عبرت أمانة مجمع الفقه الإسلامي الدولي المنبثق عن منظمة التعاون الإسلامي عن استيائها وتألمها من استمرار بعض الصحف الأجنبية في نشر رسوم كاريكاتورية مسيئة لرسول الله محمد صلى الله عليه وسلم المبعوث رحمة للعالمين. واستنكرت أمانة مجمع الفقه الإسلامي الدولي، باسم علماء الأمة والفقهاء الممثلين في مجلس المجمع ، بشدة استمرار نشر تلك الرسوم المسيئة إلى نبي الإسلام صلى الله عليه وسلم وتكرارها، مما يعبر عن فساد الطوية وسوء القصد والإصرار على البغي. وأوضح أمين مجمع الفقه الإسلامي الدولي الأستاذ الدكتور أحمد خالد بابكر أن أمانة المجمع أكدت في بيانها مجددًا على أن ارتكاب مثل هذه الحماقات الرعناء تثير موجات من الغضب الشديد والاستياء الغامر لدى أفراد الأمة الإسلامية، وتؤجج فتنًا ناعرة ومحنا خامدة ، وأن مرتكبي هذه التصرفات الماكرة قد ناصبوا العداء لأمة الإسلام قاطبة، مستفزين مشاعر أفرادها، وهم بذلك يسعون في تدمير أواصر الاحترام بين المسلمين وأهل الكتاب. وقال لقد أوضح المسلمون بجلاء أن للرسول محمد صلى الله عليه وسلم مكانة عظمى لا توازيها مكانة، فهو أولى بالمؤمنين من أنفسهم، كما وصف ذلك الله في قرآنه الذي أنزله: ( النَّبِيُّ أَوْلَى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنفُسِهِمْ وَأَزْوَاجُهُ أُمَّهَاتُهُمْ ) ولا يمكنهم تحمل أي إساءة توجه إلى نبيهم صلى الله عليه وسلم، ولا لأي نبي من أنبياء الله ورسله عليهم الصلاة والسلام. وأفاد أن المحرضين على الاستمرار في نشر الرسوم المسيئة لرسول الله محمد صلى الله عليه وسلم يقفون في الحقيقة موقفا معادياً بإثارتهم للكراهية والعنصرية . وأشار البيان إلى أن المحرضين على مواصلة نشر الرسوم المسيئة للرسول صلى الله عليه وسلم وصل بهم الأمر أن يقفوا ضمنا موقفا معاديا للوجود الإسلامي في بلدانهم، مع أن المسلمين يحرصون على حسن التعايش والاندماج الإيجابي، المبني على المشاركة الفعالة والمساهمة النشطة من أجل تقدم المجتمعات التي يعيشون فيها ونهضتها واستقرارها، وقد أثبتوا ذلك خلال العقود التي أمضوها في تلك البلدان، وكان ذلك منهم تأسيا بنبيهم واتباعا لكتابهم واقتداء بسلفهم الصالح. وأكد البيان أن مبدأ حرية التعبير عن الرأي إذا أضحى مطية للإساءة للآخرين فإنه يجب أن يصحح، مفهوما وتطبيقا، بما يمكن به احترام الآخر، وتجنب الإساءة إليه . وشدد على أن الرسول الكريم الذي يساء إليه اليوم هو الذي وضعت شريعته الإسلامية الخالدة قبل خمسة عشر قرنا مبادئ عظيمة وأحكاما فريدة للتعايش السلمي بين البشر كافة، مبنية على قواعد إيمانية راسخة، وأحكام تطبيقية متعمقة، مزيلة الفوارق العرقية والمادية، معتبرة البشر كلهم خلق الله، أبناء آدم تقوم علاقاتهم على التعارف والتعاون والسلام، قال تعالى: (يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ ). وبين أن آيات القرآن الكريم وأحكام الإسلام كانت الأساس المشهود في العلاقات الدولية في أوقات السلم والحرب، كما أن الرسول صلى الله عليه وسلم حرص في الدولة الإسلامية التي أقامها في المدينةالمنورة على التعايش السلمي والتفاعل الإيجابي مع أهل الكتاب من اليهود والنصارى والشعوب الأخرى كافة ، وضرب خلفاؤه من بعده وقادة المسلمين من بعدهم أروع الأمثلة في البر والقسط والعدل والاحترام مع غيرهم. وأكد بيان المجمع أن التعايش السلمي بين شعوب العالم ودوله لا يتحقق إلا باحترام التنوع الديني والثقافي، وأن معاداة نبي من أنبياء الله ورسول من رسله، أو الإساءة إلى رمز من الرموز الدينية أو النيل من مقدساتها تزعزع الأمن وتثير الفتن وتصيب العلاقات والتعايش السلمي بالتصدع، وتنذر بالصدام، والبشر في عالم اليوم لا يقبلون بثقافة استبعاد الآخر، خصوصا بعد التوقيع على الوثائق والعهود الأممية الدولية المتعلقة بحقوق الإنسان، ووجدت لحراستها منظمات وهيئات. وأفاد أنه انطلاقا من مبادئ السلام التي جاء بها الإسلام فإن أمانة المجمع تطالب تقديم من كان وراء نشر الرسوم المسيئة للمحاكمة، وتطالب الجميع أيضا - بلدانا وحكومات ومنظمات وأفرادًا - بالوقوف صفًا واحدًا تجاه كل من تسول له نفسه الإيقاع بين أتباع الديانات والثقافات لإحلال الفتن والصراعات بينهم وترجو منهم العمل على كل ما من شأنه إسكات الأصوات التي تطالب بمزيد من إشعال نيران الفتن .