أمير الباحة يلتقي المسؤولين والأهالي خلال جلسته الأسبوعية    تعويض الأخطار المهنية إلزامي للسعودي والمقيم    ولي العهد ورئيس الإمارات يبحثان تداعيات التصعيد العسكري في المنطقة    العدالة البيئية    هجوم مسرحي على هامش الأحداث    10 ملايين ريال.. جوائز كأس بطولة العالم لقفز الحواجز والترويض    ب 4 بدينا طريقنا إلى باريس    52 قناة تنقل كأس العالم لقفز الحواجز والترويض    التشهير بالمتحرشين.. «الداخلية» تعلّق الجرس !    نمرة.. وأنا.. وقريتي الحالمة    الأفكار لا تموت    السعودية سينمائياً    افتقاد صحن الحرم ودكاكين مكة !    المملكة ضمن أوائل دول العالم في تطوير إستراتيجية وطنية للذكاء الاصطناعي    المدينة في المرتبة 74 في المؤشر العالمي للمدن الذكية    تنفيذ مشروع تحسين وتجميل المدخل الجنوبي لسكاكا    دورتموند يهزم أتليتيكو برباعية في مباراة مثيرة ويتأهل لقبل نهائي "أبطال أوروبا"    ولي العهد وأمير قطر يبحثان تطورات الأوضاع في غزة    نائب أمير الشرقية يثمن دور الكوادر الطبية    .. و يستقبل العلماء والمشايخ    نجاح خطة الهلال الأحمر في رمضان    أمطار خير وبركة    أمير الشرقية يدشن العيادة الطبية بالإمارة    أمير الجوف يؤكد على تعزيز دور المجتمع في مسيرة التنمية    المملكة.. خطوات رائدة نحو الفضاء    اختتام فعاليات «مكة تعايدنا»    واحة الملك سلمان للعلوم تشارك في الاحتفاء ب«اليوم العالمي للكوانتوم»    معضلة التوتر    فهد بن سلطان يستقبل أهالي ومسؤولي تبوك    سعود بن مشعل يرأس اجتماع لجنة الحج المركزية    «طب العيون» بمجمع الدكتور سليمان الحبيب بالعليا يحصل على شهادة SRC الأمريكية    عودة بطولة بريطانيا للدراجات للسيدات    السينما في عالم يتشكل    الظروف الجوية تجبر الهلال على تدريبات بدنية .. استعداداً لمواجهة العين الإماراتي    رئيس مجلس النواب الأردني يقيم مأدبة عشاء على شرف رئيس مجلس الشورى    أمير الرياض يحضر حفل تسليم جائزة الملك فيصل    صندوق النقد: نمو الاقتصاد السعودي 6%    "الهلال" يكتفي بتدريبات في مقر إقامته    الخطيب: المملكة تركز على مشاريع سياحية مستدامة    انخفاض الإنفاق بالعيد 31%    برنامج لتحسين إنتاجية القمح والشعير    منسوبو مركز التنمية الاجتماعية في جازان يقيمون حفل معايدة بمناسبة عيد الفطر المبارك    محافظ جدة يستقبل القيادات العسكرية    نائب أمير مكة المكرمة صاحب السمو الملكي الامير سعود بن مشعل يستقبل أئمة المسجد الحرام ومديري القطاعات الامنية    نائب أمير منطقة مكة يرأس لجنة الحج المركزية    امير منطقة تبوك يستقبل رئيس وأعضاء الجمعية التعاونية الاستهلاكية    منتدى دولي لتطوير رحلة العمرة والزيارة    المملكة تنفذ مشاريع إنسانية ب61 مليون دولار    للبلطجة عناوين أخرى حول ضربة إيران لإسرائيل    موافقة سامية على تشكيل مجلس أمناء جامعة الملك عبدالعزيز    القيادة تعزي سلطان عُمان في ضحايا السيول    استمرار التوقعات بهطول الأمطار مع انخفاض في درجات الحرارة ب3 مناطق    ورود وحلويات للعائدين لمدارسهم بعد إجازة العيد    كيف تصبح أكثر تركيزاً وإنتاجية في حياتك ؟    5 أكلات تريح القولون    ثلث النساء يعانين من صداع نصفي أثناء الدورة الشهرية    أحد الفنون الشعبية الأدائية الشهيرة.. «التعشير الحجازي».. عنوان للفرح في الأعياد    مراحل الوعي    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



«الثقافة الافتراضية».. كسر لحضور النخبة أم تكريس للشللية ؟

تباينت آراء المثقفين حول الفعاليات الثقافية التي نظمتها بعض المؤسسات الثقافية خلال جائحة كورونا عن بعد عبر منصات التواصل الاجتماعي والإعلام الرقمي، فمنهم من رأى أنها كسرت حضور النخبة وأبرزت أسماء جديدة، فيما يرى آخرون أنها أسهمت في تكريس الشللية من خلال تكرار الأسماء التي تسيطر على أغلب الفعاليات في الأندية الأدبية والمؤسسات الثقافية الأخرى.. وخلال أزمة كورونا أدركت العديد من المؤسسات الثقافية والمعنية بالثقافة القيمة الفعلية لمنصات التواصل الافتراضي فاتجهت لها وعملت على تفعيلها والتواصل من خلالها مع الجمهور.
ومع اختلاف الموضوعات والأسماء ونوعية البرامج التي قدمت وما زالت تقدم، إلاّ أنّ هناك تبايناً كبيراً في المستوى من حيث التجديد والابتكار ونسب المتابعة والمشاهدة.
«عكاظ» تابعت العديد من الفعاليات الثقافية الافتراضية وطرحت بدورها هذا التساؤل على أدباء مهتمين بهذه الفعاليات ومتابعين لها التي تقدمها مؤسسات ثقافية رسمية أو جهات معنية بالثقافة عبر منصات افتراضية مختلفة: هل قدمت هذه الفعاليات جديداً على مستوى الموضوعات والأسماء؟ وهل استطاعت هذه المنصات كسر النخبوية التي كانت تعاني منها المؤسسات الثقافية في الواقع الذي سبق أزمة كورونا؟
الشاعر حسن القرني رأى أن الاختلاف كان طفيفاً على صعيد عدد الحضور لدى المؤسسات الثقافية المحلية التي وجدت في التقنية الحديثة ملاذا جيدا للعمل والوصول للناس؛ وأضاف: على صعيد المحتوى والضيوف فلا شيء يذكر؛ نفس المحسوبيات والمواضيع ما خلا (كيف هو الأمر أثناء وبعد كورونا؛ وبماذا تقضي وقتك في الحجر المنزلي؟).
أما المواقع الافتراضية كموسوعة أدب على سبيل المثال؛ التي تشهد حضورا كثيفا يحسب لها؛ فلا تزال تكرر بعض الأسماء وتنفخ في أسماء أخرى؛ فلم تستطع أن تعرّفنا على اسم جديد؛ ولا أن تلقي الضوء على مواهب تستحق أن تأخذ مكانها.
لذلك لا نستطيع أن نشكر سوى التقنية وكورونا اللذين جعلا الحضور ممكنا لمن يرغب؛ وما عدا ذلك فالاختلاف فقط بين الشماغ والقبعة.
فيما رأى الكاتب يحيى العلكمي أنّ هذه الفعاليات جيدة إلى حدّ كبير، واستطاعت أن تستمرّ في تقديم خدماتها وممارسة أدوارها متخطية الظروف الراهنة ومتخذة ما وفرته إمكانات التقنية وتطبيقاتها سبيلا للوصول إلى المهتمين في بيوتهم بأريحية وبتغطية واسعة لكل شرائح المجتمع التي كان بعضها يتردد في الحضور إلى مقرات تلك المؤسسات قبل ظهور الوباء وتفشيه، وأضاف: هذا التواصل الافتراضي حدّ من وطأة النخبوية الثقافية وكسر ما بنته من أسوار سابقا، فأصبح المتلقي يدخل إلى تلك القاعات الافتراضية مستمعا للمرة الأولى ثم لا يلبث أن يتداخل سائلا أو محاورا ومعقّبا.
ويؤكد العلكمي أنّ هذه الفعاليات الثقافية ومن خلال ما تابعه استطاعت على مستوى الأسماء والموضوعات التجاوز نوعا ما عبر طرح موضوعات جديدة أو استضافة أسماء غير معتادة متخطية الحدود الجغرافية المكانية إلى آفاق بعيدة مستضيفة أساتذة ومبدعين لم يكونوا ليحضروا بسهولة إذا نظرنا إلى ما يقتضيه سفرهم من إجراءات وتصريحات رسمية.
الشاعر محمد خضر أكد أنّ المؤسسات الثقافية والأدبية وجدت نفسها أمام خيار الإلكتروني الافتراضي أخيراً، ذلك الخيار الذي لم يكن يعني شيئا لأغلبها، وجدت نفسها كمضطرة الآن وكأن هذه الأزمة منتظرة لتكون منعطفاً.
‏وأضاف خضر: هذه مبادرات جميلة من المؤسسات الثقافية، والمبهج حقاً أن هذه الأمسيات كسرت محدودية الحضور التي كانت تعاني منها الأمسيات الإبداعية بشكل لافت، وهي فرصة ليستعيد الأدب والفن مكانتهما، فالحضور الكبير لم يقتصر على المؤسسات الثقافية بل شمل تلك الأمسيات التي ينظمها كُتاب أو فنانون أو شعراء في حساباتهم الشخصية في انستغرام مثلا.
وعدّ خضر هذا حالة فردية متاحة للجميع في فتح نوافذهم ولقاء أصدقائهم وقراءة نصوصهم.. وهي مفعلة في حقيقة الأمر حتى قبل هذه الأزمة التي نمر بها
‏ولا شك هناك أمسيات قدمت جديداً في أسئلتها وطرحها ومضامينها يبقى فقط أن تحاول المؤسسة أن تخرج من آليات التنظيم والطرح التقليدي وأن توظف فضاءاتها مع هذا المعطى المهم.
‏وأكد خضر أنه شارك في عدة أمسيات افتراضية، منها أمسية موقع أدب، وأخرى تحت مسمى إكسير الشعر مع مجموعة من الشعراء في محاولة لأن نخترق حصار كورونا بهواء الشعر النقي.
الدكتور عبدالسلام الوايل لاحظ أنّ الجديد في هذا النشاط الافتراضي يتمثل في المنصات التي تقدم هذه الأنشطة الثقافية والاجتماعية، حيث لم تقتصر على الجهات الثقافية المعروفة كالنوادي الأدبية والجمعيات الثقافية، بل توسعت قاعدة المنظمين، وبالتالي أصبح هناك توسع من المتحدثين والمواضيع غير المعتادة، وتحول عرض البحث العلمي على سبيل المثال من استخدام الأساليب الكمية في الجامعات السعودية إلى الأساليب الكيفية عن طريق زوم، هناك فعالية منظمة من قبل جامعة سعودية عدد المسجلين فيها تجاوز 2000 فاضطرت الجامعة أن تفتح العرض المباشر عن طريق يوتيوب وهذا لم نشهده من قبل عبر الجلسات التقليدية من المؤسسات الثقافية وغيرها. ويضيف: الأندية الطلابية والجامعات السعودية انفتحت على المجتمع، إذ لامسنا التغيير في المنصات ولحقها التغيير في المواضيع والأسماء.
«جائحة ثقافية» تكرر الأسماء والأفكار
أشارت الدكتورة أريج الجهني إلى أن هذا النوع من النشاطات الافتراضية الذي وصفته بالجائحة الثقافية، أبرز شللية واضحة تقصي الطاقات الشابة، وأكدت أنها ليست ضد الفعاليات الافتراضية، لكن الذي حدث من إفراط في عددها أظهر أنها كانت على حساب النوعية.وأضافت أنّ هذه الفعاليات ما زالت تكرر الأفكار والأسماء رغم اتساع الخيارات لكن المشكلة في العقول وأنّ الأزمة أزمة فكر! وتساءلت أريج الجهني عن غياب الإنتاج الفكري والسجالات الجادة والناضجة وأكدت أنّ ما يحدث اليوم من تكرار وحشو لا يعكس سوى أزمة حقيقية تحتمل وجهين: الوجه الأول هو عجز الفرد عن الانعتاق من الآخر بحيث أصبح عاجزاً عن أن يعيش عزلته، والوجه الآخر هلع الفرد من الوحدة وهو أخطر، لذلك أسرف البعض في الحضور التقني. واستحضرت الجهني نظرية غوفمان حول الدور الاجتماعي لأنه ضرورة لنفهم أن الهويات المتعددة وأوضحها هي الهوية التقنية اليوم واليوزرات جعلت البعض يستمد قيمته الوجودية من خلال هذه المعرفات، متسائلة: «هل الموضوع خطير؟» نعم الموضوع خطير، إذا لم يكن هناك مشروع بحثي ومرصد وطني جاد للتحولات التي تحدث في الهوية سيزداد الوضع سوءا خاصة إن امتد الحجر لمدة أطول. وختمت بأنها لا تنتقص من جهد المتطوعين بل تشكرهم لشجاعتهم وخوضهم غمار الوجودية التقنية، لكن يبقى في النفس هاجس وتوجس مما يراه الناس عنا وما نراه ونؤمن به عن ذواتنا، مؤكدة أنّ هناك قيمة باقية للفعاليات الافتراضية وهي تجربة لعلها تجعل إنسان المستقبل أكثر استقلالية عن الآخر، ولعلها تزيد نضج الناس في ممارساتهم اليومية، ويعيدون النظر في ما يستهلكون وما يشاهدون وما يسمعون ولهذا ترى أنه من المهم أن تخلق لنفسك سكينة وركناً هادئاً تتكئ فيه على نفسك بعيدا عن المناوشات.
فعاليات تكرس المصالح «عن بعد»
تجددت ظاهرة الشللية الثقافية مغتنمة مواقع التواصل الاجتماعي ومجتاحة التقنية لتسجيل حضورها التياري وتقديم الفعل الثقافي التقليدي عبر منصات حداثوية، رغم انصراف الاهتمام الجماهيري إلى معطيات الطب ومنجزات العلم أملاً في توفير أمصال تقطع دابر الوباء الذي أرعب كل سكان الكوكب الأرضي، ولم ينجح كوفيد 19 الفارض بقوة ثقافة التباعد في تفتيت الشللية التي تجتهد في تعزيز تضامنها واستقطاب جماهيرية أوسع بتبني مبدأ التسامح والقبول بالمختلف والمخالف. ويرى الناقد الثقافي محمد المنقري أن ظاهرة النشاطات الثقافية والأدبية (الافتراضية) أثبتت أن (الشللية) تقاوم كل نوائب الدهر بما فيها كورونا الذي عجز عن تفتيتها وتفريق شمل أعضائها، مشيراً إلى أن الشلل تواصل رعاية مصالحها (عن بُعد) بحكم أن الكراسي والملفات بأيديهم في ظل غياب المؤسسات الثقافية الرسمية المعنية بالتشريع وإجازة الفعاليات؛ كون القطاعات الثقافية مظلات مؤسساتية حقيقية تستوعب البرامج الثقافية عبر المنابر التقليدية والمنصات الرقمية. ولفت المنقري إلى ظاهرة تكرار أسماء أعضاء الشلة في الفضاء الافتراضي بلبوس جديد إثر تواريها عن المنابر التقليدية بافتضاح أجندتها ومشاريعها المؤدلجة، وعد المنصات الرقمية متنفساً كونها لا تخضع لمراقبة القطاع الثقافي ولا موافقة بعض الجهات التي تضبط الأنشطة الثقافية طيلة العام وتراجع مستواها. وتساءل المنقري عن جدوى نقل ‏البرامج التقليدية عبر تقنيات التواصل الحديثة بمشاركة الأسماء المهيمنة على المشهد منذ 40 عاما والمتشبثة بفكرها القديم الإقصائي لكل الأسماء الجديدة ما يعني ثبات الشلة واختلاف الوسيط.وتطلع لنهوض مميز لهيئة الأدب والنشر والترجمة يتجاوز النوافذ المتواضعة والمسابقات التقليدية.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.