وسط اشتداد القصف الإسرائيلي وتصاعد التحذيرات من مجاعة وشيكة، أصدرت إسرائيل أوامر جديدة بإخلاء مناطق مكتظة بالنازحين في وسط قطاع غزة، في وقت يواجه فيه السكان أوضاعًا إنسانية كارثية. ومع استمرار الحصار وانهيار إيصال المساعدات، حذرت جهات طبية وأممية من ارتفاع أعداد الوفيات بسبب الجوع وسوء التغذية، خاصة بين الأطفال. ويبدو أن القطاع المنكوب مقبل على مرحلة أكثر قسوة من المعاناة، في ظل صمت دولي وتضاؤل الأمل في حل قريب. وتزامنت أوامر الإخلاء مع تفاقم كارثي في الأوضاع الإنسانية، حيث أعلنت مصادر طبية فلسطينية أن ما لا يقل عن 30 شخصاً قتلوا وأصيب عشرات آخرون خلال تجمعهم في انتظار مساعدات أممية شمال غزة، بعد تعرضهم لإطلاق نار من القوات الإسرائيلية. وأوضحت وزارة الصحة في غزة أن المستشفيات باتت عاجزة عن استقبال المزيد من الحالات، في ظل تفشي سوء التغذية وانهيار شبه كامل لعمليات الإغاثة. وحذرت الوزارة من وفاة مئات المدنيين بسبب الجوع، مشيرة إلى "تدفق غير مسبوق" لأشخاص يعانون من الإعياء الشديد، بينهم أطفال وكبار سن، لا تقوى أجسادهم على مقاومة الجوع. وفي هذا السياق، أعلنت وفاة الطفلة الفلسطينية رزان أبو زاهر (4 أعوام) في مستشفى شهداء الأقصى نتيجة مضاعفات سوء التغذية. من جهتها، وصفت وكالة الأممالمتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا) الوضع في غزة بأنه"تجويع ممنهج" من قبل السلطات الإسرائيلية، مؤكدة أن مليون طفل فلسطيني يعانون من الجوع الشديد. وأشارت الوكالة إلى أن حالات سوء التغذية الحاد تضاعفت بشكل كبير بين شهري مارس ويونيو، مؤكدة أنها رصدت أكثر من 5,500 حالة لسوء تغذية حاد، منها 800 حالة حرجة بين الأطفال دون سن الخامسة. ورغم المناشدات الدولية، واصلت القوات الإسرائيلية استهدافها للفلسطينيين المتجمعين عند نقاط توزيع المساعدات، إذ شهد يوم السبت مجزرة جديدة راح ضحيتها 32 قتيلاً وأكثر من 100 مصاب في شارع الطينة جنوب خان يونس. وارتفعت بذلك حصيلة ضحايا "لقمة العيش" إلى 891 قتيلاً، و5754 مصاباً منذ مايو الماضي، وفق بيانات طبية. كما سجل يوم الجمعة مقتل 14 فلسطينياً في حوادث مشابهة بوسط وجنوب القطاع، وسط توقف فعلي لدخول شاحنات الإغاثة منذ أكثر من أسبوع، ما فاقم من تفشي الجوع وتسبب بوفاة المزيد من المدنيين، معظمهم من الأطفال. من جهة أخرى، طالبت اسكتلندا رئيس الوزراء البريطاني بالتدخل الفوري والتعاون لإنقاذ أطفال غزة، في ظل تفاقم الأزمة الإنسانية غير المسبوقة، فيما تواصل إسرائيل الادعاء بفتح تحقيقات في استهداف المدنيين عند مراكز توزيع الإغاثة، الأمر الذي تنفيه حركة حماس، متهمة تل أبيب بتعمد ارتكاب مجازر ضد المواطنين المحاصرين. ومع استمرار الحرب الإسرائيلية على غزة منذ أكثر من 21 شهراً، يعيش سكان القطاع حالة مأساوية غير مسبوقة، وسط انهيار الخدمات، وانعدام الغذاء، وخطر الموت جوعًا، بينما لا تزال الأصوات الدولية المطالِبة بوقف الانتهاكات عاجزة عن إحداث تغيير على الأرض.