كنا في زيارة إلى اليونسكو يوم الثلاثاء 10 مايو، وحضر كاتب السطور والزميلات والزملاء سلمان السعد وسلطان القحطاني وسعيد العمودي وعبدالله الركف وفواز سعد ولورا باشراحيل ومحمود الحربي وناهد باشطح ونجاة السعيد، وتغيب من المسجلين في الزيارة لأسباب دراسية أو مكانية أو لها علاقة بإجراءات الفيزا: أحمد العرفج ورزان بكر ورشا سيف الدين وعبدالله المغلوث وعبدالمحسن الدايل وفائق المطيري ولولوة شلهوب وياسر الزهراني، وقد حرصت على ترتيب الأسماء أبجديا تجنبا للإحراج الذي قد يؤدي إليه تقديم أسماء على أسماء، خصوصا مع وجود مجموعة من الأسماء المهمة وصاحبة التاريخ في الإعلام السعودي، والمهم أن المحصلة في النهاية ضمنت تواجد الاغلبية او عشرة مقابل ثمانية، وقد كانت المناسبة حضور اجتماع المجلس التنفيذي لمنظمة اليونسكو في باريس، و كان ذلك بدعوة مشكورة ومقدرة من الدكتور زياد الدريس، مندوب المملكة العربية السعودية الدائم في اليونسكو، وهذا الاجتماع لا يعقد إلا مرة واحدة في السنة ويضم ممثلين لثماني وخمسين دولة، ومثلت السعودية والكويت دول الخليج في دورة المجلس لسنة 2011. المعروف بالتأكيد ان اليونسكو منظمة محايدة ولا تهتم كثيراً بالسياسة، وفيها ديموقراطية عجيبة فمن يدفع يورو كمن يدفع مليون يورو في مسألة الحقوق والواجبات، وكل الدول وبدون استثناء تملك حق الفيتو أو الاعتراض، ويمكن للأعضاء في المجلس التنفيذي الكلام للعموم ولمدة سبع دقائق لا غير، إلا إذا قامت دولة برفع مطالبة تتفق عليها مجموعة من الدول، وعندها يجوز للدولة، حاملة لواء المطالبة، أن تأخذ دقائق إضافية ممن تتكلم باسمهم، ولاحظت أن رئيسة اليونسكو البلغارية ايرينا بوكوفا، قامت من مقعدها مرات وعادت، والمجلس منعقد لم يتوقف، وأن رئيس الوفد الدنماركي يعيش في عالم مختلف و «يشيك» ايميله ويتصفح الإنترنت، ودائما كان مقعد الرئيسة يشغل مباشرة بمجرد تركها المؤقت، ومثلها رؤساء الوفود، ويقوم الرجل الثاني في الوفد بشغل مقعد الرئيس، وأرجح أن هناك بروتوكولا واضحا ينظم العملية، وربما حدث السابق في مناسبات دولية مشابهة، والاجتماع حفل بالمعلقات والمطالبات والتأييدات، وأذكر منها تأييد رئيس الوفد الفنزولي لما يجري في ليبيا وسط تصفيق حاد، وكلمة غريبة ألقاها رئيس الوفد الإيطالي، ووجه الغرابة يبدو في انتقاله من اللغة الإنجليزية إلى اللغة الفرنسية، لأن لغة بلده ليست بين اللغات الخمس المعتمدة والعربية واحدة منها، وتخصيصه مدة زمنية متساوية للغتين في خطابه شبه المرتجل، وقد تكون مصادفة أن المرأة حضرت كرئيسة لليونسكو وبعض الوفود ومترجمة فورية لكل اللغات المذكورة، واضيف لما ذكرت قفشات من آخرين، جاءت مصحوبة ب «ضحك دبلوماسي» حول حمية قاتلة تمارسها اليونسكو في موازناتها، والضحك الدبلوماسي لمن لا يعرفه هو حالة بين اللا ضحك والموت من الضحك، وقدرت المشيئة الإلهية أن يكون بعضنا خلف الوفد المصري وكأننا في معيته، وثار تساؤل «مشاكس» أو «ملقوف» عن هوية الشاب الحليق الذي يترأس الوفد، وهل تغير الرئيس بتغير الأشياء في بلده أم لم يتغير؟ ولماذا كان صامتا ورسميا جدا طوال فترة وجودنا على الأقل؟ اجتماع المجلس التنفيذي كان حافلا وغنيا بالأفكار والطروحات الدسمة ومنزوعة الدسم أو متوسطة الدسومة، ورأس الوفد السعودي في الاجتماع الأستاذ فيصل بن عبدالرحمن بن معمر، نائب وزير التربية والتعليم، وتكلم في المساحة الخاصة به عن تجربة التعليم العام في السعودية وطموحاتها المستقبلية ومشاريعها، وعلى هامش الاجتماع جمعتنا طاولة واحدة مع رئيس الوفد السعودي، والدكتور عبدالعزيز بن محمد السبيل، المستشار الثقافي والإعلامي في زارة التربية والتعليم وابن الشيخ الجليل، والدكتور محمد بن إسماعيل آل الشيخ، سفير خادم الحرمين الشريفين في باريس، والدكتور زياد الدريس، واللواء عبدالله السحيباني، الملحق العسكري السعودي في مدينة النور، وفريق متجانس ومميز من المندوبية السعودية والسفارة ووزارة التربية والتعليم، ودار حوار شارك فيه الرسميون والزميلات والزملاء وتناول دور اليونسكو وواقع التعليم العام ومشكلاته واقتراح تدريس اللغة الإنجليزية ابتداء من الصفوف الأولية وغيرها، وللأمانة كان الأستاذ بن معمر متحدثا لبقا ومتوازنا، ومستمعا صبورا من الدرجة الممتازة، وقدم إجابات مقنعة ومنطقية نسبيا لجميع من سأل. بعد هذا أخذنا المخضرم بسام منصور، رئيس تحرير البوابة العربية ومسؤول المكتب الإعلامي، في جولة على المنظمة، وكان أن توقفنا أمام مجسم لها وقراءة في تاريخها، والمعماريين الثلاثة الذين عملوا عليها بعد الحرب العالمية الثانية، ووزيرة التعليم البريطانية وقتها ودورها في تحريك العقول للتفكير في إنشائها، واستمعنا لشرح عن الحديقة والمعبد الياباني، وكلاهما إهداء ثقافي من حكومة اليابان، ومررنا بتجمع ثقافي أفريقي في صالة مغلقة يتناقش «مالكوم اكس» و بمنحوتات منها منحوتة مهداة من نحات روسي في سنة 1994، واسمها «الإنسان الجديد» وفيها يظهر رجل يفتح بكلتا يديه كتاب الشرائع، بعد أن كشفت عنه بيضة فقست قبل لحظة أو هكذا يخيل لمن ينظر، معلنا، في اعتقادي، عن قانون ونظام جديد نتيجة لتفكك الاتحاد السوفيتي في سنة 1989، ورأسه مزين بأغصان الزيتون في إشارة للسلام والمعرفة، ويلبس رداء مسكونا بالطموح، وتوجد أيضا زيتيات موزعة في الممرات والزوايا، و لوحات تستبدل كل تسعة أيام وأخرى رسمت في موقعها على الجدران، واليونسكو تمنح سنويا و وفق معايير محددة جائزة عالمية لحرية الصحافة، وتضم قاعة مناسبات تتسع لأكثر من ألف شخص، وأقام فيها الدكتور غازي القصيبي يرحمه الله واحدة من أمسياته الشعرية، والمعلومة غير المعروفة أن القاعة متاحة لمن يريد وبمبلغ معقول، مثلما فهمت، وقد نصحنا زميلنا سلطان القحطاني، مدير تحرير «إيلاف الإلكترونية» بإقامة حفل زواجه فيها، ليكون أول سعودي يقيم «قهوة الرجال» في منظمة دولية. ذهب وعاد القطار من باريس وما زالت اليونسكو وأهلها حاضرة في الذاكرة. binsaudb@ yahoo.com للتواصل أرسل رسالة نصية sms إلى 88548 الاتصالات أو 636250 موبايلي أو 737701 زين تبدأ بالرمز 107 مسافة ثم الرسالة