أيام الحج هلًت وأكتملت الاستعدادات بكل تفاصيلها لإستقبال الحجاج والذين بدوأ يقدمون ويأتون من كل الطرق ومن كل فج عميق ومن كلّ أصقاع الأرض في رحلة روحيّة ربانيه لأداء فريضة الحج والعمرة، وهذه الرحلة تسير في قوافل جماعية وطرق معروفة تصل بهم إلى مكةالمكرمة ولعل أشهر طرق ودروب الحج قديما: درب زبيده والحجاز الشمالي والجنوبي وكذلك درب السنوسية وغيرها، ومن المعروف أن السالكين لهذه الطرق الشاملة لكل الجزيرة العربية، وثقوا في كتبهم نثراً وشعرا وكتابة ووصفا مايتعرضون له، لذلك كانت رحلاتهم مرجعاً للباحثين والعلماء والمفكرين والمثقفين،،لأنهم أصدق من كتبوا ووصفوا الرحلة الروحية وماشاهدوا وتعرضوا له . وغالبا تلك الرحلات تتعرض للمخاطر الطبيعية وغير الطبيعية ، ولعل ماتعرضت له رحلات الحج عبر التاريخ نذكر منها ما قام به أرناط الصليبي عام ( 578 )عندما قتل الحجاج ودمَّر أشهر موانئ الحجاز في ذلك الوقت ميناء الحوراء، وقتل الحجاج وأحرق وأغرق سفنهم وكل مافيها من مؤنة الحج . ومن الأحداث الأخرى التي تستحق الذكر:عندما نام حاج في محطة الحجاج بأملج ( الحوراء )، وأثناء نومه رأى رؤيا أن أحفِر بئرا في هذا المكان، فحقق ما رأى، وحفر البئر فتدفق الماء العذب بغزارة الي وقتنا الحالي، وهذا البئر هو بئر ( الوحيدي ) أشهر آبار طرق الحج الحجازي الشمالي . وكذلك نذكر أخيرا ماتعرض له الرحالة الشهير ابن بطوطة من معاناة في رحلته للحج أجبرته عن تأخير الحج. وفي الختام، هذه الأحداث جزء مما يتعرض له الحجاج في رحلاتهم والتي كانت محفوفة بالمتاعب والمخاطر، واستمرت هذه حتى سخر الله سبحانه قيام الدولة المباركة المملكة العربية السعودية والتي اهتمت برحلة الحج من بدايتها إلى نهايتها وسخرت كل الإمكانيات وسهلت كل الصعاب وقضت على كل التحديات والمخاطر حتى صارت رحلة الحج سهلة ميسرة مفعمة بالأمن والأمان والاستقرار والطمأنينة والراحة والسكينة باستمرارية ومتابعة إلى يومنا الحاضر وهي مازالت تبذل كل الإمكانيات الحديثة والتي توافق المرحلة والجودة والإتقان، كل ذلك من أجل خدمة الحاج لبيت الله الحرام لأداء مناسك الحج والعمرة في يسر وسهولة . ومن أراد ان يتعرف على الجهود المبذولة التي يسرت وسهلت الحج والعمرة وحفتها بالأمن والأمان والسلامة والصحة، فليشاهد عن قرب ويسأل عن المليارات التي دفعت من أجل الوصول إلى هذه الفخامة والرقي والتطور في كل المجالات التي تخدم الحاج والمعتمر وتسهل له كل الإمكانيات لأداء الفريضة بكل روحانية وسكينة . هذه الجهود المباركة من قيادتنا الحكيمة، بذلها خادم الحرمين الشريفين -حفظه الله-، لتكون واقعا ملموسا، ولتبقى الخدمات والإمكانيات في الحرمين شاهدا على كل مابذل، فجزاهم الله خيرا وحفظهم .