تعتبر الزيارة التي قام بها الرئيس الأميركي إلى المملكة الأسبوع الماضي بالغة الأهمية لنا وللولايات المتحدة، فالمملكة منذ الاجتماع التاريخي بين صاحب الجلالة الملك عبدالعزيز والرئيس الأميركي روزفلت، وهي تطور علاقتها باستمرار بالولاياتالمتحدة، وهذا التطور وصل إلى مرحلة متقدمة جداً، بحيث أصبحت هذه الأخيرة هي الحليف الاستراتيجي الذي ننسق معه الكثير من الأجندة. والأمر لا يقتصر على الأجندة السياسية وحدها، وإنما يشمل كافة المجالات العسكرية والثقافية والاقتصادية وغيرها. وإذا رجعنا إلى إحصاءات التجارة الخارجية منذ 15 عاما، فسوف نلاحظ أن الولاياتالمتحدة كانت شريكنا الاقتصادي رقم واحد، وهذا يعني أن المصالح السياسية كانت مبنية ومدعومة بمصالح اقتصادية. ولكن، هذه المعادلة قد طرأ عليها بعض التغير، عندما أصبحت الصين هي شريكنا الاقتصادي الأول، وهذا التطور أدى إلى تراجع العلاقات الاقتصادية مع الولاياتالمتحدة وخاصة على جانب الصادرات، حيث أصبح ترتيبها ليس ضمن الخمسة الأوائل، ففي عام 2024، على سبيل المثال، كانت الولاياتالمتحدة سادس مستقبل لصادراتنا، بعد الصين وكوريا الجنوبية واليابان والهند والإمارات. ورغم ذلك، فإن حرص المملكة على دعم العلاقات التجارية مع الولاياتالمتحدة، قد انعكس على جانب الواردات- من خلال المشتريات الحكومية. ولذلك تعتبر الولاياتالمتحدة ثاني أكبر البلدان التي نستورد منهم، وهذا بالتأكيد يحسن ترتيبها، ويجعلها ثاني أكبر شريك تجاري لبلدنا. إن العلاقات بين المملكة والولاياتالمتحدة يحكمها توازن دقيق، ولكنه لا يراعى أحياناً من قبل الطرف الثاني، وهذا بالتأكيد مضر للعلاقات بين البلدين، ولذلك، كان مجيء ترمب إلى المملكة، لإعادة التوازن لهذه العلاقات أمرا مرحبا به. الأمر الذي انعكس على حفاوة الاستقبال الذي لفت انتباه العالم، مثله مثل الصفقات الاقتصادية الضخمة، التي أصبحت حديث وسائل الإعلام. فمن الواضح أن البلدين يرغبان في التعويض عما فات والسير حثيثاً نحو تعزيز العلاقات فيما بينهما بصورة أكبر. إن الولاياتالمتحدة رغم كل المتاعب التي تواجهها، وهي متاعب ليست قليلة، تبقى أكبر قوة اقتصادية وعسكرية وعلمية وتكنولوجية على وجه هذه الأرض، وبشكل مختصر، أهم دولة رائدة في العالم حتى الآن. ورغم ذلك، فإن احتفاظ الولاياتالمتحدة بهذا الموقع المتميز يتطلب تقوية علاقاتها مع الدول الرائدة في العالم، وبلدنا واحد منهم. فترمب الذي زار المملكة الأسبوع الماضي سوف يعود إلى واشنطن وفي محفظته اتفاقيات سوف تقلص عدد العاطلين عن العمل في بلده، وفي جعبته العديد من الصفقات التي سوف تسهم في رفع معدل نمو الاقتصاد الأميركي. ولذلك، فإن تعزيز العلاقات مع المملكة مفيد جداً للولايات المتحدة مثلما هو مفيد للمملكة، التي عززت مواقعها في النظام العالمي، باعتبارها دولة رائدة يمكن الاعتماد عليها.