نشتاق ونعلن الحنين لرمضان زمان وتفاصيله الصغيرة المفعمة بالبساطة والعذوبة، عدة صور ومقولات ومشاهد وصلتني بطرق مختلفة أكدت أنه شعور مشترك على الأقل بين أفراد شريحة من المتذوقين للأصالة والإحساس المرهف بالأشياء من حولهم. لا يستطيع الإنسان التكيف ببساطة مع الكثير من الأمور التي يتعايش معها، وإن نجح في التكيف أصبحت تلك الأمور من عادات وتقاليد وتجارب تتحول إلى ذكريات كلها من الماضي البعيد عزيزة عليه حتى لو استبدلت بما لا يمكن أن يحل مكانها أو على الأقل لن يحدث رد الفعل ذاته من إحساس مريح ومحبب. من المنطقي أن يصاب هذا الإنسان بالإنهاك والضجر وهو لا يعلم أنه يكابد الحنين والبحث عن تلك المتعة القديمة التي يفتقدها. البعض يشعر بالولع والتوق لرمضان زمان خاصة الجيل الذي عرف برنامج الشيخ الطنطاوي مع الإفطار، ويوميات أم حديجان في ليالي رمضان على الإذاعة، والمسلسل الوحيد الرئيسي تتحلق حوله الأسرة وتحلل تفاصيله وتفهم قيمه ومضامينه. الأكثر تميزا في مظاهر الشهر الكريم «تبسي الذواقة العامر بما لذ وطاب من مطبخ الجيران».. وأكثر من ذلك اجتماع أهل الحارة بعد صلاة الفجر يلعب الأطفال ويتسامر الكبار حتى تشرق الشمس ثم يتجهون إلى قراءة القرآن، وفي الليل تترقب الفتيات بفارغ الصبر صلاة التراويح مع بنات ونساء الجيران. ودعنا ذلك الرمضان وأصبح الموسم الدراسي يتطلب أن نكون على مقاعد الدراسة، بعدها بأعوام انتهك الانفتاح الفضائي ما تبقى.. فقدنا رمضان زمان تدريجيا بمعانيه السامية ومذاقه الخاص، حتى الأطباق والمشروبات التي لا يمكن تناولها إلا في هذا الشهر الفضيل كقاعدة أساسية شبه مقدسة تم كسرها وأصبح الأصل في هذا الشهر التسابق لحشر السفرة بالأطعمة التي تفتقر النفس لنكهة غيابها طوال العام. أسوأ ممارسات الإنسان أن يجهز على مصدر سروره وسعادته.. وإحساسه بالرضا والقبول لأن كل شيء قديما كانت له رائحة ونكهة خاصة، استبدلنا الحياة الاجتماعية والمودة بالأدوات الإلكترونية والتواصل الرقمي، والأطعمة الرمضانية بالبذخ والمبالغة في تنويع المأكولات، واستبدلنا الطيبة والتقاليد الجميلة المكتظة بالفرح بالعزلة والترفع عن أجمل مظاهر الحياة الاجتماعية الرمضانية. آخر ما تم الإجهاز عليه مما تبقى من ذكرياتنا الجميلة يلفت له الإعلامي الزميل جمال بنون عبر صفحته الفيسبوكية، يقول: حرمنا التلفزيون من مشاهدة مدفع رمضان على الإفطار والذي يعد سمة مرتبطة برمضان منذ أكثر من 40 عاما أثناء نقل أذان المغرب من المسجد الحرام! [email protected] للتواصل أرسل sms إلى 88548 الاتصالات ,636250 موبايلي, 737701 زين تبدأ بالرمز239 مسافة ثم الرسالة