مع بداية إجازة العام الدراسي، شهد السوق السعودي (تاسي) هبوطاً متتالياً يشبه بهبوط عام 2006م، ولكن بأسلوب مختلف عنه، فهناك موجة بيع متواصلة تقودها الصناديق الاستثمارية وكبار المضاربين، خسر الكثير من المستثمرين، خاصة الصغار منهم مدخراتهم، التي جمعوها خلال سنوات طويلة، ويتقدم هذا الهبوط الأسهم القيادية؛ مثل سابك وغيرها من أسهم قطاع البتروكيمكال، وقطاع الطاقة، يتقدمهم سهم أرامكو وقطاع البنوك وقطاع الاتصالات، وهي في غالبيتها أسهم توزع أرباحًا ربع سنوية، أو نصف سنوية أو سنوية، ولكن لم تعوضهم تلك الأرباح عن خسائرهم في رأس المال. بالرغم من تحسن المؤشرات الاقتصادية في بلادنا الغالية، ولكن ذلك التحسن لم يشفع لها من الهبوط المستمر، والخطر لا يكمن في تراجع الأسعار، ولكن فيما هو أعمق.. أن يفقد السوق جاذبيته، فيتجه رأس المال المحلي الى أسواق أخرى، بحثاً عن بيئة استثمارية أكثر استقراراً وأماناً. ولو بحثنا عن أسباب هذا الهبوط لوجدنا من أسبابه ما يلي: تضارب المصالح بين الجهات المؤسسية الكبرى، والمستثمر الفرد، والتلاعب المحترف تحت غطاء القوانين، مثل تحريك سهم بصفقات صغيرة؛ بهدف اعطاء انطباع عن اتجاه السوق، بينما باقي السوق يتعرض لتصريف هادئ. وهذه الممارسات لا تتعارض مع أنظمة ولوائح السوق، وغياب المحاسبة عن قيمة الأطروحات الجديدة للاكتتاب العام، فيتم تسعيرها بأسعار مبالغ فبها، وعند إدراجها في السوق تهبط الى ما دون قيمة الاكتتاب، وتجفيف السيولة، وذلك عبر أطروحات جديدة وإصدارات أدوات دين، وغير ذلك من سحب السيولة من السوق دون توقيت محسوب لذلك. المطلوب حزمة متكاملة من القرارات والسياسات، وأن تتعاون جميع الجهات المعنية لضخ السيولة وتحفيز السوق، وتحسين الأداء وضمان استدامة السوق؛ باعتباره المحرك الرئيسي للاقتصاد الوطني، فالمؤشر ليس فقط انعكاساً لأداء الشركات او الاقتصاد، بل هو ميدان تجتمع فيه مصالح مالية كبيرة واقتصادية، وأدوات إعلامية في بيئة يفتقر فيها المستثمر الفرد لوسائل الحماية الحقيقية، لذلك أي تحسن حقيقي يتطلب وضع ضوابط صارمة للمتلاعبين في السوق.