقين في شأن العمل وفي حاجة دائمة لفحص البريد الالكتروني الخاص بهم. وعلى رغم ذلك، لا تزال نقابات العمال تدعم الحق في العمل في أوقات غير منتظمة، إذ ترى أن هناك اعترافاً متزايدا بين الشركات بأن هذا الحق يمنح موظفيها القدر الأكبر من الاستقلالية، إضافة إلى كونه لا يعيق انتظامهم في العمل.