تظل الحالة الصحية للرؤساء والزعماء والحكام، مثار جدل واسع، لما يترتب عليها من تحولات سياسية واقتصادية. وفي معظم أنظمة الحكم يصاحب أمراض الرؤساء تكتم شديد، يقابل ذلك شائعات وتكهنات لأجل معرفة الحقيقة. بل إن علل الرؤساء غالبا ما يستخدمها الخصوم لزعزعة نظام ما أو خلق بلبلة، وللسياسة حيلها تماما مثلما الحروب. وغالبا ما تلجأ الأنظمة إلى نفي أو إخفاء مرض المسؤول الأول، بل تعمد في بعض الحالات إلى تقديم دلائل صحة الرئيس رغم أنه طريح الفراش. وقد فتكت أمراض القلب والأوعية الدموية والشريان التاجي والسرطان بكثير من الزعماء عبر التاريخ. يعد مرض الزعماء في بعض الدول جزءا من الحالة الصحية للنظام السياسي، وأحد مركبات الأمن القومي، والحديث عنه يمثل في كثير من الأحيان إفشاء لأسرار الدولة، إلا أن مرض الرئيس أو الوزير يعد خبرا لا يحمل أي مفاجأة في أماكن أخرى من العالم. ويفسر بعض المحللين سبب إخفاء الحكومات حقيقة مرض الزعماء وعدم إعلانها للشعوب، بأن هناك علاقة وثيقة وقديمة بين السلطة والقوة. لذلك فإن رئيس الدولة يحرص على أن يبدو سليما معافى، ليوحي بأنه قوي مهاب. وبات الرؤساء يحرصون على أن يتم تصويرهم وهم يمارسون الألعاب الرياضية. ويمكن أن يغير المرض من شخصية الإنسان، لكن هذا التغيير يمكن أن يكون للأفضل في بعض الأحيان. ويعد الرئيس الأمريكي الأسبق فرانكلين روزفلت المصاب بشلل الأطفال مثالا على تحدي المرض، كما أن إصابة جون كينيدي بمرض «أندرسون» في الغدد الصماء، تبرز كيفية عدم كون المرض عاملا معوقا عن الوصول إلى أعلى المناصب. ورجال الدولة الذين تغلبوا على آثار أمراضهم، كانوا أكثر انضباطا وحكمة خلال فترة رئاستهم. ويؤكد التاريخ أن رئيس الوزراء البريطاني الأسبق ونستون تشرشل كان يعاني وعكات صحية متكررة، ولكن من دون أن يؤثر ذلك على رصانة خطابه، أو حتى على طاقته التي لا يصيبها الصدأ. وخلال ال 100 عام الأخيرة كان التردد والقرارات الخاطئة نتيجة لمرض القادة هو واحد من العوامل التي خلقت الحكومات الضعيفة. ومع ذلك ليس هناك كثير من البحوث التي ترصد العلاقة بين مرض القادة وضعف القرارات. وكشف إحصاء نشر في عام 2006 أن 29 % من رؤساء أمريكا عانوا أمراضا نفسية أثناء توليهم السلطة، وأن 49 % عانوا هذه الأمراض خلال فترة ما من حياتهم. وهذه نسب عالية خاصة عند مقارنتها مع نسب الإصابة بهذه الأمراض بين أفراد الشعب. ويشير اللورد البريطاني ديفيد أوين في كتابه «مرضى في السلطة» إلى أن سبعة رؤساء أمريكيين خضعوا لتحقيقات حول إصابتهم بأمراض عقلية أثناء توليهم مناصبهم بين عامي 1906 و 2006، وهم: تيودور روزفلت، وليندون جونسون «الهوس الاكتئابي»، ورديتشارد نيكسون «إدمان الكحوليات»، ووليم هاورد تافت «اضطرابات النوم»، ودوور ويلسون، وكيلفن كوليدج، وهيربرت هوفر «اكتئاب حاد». ويتعرض الزعماء للمرض بسرعة. فقد أصيب رئيس الوزراء التركي بولاند أجاويد بمرض الزكام المستمر، وعانى قرحة في المعدة، وصعوبة في التنفس قبل دخوله المستشفى ووفاته. وتوفي رئيس الوزراء الهندي السابق تشاندرا شيخار بالسرطان في نيودلهي عن 80 عاما. وكاد انسداد الشرايين يودي بحياة الرئيس الأمريكي بيل كلينتون. ومات الزعيم السوفيتي جوزيف ستالين في 5 مارس 1953 إثر نزيف في المخ. وتوفي أنطونيو سالازار في 1970 إثر جلطة دماغية بعد أن حكم البرتغال 36 عاما. وأنهت مشكلات في القلب حياة فرنسيسكو فرانكو رئيس الدولة الإسبانية في عام 1975 عن 83 عاما بعد نزاع دام 35 يوما مع المرض. وغيبت جلطة دماغية كيم إيل سونج رئيس كوريا الشمالية في يوليو 1994 ليخلفه نجله كيم جونج إيل. أما الرئيس الزائيري السابق موبوتو سيسي سيكو فقد توفي بمرض السرطان عام 1997 بمستشفى في الرباط بعد بضعة أشهر من منفاه، وحل مكانه لوران ديزيريه كابيلا. وتوفي والد الملكة إليزابيث الثانية جورج الرابع بعد صراع طويل مع السرطان نتج منه إزالة إحدى رئتيه. ويعتبر الزهايمر «باركنسون» هو مرض المشاهير وكبار الشخصيات والرؤساء .