عندما يعلو صوت الهوى على العقل، ويسبق نبضُ القلب وميض الأفكار، ويعلن الزوجان ألا عوائق ستحول بين تلاقيهما، فلن تستطيع ورقة لا تحل ولا تربط، ولا تمنع بل تكتفي بالتحذير، من استباق مصيبة وشيكة. وماذا يفيد الندم؟ عندما تصدق نبوءة الورقة، وتصاب الذرية بما لا علاج له، وتبدأ معاناة الأزواج الذي صمّوا آذانهم عن تلك التقارير الطبية التي حذرت من الارتباط لعوائق صحية مستقبلية. يروي أحدهم (فضل عدم ذكر اسمه) أنه تزوج من إحدى الفتيات بعد أن خطبتها والدته له، وفق ما يريد من طلبات، ووافقت هي على الاقتران به. يقول: «طلب والد خطيبتي حينها، الشروع في إجراءات فحص ما قبل الزواج، وبالفعل توجهت إلى المستشفى. وسجلت اسمي، وأكملت بياناتي، وتم فحصي. كما حضرت خطيبتي إلى الفحص». وأشار إلى أن المستشفى «حدد موعداً لاستلام النتيجة، بعد ما يزيد عن 10 أيام، لأطلب في وقتها من والد خطيبتي أن يمكنني من النظرة الشرعية، والجلوس معها، وبالفعل؛ تم ذلك بحضور والدها. وكانت جلسة غيرت مجرى حياتي. وأخبرت والدها بعدها بأنني على رضا تام. ويجب علينا أن نكمل إجراءات عقد النكاح، ونحدد موعد ذلك، وتسجيله قضائياً، بعد انتهاء الفحص الطبي مباشرة». بعد أسبوع توجه الشاب على عجلة من أمره، إلى المستشفى لأخذ نتيجة الفحص. لكنه أصيب ب «الصدمة»، فنتيجة الفحص أظهرت عدم توافقهما، وهو ما سينتج عنه أولادٌ مصابون بأمراض وراثية. ويضيف: «لم تدم الصدمة كثيراً. أخبرت والدها بأنني استلمت الفحص الروتيني، من دون أن أخبره بالنتيجة، لأتجاهل الموضوع أيضاً، حتى لا يكدر عليّ فرحة الزواج» ويتابع: «في لحظة كتابة العقد طلب مأذون الأنكحة نتيجة الفحص الطبي، وأخبر والدها بالنتيجة، الذي استغرب منها، لكني أخبرته بأن النتيجة لا تعنيني. وأنني مُصر على الزواج منها، فيما كان والدها متردداً، وحسم الأمر بسرعة، ووافق والد زوجتي، في وقت كان المأذون يعرض علينا مخاطر الزواج. لكنه قال أخيراً: «ما كُتب سيكون». ويصف زواجه ب«الفاشل بكل المقاييس»، مضيفاً: «لحظات الحب القوية تراجعت، بعد أن رزقنا بأول ولد، وكان معوقاً، نتيجة خلل وراثي بيننا وأخبرني الأطباء أن كل مولود سيولد لك قد يكون معوقاً». وتمنى الزوج أن لو كان تريث قليلاً قبل الزواج، حتى يدرس الموضوع بشكل أكبر، ويختبر مشاعره تجاه من شاهدها، بدلاً من أن يعتمد على قلبه الذي وقع أبناؤه ضحية له قبله. ودعا كل مقبل على الزواج ب«الأخذ بنتيجة الفحص الطبي قبل الزواج، وعدم الانقياد خلف مسببات إما قبلية أو قلبية، قد يندم بعدها»، مناشداً وزارة العدل بأن «يؤخذ بنتيجة الفحص الطبي، وسلامة الطرفين شرطاً للزواج. ولا يوثق معه عقد النكاح إلا بفحص طبي يثبت خلوهما من الأمراض الوراثية»، مؤكداً أن ذلك «سبب لسعادة الفرد في حياته الزوجية وأمانه النفسي».