وارن بافيت: لا ينبغي أن تكون الرسوم الجمركية سلاحا    "الهيئة السعودية للسياحة" توقع مذكرة تفاهم لتقديم عروض وتجارب نوعية للزوار    الشلهوب يقود أول حصة تدريبية للهلال    أبو سراح يكرم داعمي أجاويد 3 بظهران الجنوب    "الغذاء والدواء" تُسخّر التقنيات الحديثة لرفع كفاءة أعمال التفتيش والرقابة في الحج    أوبك+: زيادة الإنتاج ب411 ألف برميل يوميا في يونيو    أنشيلوتي يُعلق بشأن مستقبله بين ريال مدريد والبرازيل    أسطورة الهلال يدعم الأهلي قبل نهائي دوري أبطال أسيا    إلزامية تقديم البيان الجمركي مسبقا للبضائع الواردة عبر المنافذ البحرية    إحباط تهريب (176) كيلوجرامًا من نبات القات المخدر في عسير    شجر الأراك في جازان.. فوائد طبية ومنافع اقتصادية جمة    مجتمع تيك توك: بين الإبداع السريع والتمزق العميق    "التعاون الإسلامي" تدين الغارة الجوية الإسرائيلية على محيط القصر الرئاسي في دمشق    مراكز الاقتراع تفتح أبوابها للتصويت في الانتخابات العامة بأستراليا    النور والعدالة أبطال فئتي الناشئين والبراعم في ختام بطولة المملكة للتايكوندو    نجاح عملية جراحية معقدة لاستئصال ورم ضخم في كلية مسن ببريدة    الداخلية : ضبط (17153) مخالفاً لأنظمة الإقامة والعمل وأمن الحدود خلال أسبوع    واقع الإعداد المسبق في صالة الحجاج    الملحقيات الثقافية بين الواقع والمأمول    «اليدان المُصَلّيتان».. يا أبي !    اللغة تبكي قتلاها    اتحاد القدم يوقّع مذكرة تفاهم مع الاتحاد الآسيوي للتعاون في مجال البرامج التعليمية    جامعة جازان تحتفي بخريجاتها    مركز التحكيم الرياضي السعودي يستقبل طلاب القانون بجامعة الأمير سلطان    العطية يتصدر المرحلة الأولى من رالي السعودية    جمعية خويد تختتم برنامج "محترف" بحفل نوعي يحتفي بالفنون الأدائية ويعزز الانتماء الثقافي    سجن بفرنسا يطلق عن طريق الخطأ سراح نزيل مدان بسبب تشابه الأسماء    أميركا توافق على تزويد أوكرانيا بقطع غيار لمقاتلات أف-16 وتدريب طياريها    مانشستر سيتي يهزم وولفرهامبتون ويصعد للمركز الثالث مؤقتاً    القادسية يقسو على الخلود برباعية في دوري روشن للمحترفين    أمين الطائف يطلق برنامج الأمانة لموسم الحج الموسمية    قطاع ومستشفى المجاردة الصحي يُفعّل مبادرة "إمش 30"    ذخيرة الإنسان الأخيرة" يخطف الأضواء في الطائف    وفد وزاري يناقش الخطط التنفيذية مع صحة جازان    إمام المسجد الحرام: البلايا سنة إلهية وعلى المؤمن مواجهتها بالصبر والرضا    إمام المسجد النبوي: الاشتغال بما لا يعني سببٌ للتعاسة ومصدرٌ للخصومات والندامة    أمير القصيم يشيد بجهود جمعية "كبدك" في تنمية مواردها المالية ويثني على أدائها المميز    مغادرة أولى رحلات "طريق مكة" من إندونيسيا عبر مطار جاواندا الدولي إلى المملكة    "العليان" يحتفي بتخرج نجله    "الراجحي" يحصل على الماجسير مع مرتبة الشرف    الهلال الأحمر بالشرقية يدشّن مشروع "معاذ" للسلامة الإسعافية بجسر الملك فهد    مدير منظمة الصحة العالمية: وضع غزة كارثي ومليونا شخص يعانون من الجوع    نائب أمير المنطقة الشرقية يرعى تخريج الدفعة 46 من طلاب وطالبات جامعة الملك فيصل    أمير المدينة المنورة يرعى حفل تخريج الدفعة السابعة من طلاب وطالبات جامعة الأمير مقرن بن عبدالعزيز    الترجمة الذاتية.. مناصرة لغات وكشف هويات    في إلهامات الرؤية الوطنية    ذواتنا ومعضلة ثيسيوس    تراجع الديمقراطية في أمريكا يهدد صورتها الدولية    بريطانيا تنضم للهجمات على الحوثيين لحماية الملاحة البحرية    مدير الجوازات يستقبل أولى رحلات المستفيدين من «طريق مكة»    أمير الشرقية يثمن جهود الموارد في إطلاق 6 فرص تنموية    أمير تبوك: خدمة الحجاج والزائرين شرف عظيم ومسؤولية كبيرة    إطلاق 22 كائنًا فطريًا مهددًا بالانقراض في متنزه البيضاء    خلال جلسات الاستماع أمام محكمة العدل الدولية.. إندونيسيا وروسيا تفضحان الاحتلال.. وأمريكا تشكك في الأونروا    عدوان لا يتوقف وسلاح لا يُسلم.. لبنان بين فكّي إسرائيل و»حزب الله»    أمير تبوك يترأس اجتماع لجنة الحج بالمنطقة    أمير منطقة جازان يستقبل القنصل العام لجمهورية إثيوبيا بجدة    آل جابر يزور ويشيد بجهود جمعيه "سلام"    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



أهم قلعة تاريخية حربية في الباحة وجنوب السعودية.. مهددة بالاندثار
نشر في البلاد يوم 14 - 10 - 2011


تصوير - المحرر :
يهدد الإهمال والنسيان باندثار أهم قلعة حربية تاريخية أثرية على مستوى جنوب السعودية، وتعيش (قلعة بخروش) بقرية العُديّة شمالى الأطاولة حالة من الصمت والتهميش، حولها إلى ما يشبه الخرائب، في تنازل مدهش عن تاريخها وقيمتها الوطنية، كقاعدة دفاع حصينة، سجلت ذات يوم فخراً وطنياً في الدفاع عن تراب الوطن.
وخلال زيارة خاطفة لي إلى تلك القلعة (12 من رمضان 1432ه) رأيتها وقد تحولت إلى خرائب وأطلال بعد أن كانت بالأمس مللء السمع والبصر، وبقيت لدقائق طويلة أتأملها وأحاول استنطاقها لعلها تروي لي طرفاً من أمجاد خالدة كانت سجلتها بفخر وهي تنافح عن الوطن وإنسانه وكرامته ضد تهديدات المعتدي الأجنبي.
والواقع أن (قلعة بخروش) شمالي الاطاولة بأربعة أكيال (30 كم شمال مدينة الباحة) قريباً من الطريق العام – طريق الجنوب – في قرية العُديّة، ليست مجموعة من الحجارة التي تم تشكيلها لتكون مجموعة مبان متجاورة ومحاطة بسور منيع، ولكنها قيمة تاريخة وطنية غالية.
وخلال حديث دار بيني وبين عدد قليل من المحيطين بتلك القلعة، ألقوا باللائمة على هيئة السياحة والآثار، كونها لم تلفت إلى ترميمها وتحويلها إلى متحف تاريخي يليق بها، وقالوا إنه يتعين على إمارة الباحة لفت انتباه هيئة السياحة والآثار إلى تلك القلعة، بحكم المسؤولية والقرب من المكان ومعرفته.
زيارة سابقة
والحقيقة أنني كنت قد زرت تلك القلعة سابقاً، في زيارة طويلة وموسعة، وذلك في صيف 1427 ه - 2006 م.. ووجدت نفسي حينذاك أقف أمام القليل، الذي بقي من منازل وقلاع وآثار أحد أهم القادة العسكريين الجنوبين في التاريخ الحديث، والذي قطعت رأسه وطاف بها الأتراك في شوارع استانبول قبل قرنين من اليوم، إنه القائد الوطني الشهير الامير (بخروش بن علاَّس الزهراني).. ولقد كان التاريخ يترآى أمامي برهبته، وتطاوله، وقيمته، وشموخه.. هناك في (قرية العُديَّة) بجوار بلدة الأطاولة (شمالي مدينة الباحة ب 30 كم) وبرفقة عدد من أبناء أحفاد (بخروش) تجولت في مرابع الأمير الذي دوَّخ الدولة العثمانية، وأذاق قواتها الهوان والعلقم، في أكثر من منازلة عسكرية طاحنة.. وكان له مواقف مشرفة مع الدولة السعودية الأولى، عندما جعل من نفسه وعتاده وقومه، حليفاً قوياً ل (السعوديين) ودولتهم بالدرعية (الدولة السعودية الاولى)، ضد الغزاة الطامعين في ارض نجد والحجاز.. وممن سجل اسمه في التاريخ، ثائراً وطنياً ينافح عن تراب وطنه.
وصف القلعة
خلال جولتي وعبر حوالي ساعتين من التجوال، عاد بنا التاريخ إلى أكثر من (200) سنة مضت، حيث كانت تقوم هناك قلعة عسكرية من طراز فريد.. يقودها فارس عبقري، كان يتمتع بفكر سبق به زمانه، طبقا للشواهد التي مازالت حية على الأرض، أو لما سجلته دفاتر التاريخ عنه، وعن فترة حكمه في ذلك الزمن البعيد، فقد شاهدنا أولاً ملمحاً عاماً للقلاع والبيوت والزوايا.. ثم وقفنا أمام بقايا (حصن الكاشف) ذي الشكل الدائري، ووجدناه قد تهدم في معظمه، إلا من جزء يسير مازال قائماً، ورأيت الحصن وقد بدا ذا بناء ضيق جداً، مما يوحي انه لم يكن للسكنى بل للأعمال الحربية، حيث احتوت جدرانه على عدة فتحات ضيقة، تكفي فقط لمرور ماسورة البندقية.. ومن اسمه يتضح أنه كان كاشفاً للأعداء، ومن خلالها يمكن شنَّ وابلٍ من النار إلى العدو من كل الاتجاهات.. ثم وقفنا على بئر الماء المسماة (بئر العُديَّة) وأخبرني مرافقي أنها كانت اقرب إلى البئر العسكرية، فقد كانت تؤمن المياه للمتحصنين بالقلعة أيام الحروب، حيث كانت محمية بغطاء من البناء المحكم، ومن خلالها تمتد جداول المياه إلى كل الدور والقلاع، وأشار أحد مرافقي إلى مكان مرابض الخيل، وإلى موقع المسجد، وإلى مكان السجن، وإلى مواقع الأنفاق، والبدرومات، والتي تهاوى معظمها ولم يعد إلا رسومها، ثم علمت أن جميع محتويات القلاع وخاصة الأثرية قد ضاعت أو توزعت بين الورثة مع السنين، فضاع بذلك تاريخٌ كان يمكن له أن يبقى شاهداً على ماض ذي قيمة.
من هو بخروش ؟
هو بخروش بن علاس بن مسعود الزهراني، من قرية العُّدية – شمال الأطاولة - التابعة لقبيلة قريش بزهران (من قبائل منطقة الباحة) كان أمير قومه قبائل زهران، وقائداً عسكرياً وفارساً مغواراً، حقق انتصارات تاريخية ضد القوات التركية الغازية لبعض اجزاء الجزيرة العربية، وساند الدولة السعودية الاولى، وتحالف معها ضد الاتراك.. لكن بعض قومه خذلوه، عندما أخذوه غيلة، وسلموه للأتراك، مقابل تسليمهم أسراهم من الزهرانيين .. أما فترة حكمة فكانت أواخر القرن الثاني عشر الهجري وبداية القرن الثالث عشر حيث أنتهي حكمه في عام 1231ه.. أما حنكته وبراعته فقد كان قائداً محنكاً، وفارساً بارعاً.
قلعة بخروش
قلعة واسعة وشامخة وشديدة التحصين، مبنيةٌ بالحجارة الضخمة، ويتجاوز عُمرها الآن أكثر من مائتي سنة.. وكانت تتألف من أربع قلاعٍ دائرية، ومن جوانب تلك القلاع كان يمتد سورٌ متين من الحجارة، وتشكل تلك القلعة الأثرية شكلاً قريباً من قصر المصمك المعروف بالرياض ، غير أن البناء الحديث والمجاور لتلك القلعة، ساهم بشكلٍ كبير في انهدام الجهة الشمالية، وساهم ذلك البناء الحديث في إزالة القلعتين الدائريتين اللتين كانتا في تلك الجهة.. والقلعة بتعبيرٍ أدق كانت « قلعة حرب» حيث كان يبدو - إلى قريب - على أبراجها آثار قذائف المدافع العثمانية، ويتوسطها بناءٌ عجيبٌ ومترابط للمنازل والخنادق، بل وحتى الأبراج الصغيرة لتبادل اطلاق النيران، وفي التقدير الشخصي للاخ عبدالله بن موسى الزهراني – أحد المهتمين بالكتابات التاريخية - أن القلعة كانت تتسع لحوالي من (3000 - 4000 مقاتل) وكان يرى في أرجائها أماكن منظمة لكل شيء، بدءأً من طريقة قتال المدافعين، وانتهاءً بأماكن حفظ الطعام والماشية، في القلعة الغربية من جهتها الجنوبية، وعند تأمل صورة القلعة يبدو ارتفاعٌ نسبي لمكان بنائها، حيث بُنيّت كما هي عادت أهل المنطقة هناك، في مكانٍ مرتفع يُسمى (الريع أو المقرى) أي المكان المرتفع عما سواه، وتلك التقنية القديمة في البناء، تعد وسيلةٌ ناجحة لكشف العدو، وللتقليل من آثار قذائف المدفعية كما في المعارك الكبيرة.. أما هيئة القلعة الشرقية من جهتها الجنوبية، فكانت تبدو بعض الأبراج الصغيرة، لتكون مهيأة لتبادل إطلاق النيران، إضافة إلى أن تلك القلعة الحربية المستديرة تستخدم كبرجٍ من أبراج المراقبة.. ومعروف أن الحصون ذات الأبراج الدائرية قليلةٌ في منطقة الباحة، حيث إن البناء المربع للقلاع هو الغالب في بناء حصون المنطقة، أما في قلعة الأمير بخروش فالحصون دائرية الشكل، لتجنب آثار المدفعية، ولذلك كان البرج المستدير أكبر طولاً، ولولا عوامل الدهر و قسوتها، لظلت على قامتها المنصوبة في شموخ ظاهر.
الأجزاء الداخلية
وطبقاً لزائر للمكان قبل سنوات يقول : في لمحة للأجزاء الداخلية للقلعة، نجد الدقة في التنظيم والبناء، واذا نظرنا الى ذلك البيت المشيد « قريباً « باللون الأبيض في منتصف المنازل رأينا أعجوبةً حية على كمال البناء، وأعتقد بأن صاحب ذلك المنزل الكبير «بعض الشيء» كان ذا شأنٍ و رئاسة.. كما أن بعضاً من ممرات القلعة، المسماه شعبياً ب (المساريب) يظهر فيها مدى سعة باحات القلعة، حيث بإمكان الزائر الانتقال خلالها من مكانٍ إلى آخر وهو داخل أجزاء القلعة.. ورغم تقادم الأيام والسنين على تلك القلعة العجيبة فإن بعض أجزائها مازال صامداً .


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.