في زمنٍ تُختزل فيه المبادئ تحت عناوين"النية الطيبة" و"التوجه الثقافي"، يظهر أحد أخطر أنواع التطرف المقنّع: العبث بالملكية الفكرية تحت غطاء "احترام القيم". أن تقوم جهة ما، أو شخص ما بطمس رمز ديني أو تغيير ملامح شخصية خيالية؛ لأنها لا تتوافق مع معتقده الديني— ليس موقفًا أخلاقيًا… بل اعتداء صارخ على ما لا يملكه، على ما لا يحق له حتى لمسه: الملكية الفكرية. هذا ليس مجرد "رأي"… هذا تشويه. تخيل أن تأخذ لوحة لفنان عالمي رسم فيها صليبًا على صدر شخصية، وتقوم بإزالته؛ لأنها لا تتناسب مع "اعتقاداتك"! هل ندعو هذا احترامًا؟ أم سرقة مغلفة بالوعظ؟ من هنا تبدأ الفوضى… إن شرّعت لنفسك هذا التعديل اليوم، فلا تتفاجأ غدًا إن جاء من يقول لك: "أنتم أزلتم الصليب من شخصيتنا المسيحية… إذًا سنردها لكم ونُزيل الحجاب من شخصيتكم المسلمة!" هكذا تُفتح أبواب الانتقام الديني الرقمي، والكل يتدخل في إبداع الآخر، وكل طرف يدّعي الحق في "التعديل من منطلق الاعتقاد". لكن الحقيقة البسيطة؟ إذا لم يعجبك العمل، لا تعرضه. أما التعديل على ما لا تملك، فهو تطرف ناعم يرتدي قناع الفضيلة. الملكية الفكرية… حدودها ليست ذوقك الشخصي العمل الفني والفكري له "أب شرعي" هو صاحبه. لا يحق لأحد أن يغيّر فيه لمجرد أنه لا يُناسب قناعاته. وإلا، فكل شيء سيتحوّل إلى نسخة مشوهة، تُعبر عن رقابة دينية، لا عن أصالة الفن. ختامًا… إن لم تحترم إنتاج غيرك… لا تنتظر احترامًا لإنتاجك. الحرية لا تبدأ من الإيمان… بل من احترام الملكية. والتعديل باسم الدين، هو قرصنة فكرية مغلفة بالإيمان. ومن يفعل ذلك… لا يختلف عن من يسرق بيتك ثم يقول: "عدلت عليه ليصبح طاهرًا.