رواد الصناعة يجتمعون مع انطلاق المعرض السعودي للترفيه والتسلية SEA 2025 والمعرض السعودي للإضاءة والصوت SLS 2025    انعقاد الاجتماع الخامس للجنة الشؤون الأمنية المنبثقة عن اللجنة السعودية الصينية المشتركة    اصطفاف القمر والزهرة وزُحل .. فجر الخميس    فريق نيسان فورمولا إي يتربع على منصة التتويج في سباق "طوكيو إي بري" بدعم من "بترومين" و"إلكترومين"    ارتفاع العملات الآسيوية    ترامب يختار تصميماً لدرع «القبة الذهبية» ويعين قائداً للمشروع    "العالم الإسلامي" ترحّب ببيان قادة بريطانيا وفرنسا وكندا بشأن غزّة والضفّة الغربية    مركز الملك سلمان لأبحاث الإعاقة يختتم مشاركته في المعرض الدولي للقطاع غير الربحي النسخة الثالثة    الدراسات العليا ضحية الميول الأيديولوجية    تركيب 200 مروحة رذاذ في ساحات الجمرات    "البيئة والزراعة" في حائل تطلق ورشة عمل    مدير عام الجوازات يتفقد جوازات منفذ البطحاء    المملكة رئيس شرف لحفل مئوية الاتحاد الإسلامي في بولندا    تحوّل دولي بدفع إقليمي ومبادرة سعودية رائدة.. الاتحاد الأوروبي يرفع العقوبات عن سوريا    أكدا على مكتسبات وفرص الرؤية..الخريف والإبراهيم: الاقتصاد السعودي يرتكز على الاستثمار وتقنيات المستقبل    القادسية يقترب من نخبة آسيا.. الاتحاد يعبر الشباب..و التعاون يصعق الرياض    "الاحتراف" تصدر تعميماً بشأن التسجيل الاستثنائي للأندية السعودية    "القادسية" يهيمن على منافسات كرة الماء    المملكة ثانياً على "العشرين" بمؤشر تطور تنظيمات قطاع الاتصالات    أمام خادم الحرمين الشريفين.. أمراء يؤدون القسم عقب صدور الأوامر الملكية بتعيينهم في مناصبهم الجديدة    تخريج الدفعة ال41 من ضباط الحرس الوطني    آلية تنظيم أعمال الجهات المختصة فيما يتعلق بمواقع الخردة.. مجلس الوزراء: إنشاء هيئة إشرافية للخدمات الصحية في وزارة الدفاع    رُبَّ كلمة طيبة تغير مصيرًا    أمريكية تركض بفستان زفاف بحثاً عن عريس    أمام خادم الحرمين الشريفين.. أمراء يؤدون القسم عقب صدور الأوامر الملكية بتعيينهم في مناصبهم الجديدة    عبدالعزيز النهاري.. سيرة أكاديمية مضيئة وحضور إعلامي ناجح    "مبادرات" لتنمية الوعي الموسيقي وتعزيز الثقافة    جائحة الشهرة.. مشاهير لم يبلغوا الحلم    اقتحام مقر المخابرات الليبية والبرلمان يطالب بالتحقيق    أثار غضبًا دوليًا واسعًا.. تصعيد إسرائيلي دموي يهدد هدنة غزة    دراسة: ساعات العمل الطويلة قد تُغير بنية الدماغ    "الغذاء": تأكدوا من شهادة ترخيص المستلزمات الطبية    زيارة ترمب والمصالح المتبادلة    روبيو يتوقع أن تعرض روسيا "خلال أيام" شروطها لوقف إطلاق النار مع أوكرانيا    مجلس الوزراء برئاسة الملك يجدد عزم المملكة توسيع استثماراتها مع أميركا    «عمومية جائزة ابن سلطان» تستعرض منجزات الدورة 19    «الرياض».. تناقش تقرير «حالة الإعلام السعودي وفرص الاستثمار» وتستعرض واقع القطاع وتحدياته    الحجاج اليمنيون يشيدون بخدمات منفذ الوديعة    أمير الرياض يهنئ «خيرات» لحصولها على جائزة إحسان    «الهلال الأحمر» يضاعف الجهود لخدمة ضيوف الرحمن    أمن الحجاج.. لا تهاون    الشورى: دراسة إنشاء «مترو» في المدن الكبرى والتجمعات الحضرية    أمير القصيم: مركز الملك عبدالعزيز للتواصل الحضاري يرسخ التعايش والتلاحم الوطني    محافظ الطائف يرعى حفل تخريج 10,808 طلاب وطالبات من جامعة الطائف    سيتي يصعد للمركز الثالث بعد فوزه على بورنموث في آخر مباراة لدي بروين على أرضه    78% نموا بالتبادل التجاري بين السعودية وتايوان    العملات الرقمية تعود للأضواء من جديد    زيارة رئيس مجلس إدارة جمعية سفراء التراث لمحافظة المزاحمية    تمديد تكليف الدكتور النجمي مديرًا عامًا لفرع وزارة الشؤون الإسلامية بمنطقة جازان    الاتحاد يضرب الشباب بثلاثية    أمير تبوك يستقبل القنصل العام الفرنسي    وزير الحرس الوطني يرأس الاجتماع الثالث لمجلس أمراء الأفواج    الحج بأيدٍ أمينة    مستشفى دله النخيل يمنح طفلة رضيعة أملاً بحياة أفضل    دي بروين يقترب من الغياب عن كأس العالم للأندية    "الشكره" يترأس اجتماع المجلس المحلي بمحافظة بيش    نجاح عملية زرع مثانة بشرية في أمريكا لأول مرة في العالم    سيراليون تسجل زيادة في إصابات جدري القردة بنسبة 71% خلال أسبوع    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



المسؤولية الأخلاقية والمسؤولية القانونية
نشر في عكاظ يوم 21 - 08 - 2014

الإنسان حر. وبعبارة علماء الكلام: مخير لا مسير. ولو كان يفعل كما يفعل الروبوت الآلي الذي يبرمج على أنشطة محددة فلا مبرر من المسؤولية وبالتالي الثواب والعقاب ومفهوم العدالة. فلو افترضنا أن رجلا برمج روبوتا (إنسانا آليا) لكي يلتقط المسدس ويطلق النار على شخص آخر فإنه سيكون من الجنون وضع الروبوت في قفص الاتهام. والسبب بسيط: وهو أن الروبوت ليست له إرادة حرة. إنه غير حر. وإذا كان هناك أحد مسؤولا فهو بالطبع الرجل الذي برمج الجهاز على القتل. فالرجل حر ومريد وعاقل.
من الضروري أن نتفطن للعلاقة الوثيقة بين العقل والحرية والإرادة. والعقل الذي يفتقد له الروبوت ليس فقط الوعي الذي يمتاز به البشر، بل الرشد الذي يمتاز به الكبار على الأطفال. فالطفل رغم أنه عاقل إلا أنه ليس راشدا ومن ثم فحريته منقوصة تبعا لهذا ولا يكون مسؤولا قانونيا أو أخلاقيا عن فعله. كما أن رغبة الطفل وإرادته لا تكون مستحقة للفحص القانوني والأخلاقي مادام عقله غير راشد.
الحرية التي هي الإرادة والعقل الراشد ضرورية لفكرة المسؤولية الأخلاقية والقانونية. لكن، هل هناك فرق بين المسؤولية الأخلاقية والقانونية؟ هناك من يربط بينهما ويجعلهما مترادفان. ولكني أرى أن هناك فرقا. لو تأملنا لوجدنا كل فعل أخلاقي ينطوي على أربعة عناصر: الرغبة، المعرفة، القدرة، الإنجاز. وقد صنفت الأفعال تبعا لتوفر العناصر أو غيابها إلى ستة: الفعل الكامل: وفيه تحضر العناصر الأربعة. فإذا مثلا سكبت كوب القهوة لأني (أرغب) في ذلك و(أعرف) أنه كوب قهوة و(أقدر) فعليا على أن أمد يدي وأسكب الكوب و(أنجزت) ذلك فعليا فإن هذا الفعل كامل. والفعل غير الكامل هو ما أتوقف في اللحظة الأخيرة عن إنجاز الفعل. لنقل إني غيرت رأيي. والنوع الثالث: الفعل المظنون وفيه يتوفر عنصر الرغبة والقدرة والإنجاز ولكن عنصر المعرفة يغيب. ولكنه غياب جزئي. في المثال السابق، لو رغبت في سكب كوب القهوة وفعلت ذلك ولكني اكتشفت لاحقا أنه كوب شاي. الفعل هنا مظنون لأني رغبتي مرتبطة بسكب القهوة لا الشاي، وسبب الخطأ أن معرفتي ناقصة (ظنية). والمثال الشهير من مسرحية شكسبير حينما رأى هاملت أن وراء الستارة رجلا فقتله.. لكن الرجل كان بولونيوس. في الواقع أن هاملت لم يرد قتل بولونيوس.. فالجهل (وهو ليس جهلا كليا لأنه يعرف أن هناك رجلا لكن يجهل أنه بولونيوس) جعل مسار الرغبة ينحرف. الفعل الرابع السلبي وهو ما غابت عنه الرغبة وتوفرت باقي العناصر. حينما يتبرع رجل للفقراء وهو غير راغب ففعله سلبي، وتبعا لإيمانويل كانط فهذا هو الفعل الأخلاقي الصحيح. أو مثلا، حين أضرب زميلي في العمل لأني كنت غاضبا رغم أني لم أرد ضربه. الفعل الخامس العشوائي وهو غياب المعرفة كليا. وهنا جهل تام. مع توفر العناصر الأخرى، كما في لعبة النرد، فإذا (رغبت) في أن يستقيم الحجر على الرقم ستة فإني أجهل كليا الطريقة لإنجاز الرغبة. فالمعرفة التي من شأنها أن تربط بين الرغبة والإنجاز مفقودة. ومن ثم فهو فعل عشوائي. النوع السادس: الفعل المزيف: وفيه تغيب الرغبة والمعرفة وتحضر القوة والإنجاز. فلو ضرب أحد يدي والتي بدورها ضربت الكوب فانسكب فإني لم أكن أرغب في سكب الكوب ولم أكن (أدري) أن يد صاحبي ستضرب يدي. وأغلب الأفعال غير العمد من هذا النوع.
بناء على ما سبق، يتضح أن المرء يكون مسؤولا أخلاقيا في الأفعال التي تحضر فيها (الرغبة) و(المعرفة). فالنوعان الأول والثاني مثال لهذا (أي الفعل الكامل والفعل غير الكامل). وأما المسؤولية القانونية فلا بد فيها من توفر شرط المعرفة فقط. ففي الفعل المظنون، لم يكن هناك غياب كامل للمعرفة، بخلاف الفعل العشوائي. وفي الفعل السلبي (الكانطي) تحضر المعرفة أيضا رغم غياب الرغبة، وحضور المعرفة يجعل المرء مسؤولا قانونيا وغياب الرغبة يجعله غير مسؤول أخلاقيا. أما الفعلان العشوائي والمزيف فنلاحظ غياب المعرفة فيهما وهذا يكفي لأن يكون المرء الذي يقوم بهما غير مسؤول أخلاقيا لغياب اجتماع عنصري المعرفة والرغبة، وكذلك غير مسؤول قانونيا لغياب المعرفة.
مما سبق يتضح أن أهم عنصرين في الفعل الأخلاقي ليكون تحت طائلة المسؤولية هما الرغبة (الإرادة) والمعرفة (أو العقل الراشد) اللذان أشرنا لهما في مطلع المقال بوصفهما شرطين ضروريين لحرية الإرادة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.