حمل عدد أكتوبر 2021 من مجلة "الدارة" العلمية المحكمة، الصادرة عن دارة الملك عبدالعزيز، أربعة بحوث علمية تنوعت مواضيعها بين الجوانب التاريخية والآثارية والأدبية. وتناول البحث الأول بعنون (المصادرات المالية في عهد السلطان الأشرف قايتباي في الفترة 872-901ه / 1468-1496م)، من إعداد الدكتور عبدالعزيز بن فايز القبلي من قسم التاريخ بكلية الآداب في جامعة الملك سعود، دراسة تاريخية تحليلية عن ظاهرة المصادرات المالية التي كانت سِمة بارزة اتسم بها ذلك العهد، لتنشيط الخزينة المملوكية، حيث ركّزت الدراسة في الأسباب والدوافع التي أسهمت في انتشار تلك المصادرات من مختلف الشخصيات العسكرية والمدنية، وأثرها في السلطة المملوكية وفي فئات المجتمع سياسيًا، واجتماعيًا، واقتصاديًا، وإداريًا، وما الأساليب التي استخدمتها السلطة المملوكية في مصادرة تلك الأموال؟ وما موقف العلماء والقضاة منها؟. وجاء البحث الثاني بعنوان (نقش شاهدي من مقبرة المعلاة لامرأة تسمى: فاطمة بنت عبدالله بن عبدالملك الخريجي)، من إعداد الدكتورة زهراء بنت أحمد الزيلعي من قسم الآثار بكلية السياحة والآثار في جامعة الملك سعود، حيث يدرس البحث نقشًا من نقوش قبور مقبرة "المعلاة" الشهيرة في مكةالمكرمة، وهو محفوظ مع مجموعة من الأحجار الشاهدية في متحف الآثار والتراث بمكةالمكرمة، وتعود إلى حقبة تاريخية تمّتد خلال الفترة من (ق1-5ه / 7-11م)، وقد انتقي هذا النقش من ضمنها لحتوائه على صيغ من الأدعية بعضها نادر جدًا، فضلًا عن كونه يحمل اسم امرأة نسبتها تحتمل عدة قراءات، ترجح الدراسة منها قراءة (الخريجي)، التي يُنسب إليها الكثير من اسرة تنتشر في مناطق مختلفة من المملكة العربية السعودية، وقد كُتب النقش بخط كوفي متقن خالٍ من الإعجام ومجرد من تحليات أو ليونة في حروفه، وهو ما يؤهله لأن يكون من النماذج الكوفية التي تُحتذى، ولا سيما تلك المنسوبة إلى مكةالمكرمة وإلى الحجاز بصورة عامة. أما البحث الثالث والموسوم ب (جهود المملكة العربية السعودية لإحياء سكة حديد الحجاز 1344-1402ه / 1925-1982م)، الذي أعده الدكتور محمد بن عبدالرحمن السلامة، من قسم التاريخ في كلية اللغة العربية والدراسات الاجتماعية بجامعة القصيم، فتناول تلك المحاولات لإعاده إحياء سكة حديد الحجاز الممتدة من مدينة دمشق إلى المدينةالمنورة، التي دُمرت في أثناء أحداث الثورة العربية عام 1334ه / 1915م، وذلك خلال الفترة الممتدة من عهد الملك عبدالعزيز حتى توقفت تلك المحاولات في عهد الملك خالد، فيسلط البحث الضوء على الجهود الرسمية التي بذلتها الدولة السعودية مع الدول المعنية بالسكة، والسلطتين البريطانية والفرنسية، وأهم الاجتماعات والمؤتمرات التي عُقدت لتحقيق ذلك، ونتائجها، وفي نهاية البحث جاءت الخاتمة المتضمنة للنتائج التي توصل إليها الباحث. وجاء البحث الأخير بعنوان: (مدرسة المدينةالمنورة في رواية الشعر في القرون الثلاثة الأول بين الانبعاث والأفول)، وهي دراسة وصفية تحليلية من أعداد الباحث الأستاذ إبراهيم بن سعد الحقيل من إدارة التعليم بالمجمعة، حيث تناول نشأة مدارس رواية الشعر، وأسباب نشوئها، وأشهرها مدرستا العراق: البصرة والكوفة، وعُني البحث بوجه خاص بمدرسة المدينةالمنورة التي رأى الباحث أنها لم تحظ بالدرس الكافي، فناقش نشأتها من الناحيتين التاريخية والأدبية، وذكر أسباب تلك النشأة، والمراحل التي مرت بها، وتمثلت في الرُّواد من روات، ثم الرواة الجُمّاع، ثم الرواة المصنفين، واختتم البحث بتتبع خصائص المدرسة المدنية التابعة من سمات رواتها والمصنفين فيها، وخلص إلى أن للمدينة المنورة قدم سبق في رواية الشعر، وأن لرواتها أثرًا في روايته وتدوينه، لكن قوة المركز في بعداد والكوفة والبصرة أخفت صوتها، وجعلتها شبه منسية، وهو ما يدعو إلى مزيدٍ من البحث والتنقيب في المصادر لناء صورة حقيقية عن مثل هذه المراكز العلمية.