أدرس في إحدى الجامعات بعيدا عن أسرتي، وأول سنة تأثرت كثيرا بسبب الغربة، لبعد أمي عني فدائما أفكر بها، وأفكر أنها قد تموت فأتوقف عن المذاكرة، لذا رسبت، فما نصيحتك لي؟. وفاء . ي كلنا شعرنا بما تشعر به الآن حين ابتعدنا عن أهلنا، وشعورك أمر طبيعي يصيب كل فتاة وفتى عاش حياته كلها بالقرب من أهله ثم ابتعد عنهم لأول مرة في حياته، ولكن لو كان هذا الابتعاد مع زوج وإلى مكان بعيد أيضا، هل كنت ستتركينه حتى تعودين للعيش مع أمك؟ لماذا لا تنظرين للمسألة من زاوية السؤال التالي: ما الحكمة من أن تكوني في جامعة بعيدة عن أمك وأسرتك؟ أليس في هذا الابتعاد تدريب لك على الحياة في أجواء ليس فيها أحد من أفراد أسرتك؟ عليك أن تقري بأن ما أصابك يصيب الكثيرين كما قلت لك من الشباب والشابات، ولكن الكثيرين منهم أيضا يتوافقون مع الوضع الجديد بعد فترة من الزمن، ويبقى سؤال مهم جدا: كيف يمكن لك التوافق مع هذا الجو الجديد؟ نصيحتي لك أن تبحثي عن بعض الفتيات الجيدات ممن يدرسن معك في نفس التخصص وتوثقي العلاقة معهن، ويمكنك تحميل برنامج حاسوبي للتحدث عبر الكاميرا على جهازك الشخصي، وتتحدثين لوالدتك كل يوم وللعديد من المرات بالصوت والصورة، وعندها سيقل هذا القلق الذي تعانين منه، وتذكري أخيرا أن سعادة أمك في رؤيتك، وقد حققت الهدف الذي من أجله سافرت بعيدا عنها، يبقى أمر مهم جدا لابد من مصارحتك به، وهو هل أنت منسجمة مع التخصص الذي تدرسينه؟ فأنا أخشى أن يكون رسوبك ليس بسبب بعدك عن أمك وأهلك فقط، وإنما لأن التخصص الذي تدرسينه لا تميلين له بالقدر الكافي، وبالتالي فقد تكونين قد بحثت عن عذر لعدم النجاح وبطريقة لا شعورية وحملت الأمر على البعد عن الأهل، حاولي أن توطدي العلاقة مع بعض الزميلات، وتحدثي لأهلك عبر برنامج التحدث، وابحثي بهدوء عن مدى ميلك للتخصص، وعندها ستعرفين بالضبط أي الأسباب الكامنة وراء ما حدث، مع ثقتي بأنك يمكنك تجاوز هذه الأزمة وكل يوم يمر بك وأنت بعيدة عن أهلك، سيقويك وسيعلمك الاستقلالية والاعتماد على النفس، وهذه صفات يحتاج لها الرجل والمرأة في عصرنا.