تعاني العديد من دول العالم من آفة الإرهاب التي تعتبر صناعة إنسانية، تعبر في بعض جوانبها عن تخبط علاقة ذلك الفرد بالإله في فهم التشريع، وعلى أن الإرهاب ينقسم إلى دوائر متعددة تتلاقى وتتفارق في بعض جوانبها، إلا أنه يتسم بهيكلة واحدة تتخذ الإجرام والتخريب آلة لها. ولا يحتاج الإرهاب في إدراك حدوده وماهيته إلى مؤتمرات وندوات أو فتاوى تقول بحرمته أو جوازه، حيث إن الفطرة الإنسانية السليمة تدرك ذلك. و المتأمل للوضع الذي تعيشه المملكة في حربها ضد الإرهاب، يلحظ بأن هذه البلاد مستهدفة من الدرجة الأولى، ذلك لأنها تعتبر من الدعامات الرئيسية للوجود العربي، ومحور رئيس للوجود الإسلامي في صفائه وتسامحه، وهذا أقل ما يمكن قوله عن مملكة بذلت الغالي والرخيص في خدمة هذين القطرين. ومواقف المملكة المشرفة دليل قاطع على ذلك الوجود الذي ما زال يؤرق مضجع أعدائها، حيث ما زالوا يكيدون المكائد ويعدون الخطط للإيقاع بذلك الصرح الشامخ. إن تحقق الأمن في أي بلد، يعني تحقق التقدم والرفاهية في جميع ميادين الحياة، وزوال ذلك ينعكس بالطبع على أفراد المجتمع سلبا، وهو ما نشاهده مشاهدة حية في الدول التي تعاني من الحروب، أو الانقلابات العسكرية، أو التي يقل فيها المستوى الأمني، حيث يقتل الآلاف وتدمر المنازل ويفتك بمواطنيها ويذهب المجتمع ضحية لعبة حيكت في وضح النهار، إلا أن التجاهل وعدم الاكتراث أوقع أبناءه ضحايا لسكوتهم وبحثهم عن مصالحهم الشخصية الخاصة فقط، دون الإحساس بالمسؤولية تجاه الوطن. والتفكير في حل لهذه القضية يقود إلى حقيقة أن المجتمع ليس في حاجة أن يزج في ميادينه العسكرية بمليون أو مليوني جندي لمواجهة ذلك الخطر، بل أكثر ما يحتاج إليه هو تكريس المواطنة الحقة قولا وفعلا، وبالطبع فإن هذه المواطنة لن تحققها مناهج التربية الوطنية، بل إن تحقيقها كشعور ومبدأ متجذر في النفوس يحتاج معه إلى دور مترابط ووقفة جدية من الفرد والأسرة والمجتمع لتعميقه وجدانا، فبذلك نستطيع فعلا مواجهة تلك الأعمال ونكون أمامها كالبنيان المرصوص. فاصلة: قال جون كينيدي: «لا تتساءل عما يقدمه لك وطنك، ولكن تساءل عما تستطيع تقديمه لبلدك». مازن محمد المريسي - باحث وأكاديمي سعودي ليدز - المملكة المتحدة