توقيف رجل في بريطانيا بعد هجوم إلكتروني عطل مطارات أوروبية    السطو على منزل روبرتو مارتينيز المدير الفني لمنتخب البرتغال    أهالي المنطقة يحتفلون باليوم الوطني ال 95 للمملكة    ترمب للقادة العرب: لن أسمح لإسرائيل بضم الضفة الغربية    وكيل الوزارة للشؤون الدولية المتعددة يشارك في الاجتماع الوزاري المشترك بين دول مجلس التعاون والمملكة المتحدة    وصول الطائرة الإغاثية السعودية ال65 لإغاثة قطاع غزة    سوق الأسهم السعودية يغلق مرتفعا 550 نقطة    الرئيس الفرنسي: إعلان نيويورك حل الدولتين يمثل أساسًا لإنهاء الحرب في غزة وتعزيز الحل العادل للقضية الفلسطينية    أبناء وبنات مجمع الأمير سلطان للتأهيل يزورون مرضى مجمع الدمام الطبي    هيئة جائزة الملك سلمان العالمية لأبحاث الإعاقة تعقد اجتماعها الأول للدورة الرابعة    محافظ الأحساء يرعى احتفال اليوم الوطني 95    إنطلاق فعاليات الاحتفاء باليوم الوطني ال95 بمدارس تعليم جازان    رحيل المفتي العام السابق الشيخ عبدالعزيز آل الشي "إرث علمي وديني خالد "    "أخضر التايكوندو يهدي الوطن 11 ميدالية في يومه الوطني ال95"    "هيئة الأمر بالمعروف" تشارك في فعاليات اليوم الوطني 95    القبض على مواطن لترويجه الحشيش وأقراصا خاضعة لتنظيم التداول الطبي بجدة    (الهفتاء ) يتلقى تكريمًا واسعًا من إعلاميي السعودية والعالم العربي    السعودية.. مسيرة نجاح بقيادة حازمة ورؤية طموحة    المشرف العام على مركز الملك سلمان للإغاثة يلتقي المدير التنفيذي لبرنامج الأمم المتحدة للمستوطنات البشرية    القيادة تهنئ رئيس جمهورية غينيا بيساو بذكرى استقلال بلاده    محافظ صبيا يرعى احتفال الأهالي باليوم الوطني ال95    مشاركة واسعة من الأهالي والزوار في فعاليات المنطقة الشرقية في اليوم الوطني 95    «ناسا» تكشف عن فريقها ال24 من روّاد الفضاء 23 سبتمبر 2025    ارتفاع أسعار النفط    الأمير سعود بن مشعل يشهد الحفل الذي أقامته إمارة المنطقة بمناسبة اليوم الوطني 95    جمعية المودة تهنئ خادم الحرمين الشريفين وسمو ولي العهد باليوم الوطني السعودي ال95.    وزارة الداخلية تختتم فعالية "عز الوطن"    تمكين السياحة.. إبراز الهوية وتعزيز المكانة العالمية    فقيد الأمة: رحيل الشيخ عبد العزيز آل الشيخ وعطاء لا يُنسى    47 منظمة إنسانية تحذر من المجاعة باليمن    تعزيز الابتكار الصناعي مع الصين    «كروز» ترسخ مكانة السعودية في السياحة البحرية    الملك سلمان: نحمد الله على ما تحقق من إنجازات في بلادنا الغالية    تغلب على الأهلي بثلاثية.. بيراميدز يتوج بكأس القارات الثلاث «إنتركونتنتال»    أوقفوا نزيف الهلال    قصص شعرية    أحلام تتألق في الشرقية بليلة غنائية وطنية    علماء يبتكرون خاتماً لاحتواء القلق    الكرة في ملعب مسيري النادي أيها الفتحاويون    القيادة تتلقى تعازي قادة دول في مفتى عام المملكة    الصحة تحذر من تفاقم الأزمة الإنسانية.. مستشفيات غزة على وشك التوقف    المشي يقلل خطر الإصابة بآلام الظهر المزمنة    «الأخضر الصغير» يتأهل لمربع الخليج    فيصل بن مشعل يرعى مسيرة اليوم الوطني واحتفال أهالي القصيم    القوات الخاصة للأمن والحماية تشارك في مسيرة احتفالات اليوم الوطني السعودي ال(95) بمحافظة الدرعية    المحائلي تبدع بالفن التشكيلي في اليوم الوطني ال95 رغم صغر سنها    محافظة طريب تحتفل باليوم الوطني ال95    الدفاع المدني يشارك في فعالية وزارة الداخلية "عز الوطن" احتفاءً باليوم الوطني ال (95) للمملكة    الاتحاد يتأهل لثمن نهائي الكأس على حساب الوحدة    نمو أقوى في 2025 و2026 للاقتصاد الخليجي بقوة أداء القطاعات غير النفطية    صلاة الغائب على سماحة المفتي العام للمملكة في المسجد النبوي    الهلال الأحمر بالقصيم يكمل جاهزيته للاحتفال باليوم الوطني ال95 ومبادرة غرسة وطن وزيارة المصابين    الأحساء تشهد نجاح أول عملية بالمملكة لاستئصال ورم كلوي باستخدام جراحة الروبوت    أمير جازان ونائبه يزوران معرض نموذج الرعاية الصحية السعودي    المشي المنتظم يقلل خطر الإصابة بآلام الظهر المزمنة    فضيلة المستشار الشرعي بجازان: " قيادة وشعبًا متماسكين في وطنٍ عظيم "    حفاظاً على جودة الحياة.. «البلديات»: 200 ألف ريال غرامة تقسيم الوحدات السكنية    عزنا بطبعنا.. المبادئ السعودية ركيزة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



المجتمع السعودي وثقافة الفوضى
نشر في البلاد يوم 05 - 09 - 2011

لا توجد علاقةً بين المجتمع السعودي من جهة وبين القيم الانضباطية والنظام من جهةٍ أخرى،هذا سيكون رأي من يقارن بين مجتمعنا وبين حال غالبية مجتمعات الدنيا،فطريقة حياة المجتمع السعودي تعتمد على مجموعةٍ من منظومات الفوضى المعقدة والدقيقة،فمنذ عشوائية الولادة وعدم التخطيط والاستعداد لها من قبل الأهل،ومروراً بحالات تبديل الأطفال العجيبة في مستشفياتنا المصونة!! ثم حالة الفوضى العامة في جميع مراحل العمر ومشاويره ،ونهايةً بفوضى الموت والقبور! وقد يبدو للمتأمل في طريقة الحياة السعودية أنّ هذا المجتمع عاشقٌ للفوضى وكارهٌ للنظام! ولكنّ الحقيقة أنّ الطبيعة البشرية في كل مكانٍ مياّلةٌ للفوضى ومبغضةٌ للقيود والواجبات،ولذلك فالنظام والانضباطية أمورٌ تحتاج إلى قوةٍ قادرةٍ ونافذة في بداية الأمر لزرعها في نفوس الناس وطبائعهم، ثم تحتاج بعد ذلك إلى مراقبةٍ تضمن عدم تفلت الناس منها وعودتهم إلى فطرتهم الميّالة للهمجية والفوضى،وفي مرحلة مابعد زراعة القيم ومراقبة نموها ودوامها سيتكون الوعي الجمعي الانضباطي الذي يشكل الضمانة الأكبر على تشكيل منظومةٍ القيم الانضباطية في المجتمع ومراقبتها والمحافظة عليها،كما سيقوم هذا الوعي المجتمعي بعملية التطوير والتنقيح المستمر التي تحتاج لها كل المنظومات والقيم والإخلاقية مما يمكنها من البقاء وملاءمة الناس وتلبية حاجاتهم. وفي تلك النقطة-أعني زراعة القيم والانضباط- أخفقنا في مجتمعنا السعودي ونجحت غالبية مجتمعات الدنيا،وسأحاول في مايلي أن أجيب عن سؤال: لماذا أخفقنا ونجح الآخرون؟
طوال العقود الماضية لم يكن هناك صوتٌ في مجتمعنا سوى صوت التيار الذي سيطر على مفاصل المجتمع وأماكن صناعة العقول وتكوين الشخصية الاجتماعية،وقد دأب البعض في هذا الخطاب على تشويه سلوك الناس والمبالغة في التحذير منهم، فقام بزرع الشك والتوجس في نفوس الخلق من بعضهم البعض،كما مارس القمع النفسي والاضطهاد المعنوي على جميع أشكال العفوية والفرح والبساطة،ثم قام بالترهيب المبالغ فيه والوعيد القاسي وغير المبرر تجاه كل ماكان في المجتمع من قبله.
كل هذه الأخطاء الكبيرة والمتواصلة التي وقع فيها مع غياب التهذيب والنظام كقيمٍ عليا من أدبيات هذا الخطاب ساهم كل ذلك في تشكيل الشخصية المضطربة والمتوترة والتي من أبرز صفاتها الأنانية المفرطة التي تخوّل صاحبها أن يتصرف وفق مصالحه وحاجاته فقط بغض النظر عن أحقيّته بها وبغض النظر عن تقاطعها أو تعارضها مع مصلحة الغير وحاجاتهم، فأصحاب هذه الشخصيات المضطربة يرون وقتهم أثمن من أوقات الآخرين ويرون حاجاتهم أكثر إلحاحاً من حاجات الآخرين ،ولذلك فهم لا يعترفون بنظام الأولوية ولا بثقافة الطابور والانتظار، فنحن نرى جيل التدين الظاهري والجاف والذي يتورع عن بعض الصغائر تورعاً عظيماً ويغلظ في انكارها والتشنيع على مرتكبها، بينما لا يتورع عن مخالفة الأنظمة واتّباع النمط الهمجي رغم تعارض هذا مع تعاليم الإسلام الكلية ومقاصده العليا،وهذا من آثار الصحوة في هذا المجتمع ومن جنايتها عليه.
ثم يأتي بعد ذلك فشل نظامنا التعليمي في زرع قيم النظام والانضباط في نفوس الناشئة،فجميع الأنظمة التعليمية في المجتمعات المتقدمة تحرص على زرع هذه القيم وتنميتها،كما تعلي من شأنها وتغلظ في معاقبة وردع من يتجاوزها،وهذا ليس متوفراً في نظمنا التعليمية التي تعتمد على الفوضى في جميع مناحيها الإدارية والتعليمية،وقد فشل نظامنا التعليمي أيضاً في زرع ثقافة التخطيط المسبق والنظر البعيد وهذا من أعظم جنايات هذا النظام التعليمي البالي والمتهالك الذي يدير العملية التعليمية وفق المبدأ الأرتجالي والعشوائي قصير النظر،ولذلك تعلم الفرد السعودي أن يقضي جل حياته مرتهناً للساعة الأخيرة في كل حدث،فالناس لا تخطط لإجازاتها وسفرياتها إلاّ قبل أيامٍ من موعد السفر،والناس لا تشتري ماتحتاجه للعيد والمناسبات سوى في الليلة الأخيرة قبل المناسبة،وقل مثل ذلك في المستلزمات الدراسية وجميع الأمور التي يستطيع الإنسان أن يخطط لها سابقاً من المناسبات والمواسم التي لها موعدٌ محدد يعرفه الجميع.
وقد أعان على تخلق ثقافة الفوضى لدينا في المجتمع السعودي وجود كثيرٍ من الأنظمة الحكومية المعقدة وغير المبررة،مما جعل الناس تحتال عليها وتتملص منها،ومع مرور الوقت أصبحت مخالفة الأنظمة العقيمة أمراً مستساغاً ومقبولاً من الجميع مما جعل الناس تخالف حتى الأنظمة الوجيهة والمنطقية والتي يجب أن يلتزم بها الناس، وهذه نتيجةٌ طبيعية لمن كان على علم بسلوك الأمم والتجمعات البشرية،وقد أنتجت هذا الأنظمة العقيمة ثقافة الواسطة الفجّة وجعلتها طابعاً واضحاً للفرد السعودي.
وحيثما تفشت الواسطة فستنجب الرشوة والفساد وهذا مانراه واقعاً اليوم،وبعد أن أصبحت قيادة المركبات في شوارعنا ضرباً من الانتحار وأصبح ضحاياها أكثر من ضحايا الحروب والكوارث!! تم تطبيق نظام ساهر، وهو النظام الأعظم والأكثر نفعاً في تاريخ السعوديين،فلا دور للعنصر البشري والواسطة فيه ولا فرق بين سائقٍ وآخر،وكم يتعجب المرء حينما يرى المعارضة العنيفة له من أغلب أفراد المجتمع!! ورغم بعض الأخطاء الفنيّة في النظام إلاّ أنّ معارضته بهذا الشكل لا تدل إلاّ على أمرٍ وحيد وهو أنّ الفرد السعودي تشرّب الفوضى فلم يعد يطيق صبراً على النظام ولو كان لحفظ حياته،وهذه أعلى درجات الفوضى والهمجية،فنظام ساهر ليس غراماتٍ تفرض على الناس بل هو عقوبةٌ للمخالفين فكيف يحتج أحدٌ على عقاب المخالف الذي يهدد حياة الناس؟؟ وقد عارضوه بدعوى أنّ ذوي الدخل المحدود يصعب عليهم تسديد مخالفاتهم!! وكأنّ ساهر ضريبة تم فرضها عليهم وليس مخالفة تستطيع تركها والالتزام بالإنظمة ولن يأتيك أحدٌ ليطالبك بمخالفةً لم ترتكبها، وعارضوه بغير ذلك من الحجج الواهية والأعذار الغريبة كتصوير النساء وغيرها من السخافات المضحكة! والتي تفسر لنا كيف أصبح مجتمعنا يضيق بالنظام ويتبرم منه ويختلق الحجج والأعذار لمخالفته،ومن كان في شكٍ من أمر مجتمعنا وفوضويته العجيبة فليجرب أن يذهب في أيام الأعياد أو المناسبات إلى أحد المجّمعات التجارية التي أصبحت أكثر من المستشفيات والجامعات في بلدنا ثم لينظر كيف يتصرف رواد هذه المجمعات وكيف يبدعون من صنوف الفوضى مالم يسبقنا إليه شرقٌ ولا غرب،ثم ليجرب أن يتصرف بنظامٍ وتهذيب وسيكتشف كيف يتم نبذه والاستغراب منه بوصفه نقطة نظامٍ بيضاء في سواد الفوضى الطاغية.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.