✒تعد معارض الكتاب من أبرز جوانب التواصل والتكامل الثقافي محلياً ودولياً ومظهراً مهماً للتواصل والالتقاء والانفتاح على الآخر فهي تظاهرات ثقافية كبرى تجمع الكتب والناشرين والقُراء على اختلاف مشاربهم وتخصصاتهم وبلدانهم تحت سقف واحد فتخلق بذلك مساحة للتواصل المباشر مما يشكل فرصة حقيقية للتعارف وتعزيز العلاقات والروابط الثقافية والأدبية والمعرفية وتبادل الخبرات والتجارب سواء بين الأفراد أو بين مؤسسات النشر المشاركة المحلية منها والخارجية مما يجعل من هذه المعارض مواسما ثقافية تجسد مدى الترابط الثقافي والإبداعي على مختلف المستويات المحلية منها والعربية والعالمية وبصفة عامة تعد ربحاً ثقافياً ثميناً للقُراء والباحثين فهي تجعل مختلف الكتب والمعارف في متناول أيديهم، وتولد فضاءات واسعة للنقاشات والحوارات المباشرة والهادفة بينهم وبين الكُتاب والناشرين من خلال الندوات والفعاليات واللقاءات المختلفة والتي عادة ما ترافق معارض الكتب وتجعل لإقامتها أبعاداً تتجاوز النظرة القاصرة لهذه المعارض من كونها مجرد سوقاً مشتركة لعرض الكتب وبيعها لذلك تبقى هذه المعارض من الأهمية بمكان لدى الكاتب والناشر على حد سواء، فهي فرصة للتواصل المباشر وتبادل الخبرات والتجارب بين دور النشر المختلفة ناهيك عن الفائدة الاقتصادية العائدة على هذه الدور من خلال مبيعات الكتب، وأيضا الجانب الدعائي المرافق فأغلب دور النشر تجد في هذه المعارض فرصة لطرح ما لديها والتعريف بنفسها في الأماكن والدول التي تقام فيها هذه المعارض وبين الجمهور الحاضر فيها خاصة عندما يكون هذا الجمهور كبيراً ومهتماً ومن مختلف الدول.. كما أن المؤلفين على مختلف مشاربهم وتخصصاتهم يجدون في هذه المعارض فرصة للاحتفاء بمؤلفاتهم وإشهارها وتداولها من خلال منصات التوقيع وكذلك الندوات والفعاليات واللقاءات المرافقة لهذه المعارض والتي تأتي على هامشها وبالتالي تخلق بيئة مثالية للتواصل والالتقاء والتعارف بين المبدعين الوافدين من الداخل و الخارج مما يشكل إضافات مهمة للمشهد الثقافي بكافة جوانبه فلا ثقافة دون قراءة ولا قراءة دون كتاب. على الرغم من المؤشرات الإحصائية التي تتحدث عن تدني مستوى القراءة في مجتمعاتنا العربية مقارنة بالأمم الأخرى، وكذلك ظهور الكتاب الإلكتروني ومنافسته للكتاب الورقي من حيث سهولة الوصول إليه والحصول عليه غالبا دون ثمن إلا أن الكتاب الورقي لا زال له هيمنته وحضوره الطاغي لدى القارئ العربي فمن الملاحظ أن معارض الكتاب في تطور لافت من عام لآخر وذلك من حيث الإعداد والتحضير وكذلك من حيث الحضور والمشاركة فهناك دور نشر جديدة تسعى جاهدة ليكون لها بصمتها وحضورها في هذه المعارض وكذلك جيل من الشباب الذي يحرص على نشر إبداعته وبالتالي توقيعها في منصات التوقيع المقامة في هذه المعارض وهو عبارة عن تقليد جديد دئبت عليه دور النشر خلال معارض الكتاب المختلفة حيث يقوم الكاتب بالتوقيع على كتابه وإهدائه في فعالية احتفالية تنظمها دار النشر الخاصة بكتابه ويعد هذا التوقيع دعاية للكاتب وتسويق للكتاب في ذات الوقت، حيث تمنح الكاتب مساحة من الحضور الإعلامي وبالتالي تسلط الضوء على الكتاب فيكون هذا نوعا من الترويج والتسويق الغير مباشر. كما أن هناك جانب آخر مهم لإقامة هذه المعارض وذلك إن إقامتها كتقليد سنوي في مدن عربية مختلفة وفي أوقات تختلف عن بعضها يجعل المشهد الثقافي العربي في حراك مستمر وفي تجدد ونشاط دائم الأمر الذي يحفز على مزيد من الإبداع ويجعل هذا الحضور الثقافي من خلال معارض الكتاب رافدا ومعززا لمستوى الثقافة العربية وانتشارها والذي سينعكس إيجابا على كافة الأصعدة.