حسنا فعلت هذه الصحيفة، حين اختارت مانشيت صفحتها الأولى يوم السبت 19 فبراير (إلغاء أحكام جزائية من صحيفة السوابق بقوة النظام)، حسنا فعلت، لأن هذا الموضوع لا يعرف أهميته وحساسيته إلا من رأى ضحايا صحيفة السوابق الذين سدت في وجوههم سبل الحياة بسببها.. لقد أصدر سمو النائب الثاني ووزير الداخلية أمرا بتعديل مواد القرار الوزاري المنظم لتسجيل صحيفة السوابق، من أبرز ملامحه أن تكون العقوبة الجزائية على أمر محظور ومعاقب عليه شرعا أو نظاما، وبعد ثبوت الإدانة بناء على حكم نهائي، بعد محاكمة تجري وفقا للوجه الشرعي وطبقا للمادة الثالثة من نظام الإجراءات الجزائية، وأن تكون الأحكام الجزائية التي تسجل في صحيفة الحالة الجنائية هي «الأحكام النهائية المكتسبة للقطعية التي تصدر في القضايا الجزائية ولم تتوفر فيها شروط تسجيل السوابق»، ومن أهم ما جاء في التعديل ألا يتم تسجيل سوابق على الأحداث الذين لم يكملوا سن 18 عاما، والاكتفاء بتدوين ما يصدر ضدهم في صحيفة الحالة الجنائية. صحيفة السوابق استمرت لزمن كابوسا لا يختلف فيه من اقترف جريمة فادحة شائنة بقصد وعمد، ومن ارتكب خطأ في لحظة ضعف.. لم يكن هناك تفريق منطقي بين الحالات التي تتم بتخطيط، وينفذها أناس تأصلت في نفوسهم روح الجريمة، وبين ضحايا لعامل السن أو الحاجة التي تتدحرج فيها النفس في منزلقات الخطأ. ولطالما نوقشت هذه القضية إعلاميا وحقوقيا، ولطالما قرأنا ملفات لصغار في السن والتجربة تحولت حياتهم، بعد خطأ لم يكونوا يدركون عواقبه، إلى أشلاء لا يمكن إعادة الحياة لها.. خطأ إنساني بسبب لحظة قنوط وحاجة لئيمة، يتساوى معه الخطأ الذي يرتكبه شخص جارت عليه الحياة ولم يستطع أن يقاوم ضغطها.. نحن لا نبرر الخطأ ولا الخطيئة، ولكننا سعداء بأن الأحداث والكبار الذين عادوا إلى المسلك الصحيح، وكانت تطاردهم لعنة الصحيفة الجائرة دون فرصة لإثبات حقيقة أنهم ضحايا خطأ عابر، أصبح بإمكانهم التخلص من هذه اللعنة.. إنها بادرة إنسانية محمودة، نتمنى أن تتبعها تعديلات من جهات أخرى ترسخ مفهوم العقاب، لكنها لا تدمر حياة من قرر بصدق العودة إلى جادة الصواب. [email protected] للتواصل أرسل رسالة نصية sms إلى 88548 الاتصالات أو636250 موبايلي أو 737701 زين تبدأ بالرمز 259 مسافة ثم الرسالة