يطل الأخوان هاير (Haier Brothers) بجسدين طفوليين، وعيون سوداء تحمل كثيراً من البراءة والذكاء من بين جنبات المركب الشراعي العملاق «تشينداوو»، في رحلتهما الطويلة عبر العديد من المغامرات والحكايات يسلكان من خلالها طريق الحرير القديم لاستكشاف كثير من الأساطير الغامضة والحضارات القديمة. وصل الأخوان وهما رمز الحكمة والقوة والسفر حول العالم في الصين، إلى الميناء الشرقي للإسكندرية (مرسى نادي اليخت) عبر رحلة استمرت 45 يوماً قطعا خلالها 8500 ميل بحري بدأت من مدينة تشينداوو الساحلية شرق الصين في أواخر تشرين الأول (أكتوبر) الماضي، مروراً بسنغافورة وهونغ كونغ وسيريلانكا وبومباي، حتى البحر الأحمروالإسكندرية، على أن يواصلا رحلتهما إلى إيطاليا، لتكتمل الرحلة في ميناء مونت كارلو في فرنسا. تحظى رسوم هاير براذرز (ظهرت في العام 1966) بشعبية كبيرة لدى الأطفال وحتى الكبار. وتتكامل مع وسائل الترفيه والمعرفة في الصين، ويتم استغلالها لإحياء طريق الحرير الملاحي القديم والذي كان يستعمل لنقل الحرير وبضائع أخرى إلى العالم. وتجوب رسوم هاير براذرز خمس قارات وأربع محيطات و65 دولة، ونحو 120 ألف ميل بحري لنشر الثقافة الصينية بتقاليدها وقيمها المتجذرة، والدعوة إلى السلام والتعايش. ويقول عضو مجلس إدارة نادي اليخت والمسؤول من الجانب المصري في برنامج طريق الحرير الملاحي الصيني - المصري مدحت غزال إن الطريق يحيي تراث قديم موجود في الصين وهو طريقين بري وبحري. وكان الطريق يستغرق قديماً ستة شهور ويمر ب65 دولة، لافتاً إلى أن السفينة تشينداوو تعد واحدة من ضمن أكبر خمس سفن شراعية في العالم. ويبلغ طولها 35 متراً وعرضها 24 متراً وفيها شراع رئيسي إضافة إلى ثلاثة أشرعة صغيرة. ويصف غزال السفينة بأنها من نوع «تري مارين» أي ثلاثة زوراق في واحد. ويوضح أن الزوارق بدنها رفيع جداً لا يتعدى النصف متر وأكبرها بالمنتصف لأنه يحمل عجلة القيادة وأجهزة الملاحة، لافتاً إلى أن المركب بها ساري (33 متراً) وهو الذي يحمل صورة الأخوين هاير. ويضيف: «يقود المركب ربان صيني وطاقم مؤلف من ثلاثة فرنسيين هم من صمموا المركب واختبارات السرعة، وهو حائز ميدالية ذهبية في أولمبياد بكين». ويقول جو شوان - ربان تشينداوو – ل«الحياة»: «يأتي وصول السفينة إلى الإسكندرية، ضمن جدول رحلتها في ظل مبادرة الصين «حزام واحد وطريق واحد»، إذ حملت السفينة العديد من الفرق العالمية من ألمانيا وروسيا وفرنسا». عن الرسالة من هذه الرحلة الطويلة، يقول: «إرساء مبدأ ثقافة السلام بين الشعوب، فالبشر خلقوا ليتعارفوا ويتعايشوا لا ليتحاربوا ويتقاتلوا مهما اختلفت ألوانهم وأشكالهم وثقافاتهم ودياناتهم». تهدف الرحلة لإحياء طريق الحرير الملاحي القديم الذي كان ينقل عبره الحرير وبضائع أخرى إلى العالم، ما شجع على الرواج الاقتصادي والتعاون الإقليمي للدول الواقعة على طول مساره وخدم مصالح الشعوب في آسيا وأوروبا وأفريقيا، وبفضله انتقلت الثقافات الإنسانية بين أطراف العالم القديم، ما كان له تأثير كبير في ازدهار كثير من الحضارات القديمة التي من ضمنها الحضارات الصينية والمصرية والرومانية. ويوضح جو شوان أن العلاقات التي تربط بين مصر والصين، تعود إلى أكثر من 2000 سنة، إذ ارتبطت الصين بمصر من خلال طريقي الحرير البري والبحري. وتأتي مبادرة إبحار السفينة تحت رعاية الحكومة الصينية وبالتعاون مع الاتحاد الدولي للشراع والتنسيق مع المركز الثقافي الصيني المصري في القاهرة ونادي اليخت المصري، وأقيم احتفال لمناسبة استقبال تشينداوو في نادي اليخت في حضور سونغ أي قوه سفير الصين في مصر وعدد من الخبراء البحريين والاقتصاديين. يذكر أن الرئيس الصيني، شي جين بينغ هو من طرح مبادرة إحياء طريق الحرير القديم خلال زيارته آسيا الوسطى ودول جنوب شرقي آسيا في العام 2013 تحت عنوان «التشارك في بناء الحزام الاقتصادي لطريق الحرير»، و«طريق الحرير البحري للقرن الحادي والعشرين». وجذبت المبادرة اهتماماً بالغاً من المجتمع الدولي، ووافقت 50 دولة ضمن 65 دولة يمر بها الطريق الذي يخترق قارات آسيا وأوروبا وأفريقيا، ليربط دائرة شرق آسيا الاقتصادية النشطة، من طرف، بدائرة أوروبا الاقتصادية المتقدمة، من طرف آخر.