"ما أشبه الليلة بالبارحة"، باتت عنواناً لما يحدث ب "دور الحماية" والتي تشرف عليها وزارة الشؤون الاجتماعية، فقد شهدت في فتراتٍ سابقة جملة من المخالفات والقضايا، والتي طالها الكثير من الإهمال، بخلاف ما يقع على المعنفات بداخل تلك الدور من عنف من قبل الأنظمة وبعض منفذيها في ظل هروبهم من عنف الأسر الذي قضى على حياتهم، فبدلاً من أن يتم إجراء الدراسات والبحوث لإيجاد حلول عاجلة تكفل بإعادة المياه لمجاريها، اكتفوا بأن يبقين مقيمات ولا غير ذلك. ولعل أبرز قضيتين شهدتهما بنات الحماية، هو ما حدثَ خلال فترة ثلاثة أسابيع فقط، فالقضية الأولى لفتاة في منتصف العقد الثاني من عمرها، كانت ضمن الفتيات المعنفات من قبل الأسرة وتحديداً أحد الأشقاء بالطائف، كذلك مشاركة اثنتان من شقيقاتها لذلك الهم حيث تقيمان بدار الحماية في مكةالمكرمة، وبعد أن استقرت أحوالها وتزوجت مودعةً تلك الدار، تعرضت للقتل هي وزوجها على يد شقيقها بأحد المراكز جنوبالطائف، إبان أن تواجدا في منزل والدها، وأنها كانت قد طلبت نصيبها من ميراث والدها المتوفى، وما كان عليه إلا أن أطلق عليها هي وزوجها سبع طلقات نارية من رشاش أودت بحياتهما، في واقعة مفجعة تبكي عليها شقيقاتها حتى اللحظة.
وفي الحادثة الثانية التي شهدتها محافظة جدة، الخميس الماضي، فوجئت فتاه من بنات الحماية، في بداية العقد الثالث من عمرها والتي كانت تعمل في أحد المحلات المؤنثة، حيث وفرَ لها عملاً مناسباً بحضور شقيقها والذي يصغرها بعشر سنوات، وبادرها بطلقات نارية أودت بحياتها داخل مقر عملها.
وأوضحَ مدير عام فرع وزارة الشؤون الاجتماعية بمنطقة مكةالمكرمة عبدالله بن أحمد آل طاوي، عن تعرض فتاة من دار الحماية والضيافة للقتل على يد شقيقها، وأن الفتاة أتت من خارج المنطقة، وتم استضافتها من الفريق الاجتماعي بعد أن اشتكت من تعرضها للعنف والمشاكل الأسرية، وعولجت من قِبل فريق متخصص نفسي واجتماعي وتحسنت حالتها، وتم توفير عمل لها لإخراجها من وضعها التي كانت عليه.
وقال "آل طاوي": "الفتاة كانت تعرضت لظروف نفسية وأسرية صعبة وكانت قادمة من خارج المنطقة، وتمت استضافتها في دار الحماية والضيافة، وباشر حالتها فريق متخصص نفسي واجتماعي واستجابت للعلاج، ورأى المتابع لحالتها توفير وظيفة لإخراجها من الوضع الذي كانت فيه، وتم إيجاد عمل لها بإحدى الشركات وسائق يقوم بتوصيلها من دار الحماية والضيافة إلى مقر عملها، وأضاف: "أتى شقيق الفتاة ودخل عليها بالشركة التي تعمل بها، وأطلق عليها النار"، مبيناً أن ذوي الفتاة كانوا على علم بوجودها في دار الحماية والضيافة.
ودعت الناشطة الاجتماعية والتوعوية روضة اليوسف، لتبني مقترحها فيما يخص دور الحماية من الإيذاء، وذلك من قبل الجهات الرسمية، بحيث تكون الإدارة والدور تحت إشراف وزارة الداخلية، وإنشاء إدارة خاصة للعنف الأسري في إدارات الشرط وتتكون من ضباط ومشرفين ومشرفات مختصين بقضايا العنف والإيذاء؛ ذلك من خلال تأهيلهم بدورات مكثفة من الداخل والخارج، وتأهيل الموظفين بدور الحماية، وتقنين التعيين للحارسات والمراقبات ومتابعة فكر وأسلوب وسلوك الموظفات أياً كانوا.
وأكملت: "من الضروري منع دخول الحارسات والمراقبات بحضور جلسات الحكم أو الاجتماعات الخاصة للحالات لعدم تسريب المعلومات واستغلالها في ابتزاز الحالات والتطاول عليهم في حال خلاف بين الموظفات والحالات"، مستدلةً على ذلك الأمر تحديداً فيما حدث ب"حماية الطائفوجدة"، وتوفير وكيل شرعي أو أخصائية الحالة نفسها لمرافقة الحالات، والاعتماد على السرية في ملف الحالات، وعدم احتكاك الموظفات بالحالات بشكل كبير، ووضع حدود للتعامل فيما بينهم".
وبينت: "لا بد من منع الجلوس والنوم في غرف الحالات وتكوين الصداقات بين الحالات والموظفات، بالإضافة لمنع إقحام الحالات في مشاكل الدار وما يحدث من مشاكل، وعدم إقحام الحالات، والعمل على متابعة الحالات من خلال هيئة حقوق الإنسان وتحديد متعاونين لمتابعة الحالة كطرف محايد، وتعيين محامين أو وكلاء للحالات المعنفة وحضورها معهم في جميع الاجتماعات".
وأشارت إلى أنه وعند دراسة الحالات والقضايا مع جميع الأطراف من قبل المختصين بالحماية يجب إعلام واطلاع الأطراف على المحاضر والتوقيع عليها، وعدم رفع أي تقرير بعد دراسة الحالات إلا بعد اطلاع الأطراف المتنازعة ويتم التوقيع عليها.
واعتبرت "اليوسف"، أن دار الحماية يجب أن تعامل الحالات معاملة راقية ولا يعاملون الحالات بداخلها كالسجناء، ولا يمنعون عن أي حق من الحقوق ومن ضمنها وسائل التواصل "الجوال" بحيث يقنن وأن يكون الاستخدام في غرفهم، وعند وجود أي تجاوز من الحالات من خلال سوء استخدام الجوال يعاقب المتجاوز بالمنع للفترة ولا يمنع الآخرين.
وأكدت أن تقويم سلوك الحالات المعنفة وتعزيز الثقة بأنفسهن وعدم ممارسة دور الوصي عليهن وأسلوب المراقبة والاتهام المسبوق بأن الحالات متمردة يسبب نفور وعدم تعاون من الحالات وتراكم المشكلة لفقدهم الأمان، بل النصح واحتواء الحالات بالحنان وإحساسهم بالأمان لمن يتعامل معهم من مختصين سبب في كسبهم والتفاهم معهم.
وطالبت "اليوسف"، بضرورة تفعيل دور المجتمع المدني والشراكة مع المختصين والنشطاء العقلاء والتعاون فيما بينهم بنشر الصورة الإيجابية بنقل دور الحماية الأساسي ومساعدة المجتمع الخارجي في محاربة العنف بالتوعية.
واختتمت بتأكيدها على نشر ثقافة أن الشرع والنظام والقانون والحقوق والواجبات هم أساس التعامل بين أفراد المجتمع والجميع، وأن الدولة والمجتمع والمؤسسات المدنية والحكومية والأفراد معاً ضد العنف أياً كان السبب، مستشهدةً بحقوق الإنسان والتي فتحت مكاتب في السجون، وأن دار الحماية يحتاج موظفين لمتابعة حالات العنف والدفاع عنهم ومتابعة الملفات بشكل حيادي.