نعم هي ثقافة واضحة المعالم ولا تقبل التأويل ولا التنازلات ولا غيره.. ربما حادثة اتهام وهروب الطبيبة صباح الزيات والتي لم يذكر الخبر جنسيتها الأصلية نموذجاً واضحاً لهذه الثقافة التي ننادي بأن تكون ملزمة وتعرّض (من لا يقوم بها) لعقوبات حازمة وصارمة. المسؤولية الاجتماعية والمبنية على ثقافة الاحتراز وسرعة التدخل المهني تتطلب توحيد الرؤى والإجراءات، سواء كانت الإصابة واضحة أم تتطلب البحث والتأكد، وأرى أن نفس الشيء ينطبق على الأفكار الانتحارية والانتقامية التي قد يصاب بها مريض نفسي أو متعاطٍ للمخدرات فمن واجب أول معالج عاين الحالة أن يبلغ عن قلقه وان يثبت ذلك في الملف الطبي وان يقوم بتبليغ المسؤول وإذا لم يتجاوب يتم إخلاء المسؤولية بإبلاغ رئيسه رسمياً وكتابياً. أعود للطبيبة الزيات وقصتها الشهيرة والتي بدأت بوصول الطفل (بيبي. ب) والذي يبلغ من العمر 17 شهراً إلى المستشفى التي تعمل بها وعلى رغم وجود آثار واضحة تدل على تعرضه لعنف أسري إلا أن الطبيبة بحسب الثقافة الواضحة (تلك) أخفقت في إجراء الفحص الملائم للطفل ولم تتأكد من طبيعة الجروح التي بجسده ولذلك لم تتمكن من اكتشاف الكسور في ضلعه وظهره، ونظراً إلى أنها لم تقم بكل ما تقدم فقد توفي الطفل بعد حضوره لديها بيومين ليتم على الفور توقيف والدته وصديقها بسبب ضلوعهما في تعذيبه وضربه حتى الموت. والطبيبة المذكورة بحسب الخبر المنشور في صحيفة «سبق» الالكترونية مصابة بانهيار عصبي ولا تتمكن من الدفاع عن نفسها، ومن المنتظر محاكمتها بتهمة الإهمال وعدم اتباع الإجراءات المعروفة لإنقاذ الطفل ومن المحتمل سحب ترخيص مزاولتها لمهنه الطب ومنعها من العمل في بريطانيا أيضاً! سؤالي هو: كم عدد الأشخاص (أطفالاً وكباراً) الذين كان من الممكن إنقاذهم والتبليغ عن اشتباه بعنف أسري يُمارس في حقهم؟ كم عدد الجناة الذين أفلتوا من العقوبات؟ وكم عدد من وصلوا إلينا جثثاً هامدة، على رغم إمكانية إنقاذهم عند المعاينة الأولى؟ سؤالي هو عن الإجراء الذي لم أقتنع به مطلقاً ولن أفعل، وهي (إخلاء المسؤوليه عن طريق توقيع الضحية على إقرار يفيد بأنه لا يريد تصعيد الموضوع وأن المعالج أخبره وهو لا يرغب) ولا أعلم هل هذا التعهد والإقرار عرف سائد لدى الدول التي سبقتنا في هذا المجال أم لا؟ وأتمنى أن أسمع إجابة محددة بعيداً عن أن كل حالة مختلفة عن الأخرى وبعيداً عن محاولة تقريب وجهات النظر والذي (أسهمت في ازدياد حالات العنف) وبعيداً عن جدوى تعهد ضحية في وضع مضطرب وفي موقف مضطرب (بأنها لا ترغب في التبليغ)! [email protected]