عودتنا ثقافتنا العربية أن حبل الكذب قصير، أدلجتنا على المفاهيم القصيرة للحياة، مع أن الأكاذيب العربية حبلها أبدي ولا يرى، أرجو ألا يفهم بأني أشجع على الكذب وأنادي به، كعادتنا على ترك ما يجب أن يفهم والجدل حوله طوال سنوات معاشرتنا لأمريكا وصداقتنا لها الطويلة، لا يوجد بيننا من يجزم بأنه يستطيع معرفة طريقة تفكيرها نحونا، تجد من يقسم لك بأنها عدوة مبينة، بل يذهب إلى أبعد من ذلك من خلال التأكيد على أنها تقود حربا صليبية ضدنا، بينما يذهب طرف آخر إلى اعتبار أمريكا دولة لا تضعنا في جدول تفكيرها إلا ضمن مصالح بسيطة تحتاجها منا ربما لا تتجاوز نسبة ال 20 في المائة مقابل ما تحتاجه من غيرنا، وطرف يقف بين هؤلاء وهؤلاء يقلل من شأن كل من يتحدث عن نظرية المؤامرة حتى أصبح قادة الرأي العرب يجدون حرجا في التحدث عن أية مؤامرة أو رأي يحمل تلميحا عن مؤامرة، مع أن كل حقبة من الزمن تخرج وزارة الدفاع الأمريكية أوراقها التي كانت تخبئها، والتي لو كلفت أية دولة عربية نفسها بدراستها وتحليلها لما احتجنا لكل هذه السنين من التضارب الداخلي والحيرة في تحديد العاطفة الأمريكية تجاهنا؛ لأننا لا نستطيع التفكير خارج عاطفتنا. الحيرة الكبرى والحساسة والأكثر خطورة التي يبدو أن العرب لن يتفقوا عليها هي الموقف الأمريكي تجاه إيران، عرب يرون أن إيران حليفة خفية منذ سنوات طويلة لأمريكا وتنفذ معها أجندة شرق أوسطية استراتيجية ذات أهداف بعيدة المدى، قد تتجاوز الحلف الأمريكي الإسرائيلي إن لم يكن ضمنه، وعرب يرون المشهد كما يريد ساسة أمريكا أن يروه، وهي أن إيران عدوة تريد أمريكا إعادتها للمجتمع الدولي قبل امتلاكها لسلاح نووي يصعب حصولها عليه من السيطرة عليها، وعرب يرون أن أمريكا تقف حائرة أمام تضارب مصالح مع حلفاء لها بنفس المستوى والأهمية، أحيانا تقرر أن تزيد الفجوة والنزاع بينهم، وأحيانا تجمعهم بشكل غير مباشر عندما يقتضي الأمر تمرير مصلحة ملحة لها، من يفهم طريقة تفكير السياسة الأمريكية سيكون الطرف الدولي الأقل تضررا!. [email protected]