رئيس وزراء موريتانيا يزور المسجد النبوي    نائب امير منطقة مكة يكرم رعاة الحملة الوطنية الإعلامية لتوعية ضيوف الرحمن (الحج عبادة وسلوك)    لاعب بايرن ميونيخ يرحب بالقدوم إلى النصر    تحركات في برشلونة خوفًا من دوري روشن    مؤتمر "100 يوم" يكشف ملامح النسخة السادسة من دورة ألعاب التضامن الإسلامي "الرياض 2025    أنمار الحائلي يعلن انسحابه من الترشح لرئاسة نادي الاتحاد    محافظ الطائف يوجه بإغلاق منتجع شهد سقوط إحدى الألعاب    أمير منطقة المدينة المنورة يزور معرض الكتاب ويشيد بمكانة المدينة الثقافية    في معرض المدينة الدولي للكتاب مكتبة الملك عبدالعزيز تحتفي بالتراث والحِرَفِ اليدويّة    «الشؤون الإسلامية» تفعّل برامجها الإرشادية بمصليات فنادق مركزية مكة    إنقاذ عين طفلة بمستشفى الملك فهد التخصصي بتبوك    ضبط إثيوبي في جازان لتهريبه (185,250) قرصًا خاضعًا لتنظيم التداول الطبي    السعودية ترحب بإعلان حكومة البرتغال عن بدئها بالإجراءات التي تمهد لاعترافها بالدولة الفلسطينية    "برق" في عامه الأول: 7 ملايين مستخدم و تعاملات ب 73 مليار ريال    مؤشر سوق الأسهم السعودية يغلق مرتفعًا عند مستوى (10920) نقطة    رابطة العالم الإسلامي: نجاح المملكة في مؤتمر حلّ الدولتين يمثَّل محطة مفصلية تجاه القضية الفلسطينية    أمير المدينة يكرم المشاركين في مبادرة "الشريك الأدبي"    توتنهام يسقط أرسنال ودياً بهدف    أمير القصيم يبارك جهود جمعية "استدامة" في دعم الاستدامة والرعاية الصحية    أمير جازان يقلّد مدير جوازات المنطقة رتبته الجديدة    الشيخ : تمسك المملكة الدائم بحل الدولتين خيار قانوني عادل متوافق مع الشرعية الدولية    السعودية: لا اشتراطات جديدة على معتمري الخارج    معرض المدينة للكتاب.. نوافذ على العالم    فرع هيئة حقوق الإنسان بجازان يحتفي باليوم العالمي لمكافحة الإتجار بالأشخاص بالتعاون مع الجهات الحكومية    السعيد: القادسية نادٍ كبير.. سأكون جزءاً من إنجازاته    الذهب ينتعش من أدنى مستوى في شهر مع تصاعد مخاوف الرسوم الجمركية    تكريم "التخصصي" لدوره في تعزيز الصحة المجتمعية بالمدينة المنورة    استمرار الرياح النشطة على معظم مناطق المملكة    قتيل وأكثر من 20 جريحا في قصف روسي على كييف    تقنيات الذكاء الاصطناعي تفتقر إلى الحسّ الثقافي والبلاغي    إسرائيل تواصل قصف الجوعى في مراكز المساعدات وتوزيع المياه    إطلاق منصة الفانتازي لكأس العالم للرياضات الإلكترونية بجوائز إجمالية تبلغ 200 ألف دولار    "المركز الوطني للفعاليات" يوقع مذكرة تفاهم مع هيئة رعاية الأشخاص ذوي الإعاقة    آل العيسوي وأبوزيد والطباع يتلقون التعازي في محمود    4 أشواطٍ تحضيرية للكؤوس في الأسبوع الثاني من موسم سباقات الطائف    أول جهة حكومية تنال شهادات (CREST) العالمية.. سدايا تحقق التميز في الأداء الحكومي ورفع الإنتاجية    بسبب تجويع سكان غزة.. شخصيات إسرائيلية بارزة تطالب بعقوبات على تل أبيب    وسط تحركات دبلوماسية متسارعة لدعم حل الدولتين.. 15 دولة غربية تدعو للاعتراف بدولة فلسطين    لتولى مهام مراقبة ساحل البحر الأحمر.. تدشين فريق مفتشات بيئيات بمحمية الأمير محمد بن سلمان    بمشاعر الوفاء.. تناغم الفن تكرم التشكيليين    عرض مسرحية «طوق» في مهرجان إدنبرة الدولي    وفاة الفنان لطفي لبيب.. الضاحك الباكي    9 مليارات ريال كفالات تمويلية    أوفياء كشافة شباب مكة يطمئنون على فضل    أسرة الزهراني تحتفل بزواج أحمد    التجارة تستدعي 96 طقم أكواب زجاجية للأطفال    ارتفاع أسعار الغاز في 2025    التماس العذر    فيصل بن مشعل يكرّم مميزي "مدني القصيم" في الحج    استعراض مبادرات وأنشطة محمية تركي بن عبدالله أمام أمير حائل    توثيق أصوات مؤذني مساجد وجوامع الأحساء    المملكة تقدم دورة علمية لتأهيل الأئمة والخطباء في جيبوتي    جامايكا تشيد بمبادرة المملكة لنقل التوأم الجامايكي الملتصق «أزاريا وأزورا» إلى الرياض لدراسة حالتهما الطبية    نائب أمير جازان يستقبل قائد قوة أمن المنشآت المعيّن حديثًا بالمنطقة    نجاح عمليتين لزراعة مضخات قلبية بمدينة الملك عبدالله بمكة ضمن برنامجها المتخصص في قصور القلب    نائب أمير مكة يطلع على أعمال الجهات المعنية بخدمة المعتمرين    وزير الداخلية يطلع على "العمليات الأمنية" لشرطة باريس    أمير جازان ونائبه يطّلعان على سير المشروعات التنموية بمحافظة صبيا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



حرية الشعوب سؤال الثورات العربية
نشر في البلاد يوم 24 - 02 - 2012

"الاستبداد يفضي إلى تخلف العقل"، مقولة نمرّ عليها ربما، في علم الاجتماع، وليس في العلوم الفلسفية، لكنها تتصالح مع ما يؤمن به أفلاطون من أن الأخلاق والإدراك لا يشكلان منظومتين منفصلتين، الأخلاق هي أسمى غاية للمعرفة، وفق أفلاطون.مع ذلك، يمكننا أن نذهب أبعد من ذلك، يمكننا في تحديد العلاقة بين المعرفة والأخلاق، أن نقول ليس فقط أن الأخلاق شكل من أشكال المعرفة -كما يقول أفلاطون-، بل إن المعرفة، هي أحيانا شكل من أشكال الأخلاق. بمعنى أن طريقة فهمك أو تفسيرك للأمور، تنطلق من قيمك وليس فقط من سعة اطلاعك ودقة معلوماتك.
التفسير لواقعنا المركب، هو أحيانا نتاج لأفضليات قيمية نستند إليها عندما نفسر أمرا ملتبسا، أو قد يلتبس، علينا، بالضبط كما هو نتاج لمصالح أحيانا. وهذا يفسر أن اختلاف طريقة "الفهم" لأمر ما، يتقاطع في كثير من الأحيان مع الفئة العمرية، أو مع الطبقات الاجتماعية، أو مع الطبقات الاقتصادية، لأن المعرفة لا تنطلق من "معلومات" و"سعة إطلاع" فقط، بل من قيم ومصالح أيضا، وبالتالي كثيرا ما يكون الحسم في تفسيرات الواقع، هو حسم قيمي، ليس أقل من كونه حسما معرفيا.بناء على ما تقدم، نحن لا نحتاج لأن نعرف تفاصيل ما يحدث في سوريا. نحن قد نحتاج لأن نعرف ماذا يحدث في سوريا في وجه الدقة، لكي نساهم في بناء مشروع وطني يخرج سوريا من أزمتها، لكن هذا ليس دورا نستطيع أن نساهم فعلا فيه.
نحن لا نحتاج إلى تفاصيل لكي تعرف أن لا مؤامرة تستطيع أن تخرج شعبا للتضحية بحياته، لأن هذه ليست قضية معرفية أصلا، بل هي قناعة تنبع من ثقتنا بأهمية الحرية في حياة الشعوب، وبقدرة الشعوب على النضال والتضحية من أجل حريتها.أما عدم الوضوح فيما يتعلق بصراعات المعارضة بأطيافها المختلفة، وعدم وقوف بعضها في وجه التسليح الداخلي، والطائفية، وعسكرة الثورة، والاحتراب الداخلي، ودور أطراف في المعارضة في الانزلاق لمطالب التدخلات الخارجية، كل ذلك، عليه ألا يتعلق بموقفنا من شرعية الثورة، ومن موقفنا الداعم لها. هذا يحدد بالتأكيد موقفنا من أطراف المعارضة المختلفة، ويجب أن ندين وبحدة أي طرف في المعارضة يريد أن يحرف الثورة السورية عن أهدافها السامية وفي مركزها هدف الحرية، كما حدده الشعب السوري نفسه.
يجب بالتأكيد أن ندين التدخل العسكري، فحرية الشعوب لا تمارس دون حرية ووحدة الأوطان، يجب أن نحذر ونطالب الثورة بالحرص على عدم الانجرار والتساوق مع حاجة السوريين في الدفاع عن أنفسهم، مما قد يؤدي بهم إلى التسلح الداخلي والاحتراب الطائفي والمذهبي. يجب أن ندين المعارضة وأن ندين دورها إذا ما لم تحرص على وحدة الشعب ووحدة الوطن وسيادته. لكن إلى جانب كل ذلك، علينا أن نؤكد، نحن مع الشعب السوري بالمطلق، ومع أو ضد المعارضة حسب مواقفها ودورها.
من الصعب أن نعرض لنقاش موقفنا من الثورة في سوريا أو غيرها، وكأنه نقاش منقوص "لأننا لا نعرف حقيقة ما يجري". الحسم الأخلاقي هو حسم يؤخذ بغض النظر عن التفاصيل، وليس بناء عليها. وأن نقول إن سؤال الموقف من الثورة هو سؤال يتمحور حول استبداد النظام مقابل حرية الشعب العربي في سوريا، هو سؤال لا يحتاج لمعرفة "تفاصيل" ما يجري في سوريا. وأن نحول سؤال الثورة إلى أسئلة أخرى لا تتعلق بحرية الشعب السوري، هو أيضا حسم قيمي، باتجاه عدم إعطاء أولوية للحرية، وعدم التعاطي معها كقضية الثورة أو سؤالها المركزي.
بالإضافة لذلك، جوهر الحرية، والحق في ممارستها، هو جوهر لا يتعلق بنتائجه، بمعنى أن حقي في ممارسة حريتي لا تحدده نتائج هذه الحرية. هذا هو أحد معاني المقولة التي نرددها دائما، وهي أن الحقوق مطلقة.
إن الكثير من النتائج المأساوية في حياتنا هو نتاج سلوكنا الحر، "والأكثر طبعا هو نتاج القمع والكبت"، لكن ذلك لا يؤدي بنا إلى إعادة النظر في حقنا في ممارسة حريتنا. هذا يعني أن قناعتنا بحرية الشعب السوري، وبحقه في ممارسة حريته، لا تتعلق بنتائج قد تكون مدمرة وخطيرة، تترتب على النضال من أجل هذه الحرية. والنتائج المدمرة والخطيرة لممارسة الحق في الحرية لا تنبع من كوننا مارسناه، بل من كون آخرين لا يعترفون بحقنا في ممارسته ويقفون عائقا أمامه.
والمطلوب في هذه الحالة هو ليس أن نتراجع عن ممارسة حقنا، بل أن يتراجع الآخرون عن إصرارهم على الوقوف في طريق ممارستنا لحقنا. أي أن تحميل نتائج الثورة للشعب السوري، تعني أننا غير مؤمنين عمليا بحق الشعب السوري في ممارسة حريته وبالنضال من أجل هذه الحرية. لأن الحرية تعني أيضا تحمل نتائجها. وعادة ما تكون نتائج الإحجام والامتناع عن النضال من أجل الحرية وممارسة الحرية، أكثر دماراً وخطورة من السعي للحرية.
من مصلحة "العروبة" إذن كخطاب وكهوية وكبرنامج سياسي، أن تكسب شعوبها وليس أن تخسرها، وإذا تنكرت "العروبة" لمصلحة وحرية بل ولحياة شعوبها، فستسلم هي شعوبها لكل من يدعي أنه "يحترمها" "يحترم الشعوب" أو "يدعم حريتها"، وستقف هذه "العروبة" وراء تسليم شعوبها للأطماع الغربية وللتناحرات المذهبية والطائفية.لقد أكدت الثورات العربية نفسها أنه لم تعد "القومية الديمقراطية" خيارا للقومية، بل باتت الديمقراطية الضمان الضروري والملح لحماية القومية نفسها، وليس فقط لحماية شعوبها.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.