عندما صدرت بعض التعليمات التي تهدف إلى جعل النقد الموجه لأداء القطاع الحكومي أكثر فائدة ظن بعض المسؤولين أن ذلك يعني حصانتهم التامة وأن الدولة اصطفت إلى جانبهم ضد النقد الإيجابي المبني على حقائق ومعلومات صحيحة، واعتقدوا أنهم تخلصوا من رقابة المجتمع عبر وسائل الإعلام. مجرد وهم دحضته التوضيحات اللاحقة لتلك التعليمات، وآخرها ما نشرته هذه الصحيفة يوم السبت الماضي على صفحتها الأولى تحت عنوان «أمراء المناطق مطالبون بالكشف عن أي تعطيل لمصالح المواطنين» .. الخبر يفيد بصدور توجيه من سمو ولي العهد الأمير نايف بن عبدالعزيز إلى أمراء المناطق بأنه «بناء على ما ورد للمقام السامي من معلومات تضمنت أن كثيرا من وسائل الإعلام تنشر تظلمات بعض المواطنين وشكاواهم، ما يشير إلى وجود قصور كبير في أداء بعض الجهات الحكومية وخاصة الخدمية منها في تلبية احتياجات المواطنين وإجابة استفساراتهم وشكاواهم أو تقديم تفسير مقنع لقصور بعض تلك الخدمات، وعليه أكد المقام السامي على رفع مستوى ما تقدمه الجهات الحكومية للمواطنين من خدمات في جميع المجالات وتلافي أي قصور قد يحدث».. وبناء على هذا التوجيه فقد تم تعميم مضمونه على كل القطاعات الحكومية للالتزام به وتنفيذه وإفادة أمراء المناطق أولا بأول عن أي قصور أو ملاحظات تعطل مصالح المواطنين.. هنا يمكن القول إن هذا التعميم قد أجهز على أي وهم لازال يعشش في رأس أي مسؤول مقصر أنه انتصر على الإعلام الذي يتناول تقصيره، لأن توجيه سمو ولي العهد أشار إلى وسائل الإعلام كمصدر للمعلومات، ولو لم تكن تلك المعلومات صحيحة لما اعتمد عليها التوجيه وذكرها في نصه. أي أن الإعلام لازال يتصف بالمصداقية في نقل الحقائق، ويعتمد عليه في اتخاذ القرارات. ونصيحتنا لأي مسؤول من صنف المغالطين للحقيقة أن يصحو من غفلته واسترخائه لأن إعلام الوطن الذي يعمل من أجل الوطن لن يتردد في كشف تقصيره. وإذا كان بعض المسؤولين مازالوا يصرون على أن الإعلام يتجنى عليهم ويستهدفهم فإننا نرجوهم قراءة فقرة في الخبر الذي تضمن توجيه ولي العهد، تقول: «وألمحت هيئة الرقابة والتحقيق لأمراء المناطق بأنها تواجه صعوبات بالغة من معظم الأجهزة الحكومية ومسؤوليها الذين يخفون الحقائق ويصرون على عدم الإفصاح لمنسوبي الهيئة عن أية تجاوزات لمسيرة النظام، بل تعدى الأمر إلى التكتم الصريح عن المعلومات أو المستندات التي تبين حقيقة التجاوزات».. إذا كان هذا قول هيئة رقابية حكومية فهل تستطيعون بعد الآن التشكيك في ما يقوله الإعلام ؟؟..