عندما كنت مسافراً أخيراً من الرياض إلى جدة، لفت انتباهي لوحة كبيرة تعبر عن التمنيات للمسافرين برحلة سعيدة، موقعة من إدارة المطار وهيئة الطيران المدني وشركة باسم «فرابورت»، دفعتني هذه اللوحة الى البحث عبر الشبكة العنكبوتية عن شركة «فرابورت» وسبب وجودها في هذه اللوحة، وبعد البحث اتضح لي أن القيادات وقعت مع شركة «فرابورت» الألمانية عقوداً لتطوير المطارات الرئيسة في المملكة منذ عام 1429ه، ما يعكس أهمية هذه الحركة التطويرية كأحد روافد التنمية الاقتصادية التي توليها القيادات اهتمامها المباشر. سبب اهتمامي المباشر بالبحث هو ما رأيته من وضع مؤسف لمطار العاصمة «الرياض»، بدءاً من الأسقف التي تظهر فيها ترسبات المياه، ووصولاً إلى دورات المياه وأماكن الصلاة بالممرات، وانتهاءً بسلوكيات موظفي المطار مع المسافرين التي تفتقد إلى الاحترافية في التعامل، فضلاً عن تفننهم في اختراق أنظمة وقوانين المطار، بتدخينهم في أروقته بدلاً من امتثالهم للوحات المنع وإرشاد المسافرين لاتباعها، وفي مقابل ذلك أذهلتني حركة التطوير التي طالت بنيان مطار الملك عبدالعزيز الدولي بشكل سريع ومتقن يقارن بمثيلاته في الدول المتقدمة، على رغم أنه كان أسوأ حالاً في آخر مرة زرته فيها. عندما يرى المسافر هذا الوضع المتقاعس في أحد أهم معالم المملكة، كونه يمثل الواجهة الأولى للقادمين إلى المملكة، وخلفية أخيرة للمغادرين منها، ثم لا يجده متماشياً مع نهضة التطور والنمو التي تشهدها في شتى المجالات والميادين ليمثلها بذلك بالشكل اللائق، يعرف أن هناك مشكلة توجب طرح جملة من الأسئلة البدهية، ماذا يحدث؟ ومن المسؤول عن عرقلة تأخير التطوير حتى يصل إلى لا شيء بعد عام ونصف العام من توقيع عقد التطوير؟ هل المشكلة في المطار وإداراته؟ أم كان الاختيار خاطئاً لشركة «ما وراء البحار» التي تمت الاستعانة بها لتقويم حال المطار ضمن خطط مدروسة لوضعه ضمن قائمة التصنيفات الدولية للمطارات؟ حقيقة لم أجد إجابة واضحة عن هذه الأسئلة وغيرها الكثير، على رغم محاولاتي المستمرة للتساؤل بشكل رسمي عن السبب، وفي نهاية المطاف لم أجد شيئاً باستثناء الاستنتاجات الناتجة عن قراءاتي للوضع بمطاري جدةوالرياض، ومنها وجود شركة «ما وراء البحار» ذاتها المختصة بتطوير وإدارة المطارات «فرابورت» في مطاري جدةوالرياض، إلا أن عجلة التطوير في مطار جدة تدور بشكل أسرع بكثير من عجلة التطوير «المتقاعسة» في مطار الرياض، ففي كل يوم يُرى ويُسمع جديد في مطار جدة، بحسب إفادة أهاليها، في مقابل ذلك لا يبارح مطار الرياض مكانه منذ أكثر من عام ونصف العام، مقارنات كثيرة يستطيع أي زائر ملاحظتها بالعين المجردة عند دخوله من بوابة المطارين، وصولاً إلى صالات الانتظار. يبقى سؤال أخير أطرحه آملاً في الحصول على إجابته بشفافية من مطار الملك خالد الدولي وإداراته، ما الذي يجعل شركة بمثل حجم شركة «فرابورت»، التي اطلعت على سجل إنجازاتها الدولية في إدارة وتشغيل وتطوير الكثير من المطارات على مستوى العالم، وتصنف كثاني أكبر شركة في مجالها في العالم، تتمكن من النجاح في جميع تجاربها ومنها تجربة مطار جدة القريب من النطاق الجغرافي والوطني، بينما يستعصي عليها فتح شباك التطوير لتحل رياحه على المرافق والكوادر وتغيرها للأفضل في مطار الرياض. أعتقد أني أوصلت وجهة نظري، ومع الأسف، حاولت كثيراً ألا تكون المعادلة أبداً بهذا الشكل، ولكن «تأتي الرياح بما لا تشتهي السفن». كلمة أخيرة أوجهها لمسؤولي المطار: «دعوا شركة «فرابورت» تقوِّم عجلة التطوير تجاه مصلحة الوطن والمواطن، وتحقق أهداف القيادات السامية الحكيمة، ماداموا لم يتمكنوا من قيادتها وتحقيقها بأنفسهم»، ولا أعتقد أنهم يختلفون معي في أن شركة تمكنت من الحصول على الثقة الملكية السامية الغالية تستحق أن تحصل على فرصة لعرض إمكاناتها ونستفيد من خبراتها. الرياض جامعة الملك فهد للبترول والمعادن