في أول ردة فعل عنيفة من أمانة جدة، خرج مستشار محافظة أمانة جدة محمد التميمي في برنامج «نوافذ» على القناة الإخبارية السعودية؛ ليوبخ الإعلام السعودي المبالغ والمفبرك أي المزور والمزيف للحقائق، فيما وصف كتاب المقالات بأصحاب «الأقلام الصفراء»، وحملهم مسؤولية كل ما حدث من توتر وتأزم في العلاقة بين الأمانة والمواطنين، «ولم يحدد هل يقصد هنا المواطنين الذين انتقلوا إلى رحمة ربهم، أم الذين نجوا من الجريمة». ثم هاجم أحد الكتاب الأكاديميين الذي رفض تقديم الاستشارة عند تأسيس بحيرة المسك؛ ليأتي بعد ذلك وينتقد الوضع، وكان المستشار يصر على أن ما حدث في جدة «فيضان»، وأن لدى الأمانة معلومات من جهات محايدة تؤكد أن ما حدث في جدة يعتبر كارثة طبيعية لا يسأل عنها أحد، أو هكذا يفهم رأيه في البرنامج. أعرف أن مثل هذا التصريح يثير حنق الكثير وخصوصا سكان جدة، لأن المستشار الذي يحتاج إلى مستشار ليعلمه كيف يصرح بدا وكأنه غير مكترث بالأرواح التي زهقت، «رحمة الله عليها»، ولا بالدمار الاقتصادي الذي طال الكثير، فهناك بيوت وأثاث دمر لسكان جدة، أضف إلى ذلك تلف أكثر من 6000 سيارة دمرتها الأمطار، ومع هذا يخرج المستشار وبشجاعة غريبة ليعنف الجميع. قلت: أعرف أن مثل هذا التصريح يثير حنق الكثير، لكنه في نفس الوقت، «أي المستشار»، يسلط الضوء دون قصد منه على آلية العمل لدينا إلى حد ما، وما هي المواصفات التي تطلبها بعض المؤسسات، لتعيين الشخص مستشارا. فهذا التصريح الذي أطلقه المستشار التميمي حتى توقيته لا يرضي الكثير إن لم أقل الجميع، لكنه في نفس الوقت يرضي أمانة جدة، وربما سيرسل خطاب شكر على ولاء المستشار وتفانيه. هذا التصريح يخبرنا ما النوعية التي تصل لمنصب مستشار في بعض المؤسسات، مع أن مهمة المستشار أن يساعد المؤسسة في اتخاذ القرارات الصائبة، وأن يقدم رأيه بصدق وإن كان مخالفا لرأي المسؤول حين يرى أن القرارات تضر المؤسسة أو لا تحقق المهام المناطة بتلك المؤسسة، ولأنه خبير في هذا المجال يتم تعيينه مستشارا ليساعد صاحب القرار في المؤسسة. ويخيل لي ومن خلال تصريح المستشار التميمي، أنه يفتقد للحنكة والخبرة، فتصريحه لا يمكن أن يصدر عن شخص عركته الحياة، بل هذا التصريح أضر بالأمين أكثر مما أفاده، فالرأي العام سيثور أكثر على هذا التصريح اللامبالي بكل ما حدث لأهل جدة. بقي أن أقول: إن اختيار مستشارين بمثل هذه المواصفات، لا تضر العمل فقط، بل وتضر المسؤول الذي اختار مستشارين ليساعدوه على اتخاذ القرار الأفضل، ولا يملكون إلا المديح، ولو أدى هذا المديح لإثارة الرأي العام ضد الأمانة أكثر مما كان عليه. فهل نعيد النظر في مفهومنا لمن هو المستشار، أم سيستمر الوضع على ما هو عليه، لأن بعض المسؤولين لا يحبون إلا مستشارين بمواصفات «أنت فصل وحنا نلبس»؟ [email protected] للتواصل أرسل رسالة نصية sms إلى 88548 الاتصالات أو636250 موبايلي أو 737701 زين تبدأ بالرمز 127 مسافة ثم الرسالة