يعمل إبراهيم الماجد أكثر من خمس ساعات يوميا في بيع البسبوسة والبليلة أمام مبنى الجوازات في جدة الذي يغص يوميا بأعداد هائلة من الوافدين الذين يراجعون لتصحيح أوضاعهم، ويعد الماجد واحدا من عشرات الشباب الذين استغلوا فرصة تصحيح الوافدين لأوضاعهم وتفتقت أذهانهم للكسب المادي إذ تجد هناك من يعمل في تعبئة الاستمارات أو بيع الاطعمة الخفيفة. وأجمع عدد من الشباب أن هذه الفرصة لا تتكرر وأن عملهم في بيع الأطعمة بجوار إدارة الجوازات في جدة يأتي وفقا لمقولة «الشغل مو عيب»، مؤكدين أن مشاهد العمل متعددة فهناك من يبيع الماء والعصيرات وهناك من يبيع البسبوسة وبعض المأكولات الخفيفة التي صنعها في منزله، وبعض الشباب يقوم بتعبئة بيانات المراجعين وتصوير أوراقهم الرسمية مقابل مبلغ معين متفق عليه. وأوضح سلطان عبدالله أحد الشباب المتواجدين خارج مبنى الجوازات الذي يعمل في كشك صغير يقوم فيه بتصوير الأوراق الثبوتية لمراجعي الجوازات ويقوم أيضا بتعبئة نماذج معاملاتهم ومساعدتهم في الاجابة على استفساراتهم ومنحهم المعلومات التي تفيدهم من أجل إنهاء الإجراءات انه يحضر للموقع من الساعة السابعة صباحا كل يوم ويعود لمنزله عند الساعة الثانية والنصف ظهرا، وقال «أستمتع بعملي كثيرا حيث أقوم بمساعدة الآخرين وأحصل على مبلغ يساعدني في احتياجات متطلبات أسرتي، ولا أجد في ذلك عيبا أبدا». محمد الوافي أحد الشباب الذين يقومون بتعبئة نماذج المعاملات قال «أعول عائلة كبيرة ولدي التزامات كأي شاب، ولا أستطيع النوم في منزلي لأترك الفرصة تفوت من أمامي في هذا الوقت بالتحديد». وأضاف أن الموقع يكتظ بالمراجعين، كل حسب معاملته التي ينوي اتمامها، وبدورنا نقوم بمساعدتهم، أما النساء فنوجههن إلى كشكات النساء، حيث لهن نصيب أيضا من الزحام الحالي، فالجميع حضر من أجل الكسب المادي وليس الأمر صعبا، فإنهاء المعاملات لا يأخذ وقتا طويلا منا. ناصر سعيد أحد الشباب الجائلين في الموقع يقول «أحضر إلى هنا كل يوم من أجل بيع المياه الباردة على المراجعين والعصيرات الطازجة التي أصنعها في المنزل، ولا يحتاج الأمر مني سوى ساعات قليلة وينتهي عملي، وأعود إلى منزلي ومعي نقود كثيرة تساعدني على تحمل مسؤولية المعيشة والغذاء». وأضاف: استغرب نوم بعض الشباب في المنزل وخجلهم من العمل، أيا كان نوعه فمشكلة بعض الشباب السعودي أنه لا يستطيع امتهان الأعمال البسيطة لشعوره بالخجل، ولكني أنظر للأمر من ناحية أخرى بعيدا عن المادة، حيث أقدم خدمة إنسانية للآخرين، إذ يحضر إلى الموقع أصحاب أمراض أو عاهات فأقوم بمساعدتهم ومنحهم ما يريدون وأشعر بسعادة عارمة مقابل عملي الخيري. فاطمة معروف إحدى الشابات القابعات خارج مبنى الجوازات تعمل في تعبئة نماذج المعاملات قالت «تأتي إلينا بعض النساء من أجل تعبئة بياناتهن وتصوير المستندات ونحن نقوم بمساعدتهم وتوجيه النصائح لهن من أجل اتمام معاملاتهن، وأكثر الحاضرات في الفترة الحالية من أجل تصحيح الأوضاع ونقل الكفالات، والبعض الآخر يأتين من أجل تجديد جوازات سفرهن حيث إن الصيف على الأبواب». وأضافت: بعض النساء والرجال يتحرجون من إظهار صورهن على الجواز أو في البطاقة الشخصية للأحوال المدنية فيأتين إلينا كي نقوم بتصويرهن وإرفاقها مع معاملاتهن. محمد ناصر يعمل في الموقع بمهنة تعبئة المستندات وقال عن ذلك «أعمل معقبا أنهي معاملات الأهالي الذين لا يستطيعون الحضور للجوازات، فأساعدهم مقابل مبلغ متفق عليه، ووضعي ولله الحمد جيد جدا، ففي كل جواز سفر أحصل على مبلغ 100 ريال تقريبا، وفي نهاية الشهر أجد نفسي كسبت نحو 3 آلاف ريال». ويرى بائع السوبيا خالد يوسف أن مثل هذه الأعمال ليست عيبا ولكن العيب هو الجلوس والنوم في المنزل دون عمل. على الجانب الآخر، يقف موسى حكمي أحد أصحاب الأكشاك الصغيرة وكان يعمل في دفع الرسوم عبر الانترنت مقابل إضافة مبلغ محدد على كل معاملة كعشرة بالمائة من قيمة المبلغ الاجمالي.. وقال إن مراجعي الجوازات يشعرون بالرضا وعدم التذمر لأنهم لن يستطيعوا الوقوف في الزحام أمام صرافات البنوك، والبعض الآخر لا يملك حسابا بنكيا، فيحضرون إلينا ونقوم بتسديد المخالفات والغرامات والتأمين مقابل مبلغ مادي بسيط. واستطرد: تربطنا صداقة وثقة بالمواطنين حيث نعرف أغلبهم لحضورهم المتكرر للموقع وترددهم المتواصل وخاصة المعقبين. من جهته، أوضح محمد ماضي أنه يعمل في تصوير المستندات وتعبئة النماذج وإنهاء المعاملات مقابل مبلغ مادي. وأضاف: ادعو أصدقائي دائما للحضور إلى موقع الجوازات خاصة في الفترة الحالية من أجل العمل والكسب المادي. واستطرد: المهام ليست صعبة ونستطيع انهاءها في وقت وجيز. وقال عمر فوزي الذي يبيع الخضروات والفواكه في الموقع «تنتهي بضاعتي في وقت قصير، ولا تكلفني شيئا غير بعض الوقت الذي أنجزه، فأنا أتفق مع أحد الباعة من اصحاب المحلات وأحمل معي كل صباح كراتين الخضروات والفواكه وأعرضها أمام المبنى وأبيعها، ومن ثم أعود للبائع لأمنحه ماله وأحصل على أرباحي من عملية البيع اليومي». عرق الجبين أجمع عدد من الشباب العاملين بجوار إدارة جوازات جدة على شعورهم بالسعادة وهم يكسبون لقمتهم من عرق الجبين. وأكدوا أن الشباب السعودي يتقنون كل المهن ولكن بعضهم يشعر بالخجل، وحين ينكسر الحاجز ويذهب الخجل فإنهم يحصلون على الأموال ويشعرون بالسعادة مقابل أعمالهم البسيطة التي لا تلتزم بوقت أو مدة أو دوام معين.