أوصى إمام وخطيب المسجد الحرام فضيلة الشيخ الدكتور "سعود بن إبراهيم الشريم" المسلمين بتقوى الله في السر والعلن والغضب والفرح؛ لأن العاقبة للتقوى. وقال في خطبة الجمعة التي ألقاها اليوم في المسجد الحرام : "خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم على أصحابه ذات يوم وقال لهم إنما مثلي ومثل ما بعثني الله به كمثل رجل أتى قومه فقال يا قوم إني رأيت الجيش بعيني وأنا النذير العريان فالنجاة فأطاعه طائفة من قومه فاد لجوا فانطلقوا على مهلهم فنجوا وكذبت طائفة منهم فأصبحوا مكانهم فصبحهم الجيش فأهلكهم واجتاحهم فذلك مثل من أطاعني فاتبع ما جئت به ومثل من عصاني وكذب بما جئت به من الحق". وأضاف: "هذا حديث صريح صحيح من مشكاة النبوة الحقة من تأمله بخالص فكره وعدل منطقه ليوقنن أن ملامح ما ذكره النبي صلى الله عليه وسلم قد بدأت في الظهور على فترة من الاعتزاز بالدين والعلم وإبان طفرة طاغية من الظواهر المعلوماتية والهيجان الثقافي والتي تصب في قالب واحد هو جعل العالم كله كالكتلة الواحدة دون تميز وقد بذلت جهود أجنبية عن الإسلام يساندهم فيها بعض السذج من بني الإسلام بجهود لا تقل أثرا عن الآخرين على إضعاف الثقة بالإسلام وبتشريعه وثقافاته وآدابه وقدرته على تسيير شؤون الحياة الدينية والدنيوية على حد سواء على أن يولد هذا الضعف لدى العوام من المسلمين رضا ببعض الإسلام الذي تلقوه من كتاب ربهم وتعلموه من سنة نبيه صلى الله عليه وسلم". وأضاف: "والجهود مبذولة من قبل أعداء الإسلام في أن يرو في واقع المسلمين إسلاما منقوصا في الحقيقة… ومنقوض العرى والوشائج لا ينبغي أن يتدخل في شؤون التشريعات كافة دون استثناء أو يقتلع من السلوك العام ما يخدش قيمه ويمس مثله الرفيعة بحيث لا يبقى من الإسلام إلا اسمه، أو على أقل تقدير الإبقاء على ضرورات الزمن كفيل بزوالها أو بتغير المفاهيم تجاهها؛ لتأتي أجيال مهيأة لقبول مثل هذه الصور المشوهة للإسلام فيألف البعض التفلت من المسلمات مع تنصل عن الإنصاف وبعد عن الطرح النجيح الموافق للعقل الصريح والشرع الصحيح". وبين أنه قد سيطرت الثقافة العالمية المعاصرة طوال هذه الفترة سيطرة محكمة زاد في إحكامها وغلبتها الطوفان الإعلامي والإعصار المعلوماتي حتى غطت ما تغطيه الشمس فبلغت كل ملجأ ومغارات ومدخل, حيث غيرت هذه الثقافة مظاهر الحياة وطريقة العيش حتى أصبحت لدى كثيرين أمرا لامناص منه ولو كان على حساب أصالة الدين والإسلام الصحيح. وقال فضيلته: "نعم نحن لا ننكر أن في الثقافة العالمية المعاصرة ما ينفع مما يقتضيه الاختيار العقلي والمنفعة العلمية شريطة ألا يجرنا ذلكم إلى تهميش ما شرعه الله لنا أو التمسك به على تخوف أو استحياء لأن أسوء ما يمكن أن يفكر به أهل الإسلام ألا يكون لديهم ثقة كاملة بشريعتهم أو أن ينال هذه الثقة شيء من الوكزات الجارحة". وزاد إمام وخطيب المسجد الحرام: "لا عجب عباد الله حين أن نرى تصورات الناس تجاه الثقافات العالمية بمن فيهم المسلمون منسجمة معها منقادة مهما كانت تتناقض أو تتعارض مع روح الثقافة الدينية الشرعية ولقد كان سبب هذا التأثير أمران اثنان، أحدهما القوة المادية والمعنوية لغير المسلمين التي تعاظمت في جميع مناحي الحياة باجتماع للثالوث العسكري والاقتصادي والسياسي , وثانيهما قلة الثقة والضعف في إذكاء الثقافة الإسلامية الأصيلة وإبرازها على وجهها الصحيح والشجاعة والإتقان في بيان محاسنها وأثرها على الكون والحياة وهي الربانية المحكمة لأنها صبغة الله {ومن أحسن من الله صبغة ونحن له عابدون}". ومضى يقول: "ولو ألقينا نظرة مقارنة لبعض أهم ما يتكئ عليه أصحاب الثقافات العالمية والمعجبون بها من المسلمين وغير المسلمين لوجدنا محاور شتى في المفارقة بين أصالة الإسلام الحقة وبين الثقافة العالمية المعاصرة ولنضرب مثلا لبعضها فالمحور الأول هو أن الإسلام حق من عند الله وأن شرعه صالح لكل زمان ومكان وأنه لا يتطرق إليه التحريف ولا التزييف فأصوله ثابتة محمية بحماية الله لها والمرء المسلم يعرف أدق التفاصيل عن نبيه صلى الله عليه وسلم مع أنه مضى على وفاته 14 قرنا من الزمان وزيادة، وربما يعرف نبيه صلى الله عليه وسلم أكثر من جاره وربما أكثر من عمه وبني عمه بخلاف غير الإسلام فإما أن تكون ديانات لا تؤمن بالله و لا باليوم الآخر، أو تؤمن بذلك إيمانا غير مسنود على ما يقنع؛ لأن الوضع البشري هو الطاغي عليها". وأردف قائلا: "أما المحور الثاني فهو محور العدل وهو في الثقافة العالمية ذات البريق اللامع كغيره من القيم الأخلاقية تحدده النسبية مع القابلية أن يوزن بميزانين أو يكال بمكيالين حسب المصالح الخاصة ما لم يكن المسلمون فيه طرفا فحين إذا يجمعون على عدم تطبيق معيار العدل معهم وما وضع إخواننا في سوريا بخاف علينا جميعا ولو قارنا بين الإسلام بثقافته الأصيلة وبين الثقافة العالمية المقنعة في مجال الأعمال العسكرية لرأينا العدل في الإسلام شاهرا ظاهرا". وقال إمام وخطيب المسجد الحرام: "إن المسلمين هم أكثر الناس آلاما ولعل أرضهم وديارهم وأموالهم هي التي يستنسر فيها البغاة ومحافل الثقافة العالمية المعاصرة تصف الطريد المالك إرهابيا لا حق له وتجعل اللص الغالب على المقدسات والأوطان رب بيت محترما".