توفيت شقيقة صديقتي بمرض السرطان وهي شابة، وقد لاحظت على صديقتي أنها لم تتأثر ولم تبك، وبعد أن انتهت أيام العزاء أصبحت تعيش حالة صمت رهيب، وصارت يائسة، فماذا أفعل تجاهها وما هو واجبها تجاه نفسها؟ مليكة ما أصاب صديقتك أمر يتكرر يوميا لدى كثير من الناس الذين تكون الصدمة بالنسبة لهم سببا لمواجهتها بالصمت، وقد يستمر الصمت لدى البعض فترة طويلة وفترة أقصر لدى البعض الآخر، وعندما ننجح في جعلهم يعبرون عن حزنهم بالطرق الفطرية التي وهبها الله للعباد نكون قد ساعدناهم على الخروج من أزمتهم، والبكاء إحدى هذه الطرق وكذلك الكلام، وعليه فأنت بحاجة للإكثار من الحديث معها عما حدث، ويفضل أن يتم الحديث معها تارة على انفراد وتارة أخرى بوجود من فقد عزيزا، بحيث يدور الحديث أمامها مستمعة في البداية ثم مشاركة فيما بعد، ومشاركتها في مثل هذه الأحاديث يعتبر مؤشرا على نجاح ما فعلته، وعليك أن تركزي خلال الحديث معها على أن رحمة الله واسعة وحكمته بالغة، ولا يدري أحد عن الحكمة من وراء وفاتها، فقد يكون موتها راحة لها من عذاب المرض، وقد يكون تسريعا لملاقاة خالقها الذي قد يكون غفر لها ذنوبها جراء ابتلائه لها بهذا المرض وما عانته من آلام وما كابدته من مشقة، وإن كنت من سكان منطقة قريبة من الحرمين فسيكون مفيدا لها لو ذهبت بصحبتها إلى المسجد الحرام أو إلى المسجد النبوي الشريف مع التركيز على فكرة الابتلاء وكيف أن المصطفى (عليه الصلاة والسلام) كان إمام المبتلين، وأنه عانى الكثير من صنوف الابتلاء التي يعاني منها البشر في حين أنه حبيب الله وخليله، كما تحتاجين إلى التركيز كثيرا على تغيير فلسفتها ونظرتها للحياة وأن الابتلاء والمرض من أشكال هذا الابتلاء، وأنه إنما جعل لمعرفة مقدار الصبر الذي يملكه البشر، إن مناقشة فلسفة الحياة من منظور ديني سيشجعها على التحدث، كما أن التحدث بوجود من مر بمثل هذه المصائب والابتلاءات سيساعدها أيضا على التحدث وإفراغ انفعالاتها، ولا تنسي أن تساعديها على الاحتكاك بمن كانت مصائبه أكبر من مصيبتها، وسيساعدها أيضا أن تكون بين الحين والآخر في وسط مجموعة من الفتيات اللواتي يتمتعن بروح النكتة واللواتي يستطعن إشاعة أجواء الفرح والضحك حيث يتواجدن.