تتهم المرأة بأنها أكثر انقيادا للعاطفة من الرجل، ولكن من يتابع ما يكتبه الرجال في الصحف الورقية والإلكترونية وما يطلقونه من تويتات أو (تغريدات) تفيض بالاندفاع العاطفي البعيد عن التفكير والاتزان، يجعل المتهمين للنساء بالانقياد للعاطفة يتراجعون عن قولهم بعد أن أثبت الرجال تفوقهم في هذا المجال! في الأيام الماضية انطلقت موجة غضب ساخطة في وسائل الإعلام تعاطفا مع بعض معلمات اللغة الإنجليزية في جامعة الأميرة نورة، اللاتي اشتكين من إنهاء عقود عملهن في مجال تعليم اللغة الإنجليزية لطالبات السنة التحضيرية وشغل أماكنهن بأجنبيات لغتهن الأم هي اللغة الإنجليزية. ما إن انطلقت تلك الشكوى حتى تسابقت الأقلام للذود عن بنات الوطن!! وبدأت الضربات تسدد لجامعة نورة التي رأوها منحازة للأجنبيات وغير مبالية بتوظيف المواطنات أو بمصلحة الوطن، وغير ذلك من أشكال الاتهام التي صورت الجامعة في صورة عدو للمجتمع تفعل ما يؤذيه وتغمض عينها عن مصالحه. كانت جميع الاتهامات الساخنة مبنية على شكوى أطلقت عبر تويتر أو من خلال رسالة جوال أو سماعة هاتف!! أما الاطلاع على أصل القضية من جوانبها المختلفة فكان بالنسبة لأولئك المهاجمين أمرا غير ذي بال بعد أن حجب ستار الغضب المتقد بنار العاطفة عن أعينهم الرؤية العقلية. من بين تلك الكتابات العاطفية ما كتبه الأستاذ يوسف الكويليت في صحيفة الرياض يوم الجمعة الماضي في عموده اليومي (كلمة الرياض) حيث بدأ مقاله بعبارة «قيل إن مائة وسبعين مدرسة فصلن من جامعة الأميرة نورة، وبواسطة شركة تؤمن للجامعة التعاقد مع موظفات و(تقليعة) الشركات أمر مضحك، لأن هناك نظام عمل ونظام موظفين يحددان قانون التوظيف ودون وسيط، إلا إذا كان الأمر تحايلا على الأنظمة، وجعل الشركة بدلا عن الجامعة هي المسؤولة قانونيا عن أي إخلال بالتوظيف»! من الواضح أن هذه الفقرة مصاغة تحت اندفاع عاطفي ليس إلا، بدءا من كلمة (قيل) التي استهل بها الكاتب مقاله، إذ كيف يمكن لمن يريد أن يناقش قضية مهمة نقاشا عقليا أن ينطلق في نقاشه من قاعدة (قيل)؟ وكيف يمكن له أن يصف مسألة الاستعانة بشركات متخصصة في إدارة بعض الأعمال في الجامعات الضخمة كجامعة الأميرة نورة أو الملك سعود أو غيرها من الجامعات الكبرى، بأنها مجرد (تقليعة) مضحكة، بينما هو يعلم أنه بعيد عن الجو الأكاديمي ولا يعرف الاحتياجات المتعددة التي تتطلبها إدارة المؤسسات التعليمية الكبرى وربما لايدري أن التوجه إلى سياسة تخصيص بعض الخدمات في تلك المؤسسات بات أمرا ضروريا لتوفير الوقت والجهد وضمان السرعة والجودة؟ وكيف يمكن لمن يحكم عقله لا عاطفته، أن يقطع بأن إنهاء عقود أولئك المعلمات جاء «باتفاق بين الجامعة والشركة» وهو لم ير بعينه ما يثبت ذلك ولم يكن طرفا مشاركا فيما حدث؟ لو مضيت أتتبع كل ما ذكره الكاتب الكريم في مقاله من اتهامات لوجدت معظمه إن لم يكن كله مبنيا على قاعدة (قيل) و(نشر)، وهي قاعدة لا يقبلها العقل المفكر لكنها تجد ترحيبا حارا لدى السيدة العاطفة!! فاكس 4555382-1 للتواصل أرسل رسالة نصية sms إلى 88548 الاتصالات أو 636250 موبايلي أو 737701 زين تبدأ بالرمز 160 مسافة ثم الرسالة