انعقاد القمة العربية بالمنامة غدًا بحضور ملوك وأمراء ورؤساء الدول العربية    وزير العدل يلتقي رئيس المجلس الدستوري في فرنسا    "زين" تستثمر 1.6 مليار ريال لتوسيع انتشار ال"5G"    ارتفاع النفط واستقرار الذهب    ضبط 264 طن مأكولات بحرية منتهية الصلاحية    زلزال بقوة 5.1 درجات يضرب جزر قبالة سواحل نيوزيلندا    «النيابة»: باشرنا 15,500 قضية صلح جنائي أسري.. انتهاء 8 آلاف منها صلحاً    أمير حائل يكرم عددًا من الطلاب الحاصلين على الجائزة الوطنية بمبادرة "منافس" بتعليم المنطقة .    أمير تبوك يثمن للبروفيسور " العطوي " إهدائه لجامعة تبوك مكتبته الخاصة    «الصحة» تدعو الراغبين في الحج إلى أخذ واستكمال جرعات التطعيمات    "ميتا" تدعم سماعات أذن بالذكاء الاصطناعي    فيغا يعود للتدريبات الجماعية للأهلي    من أعلام جازان .. الشيخ عيسى بن رديف بن منصور شماخي    نيمار يبدأ الجري حول الملعب    "الحج" تختبر خطط التفويج بفرضية ثانية    الصمعاني يشارك في قمة رؤساء المحاكم في دول G20    وزير الحرس الوطني يرعى تخريج 2374 طالباً وطالبة من «كاساو»    بمشاركة 11 دولة.. ورشة لتحسين نظم بيانات المرور على الطرق    السوق السعودية ضمن أول 10 دول في العالم المملكة أكثر الاقتصادات تسارعاً آخر 6 سنوات    أفضل الإجراءات وأجود الخدمات    26 % ارتفاع أعداد الركاب في المطارات لعام 2023    جناح طائرة ترامب يصطدم بطائرة خاصة في مطار بفلوريدا    سعود بن نايف: رؤية المملكة أسهمت في تحسين جودة الحياة    خادم الحرمين يرحب بضيوف الرحمن ويوجه بتقديم أجود الخدمات    أمير القصيم: تطوير القدرات البشرية يحظى بعناية كبيرة من القيادة    سفيرة المملكة في واشنطن تلتقي الطلبة المشاركين في آيسف    سعود بن بندر يثمّن جهود هيئة النقل    «الداخلية» و«سدايا» تطلقان جهازاً متنقلاً لإنهاء إجراءات المستفيدين من مبادرة «طريق مكة»    إطلاق مبادرة «دور الفتوى في حفظ الضرورات الخمس»    أمير تبوك ينوه بجهود القيادة في خدمة ضيوف الرحمن    كأس إيطاليا بين خبرة اليوفي وطموح أتالانتا    لجلب صفقات من العيار الثقيل.. النصر يعتزم الاستغناء عن 3 أجانب    نائب أمير مكة يستقبل عدد من اصحاب السمو والمعالي والفضيله    إعفاءات.. جمركية بالأسوق الحرة    وزارة لتشجيع زيادة المواليد بكوريا الجنوبية    واتساب تطلق تصميماً جديداً    الوجه الآخر لحرب غزة    المجون في دعم كيان صهيون    أهمية الاختبارات الوطنية «نافس» !    حالة مطرية في معظم المناطق حتى السبت    طموحنا عنان السماء    الأمن والاستقرار    انطلاق برنامج الرعاية الأكاديمية ودورة البحث العلمي في تعليم الطائف    ..أنيس منصور الذي عاش في حياتنا 2-1    مكانة بارزة للمملكة في عدد مقاعد «آيسف»    تمكين المواهب وتنشيط القطاع الثقافي في المملكة.. استقبال 2200 مشاركة في مبادرة «إثراء المحتوى»    محتوى الغرابة والفضائح !    ليس لأحد الوصول    الاحتراف تحدد مواعيد تسجيل اللاعبين في دوري روشن و"يلو"    المان سيتي يكسر عقدة ملعب توتنهام الجديد وينفرد بصدارة الدوري الإنجليزي    الهلال والنصر.. والممر الشرفي    حمام الحرم.. تذكار المعتمرين والحجاج    تفقد محطة القطار ودشن «حج بلياقة».. أمير المدينة المنورة يطلع على سير الأعمال بالمطار    ريال مدريد يحتفل بلقب الدوري الإسباني بخماسية في شباك ديبورتيفو ألافيس.. وفينيسيوس يُسجل هاتريك    ( قلبي ) تشارك الهلال الأحمر الاحتفاء باليوم العالمي    الكلام أثناء النوم ليس ضاراً    تأثير العنف المنزلي على الأطفال    مواد كيميائية تسبب السرطان داخل السيارات    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



إيقاع العصر.. هل يفرض على المبدع الإيجاز؟

طبعت التقنية بصمتها على جدار العصر البشري، واستحكمت في حياة الناس معطيات حديثة متناغمة مع الإيقاع السريع، وتمددت موجة المباشرة والإيجاز عبر التدوينات اليومية والتغريدات الآنية ما يعني انحسار مساحات الكتابة المسترسلة؛ لأن وقت القارئ لم يعد ملكاً له ما يؤذن بفرض الإيجاز نفسه ضابطاً رتم مطولات الإبداع في زمن الومضة.
يؤكد القاص فهد الخليوي على المستوى الشخصي أنه يتفهم الحالة ويستوعب التحولات بما فيها نفس القارئ القصير بحكم ما يحيطه وما يتفاعل معه من معطيات ومخترعات تستهلك كثيراً من وقته بالصورة والتواصل ورتم الحياة السريع، مشيراً إلى أن زمن المطولات له مبرراته من شح مصادر المعرفة إلى توفر الوقت وراحة البال، وأبدى تفهمه للحقبة المعززة مبدأ الإيجاز لافتاً إلى أن لغة العصر تعتمد التكثيف والجمالية المغذية روح القارئ بومضات، وكشف أنه راهن منذ سنوات على القصة القصيرة جداً استشعاراً لأهمية احترام ذائقة و وقت وظروف القارئ، وقال: «كفاية ما كتبناه من مطولات، فأفكار اليوم تحتاج مهارة لتقديمها للمستهدفين دون إكراه على الملل وترك العمل الإبداعي في بدايته أو منتصفه دون إتمام قراءته».
فيما يذهب الشاعر خالد قماش إلى أن التحول الكتابي من عصر المطولات والمعلقات والروايات المئوية (ذات المئات من الصفحات) إلى عصر الاختصار والتكثيف اللغوي ظهر منذ بداية الآلفية الثانية، من خلال فن قصائد النثر ونصوص الومضة شعرياً، ونصوص القصة القصيرة جدّاً والمقالات المكثفة والمختصرة سردياً، وعزا قماش التحول إلى طبيعة العصر الاستهلاكي المرعب الذي يبتلع تفاصيلنا اليومية ويلتهم أوقاتنا الحياتية بشكل مخيف، وعد الإيجاز حقلاً من حقول التجريب الكتابي الماتع لمن يُحسن التعامل مع أدواته ودلالته في ظل تمدد الثقافة البصرية المتمثلة في أقنية التواصل الاجتماعي المختلفة على حساب الثقافة القرائية والاستقصائية، ويرى أن نشوء جيل تسيطر عليه برامج وتطبيقات السوشيال ميديا، وتختطفه من سياقه الاجتماعي والإنساني، يحيل المبدع كائناً متماهياً مع الواقع الذي يركض بشكل لاهث نحو فضاءات غائمة، ويحاصره من كل جهات الحياة، ويخنقُ رئته الكتابية، ليصل إلى قناعة بحتمية كتابة قصيدة الومضة والروايات القصيرة، في زمن فقد الكتاب جليسه، وماتت العلاقة الوجدانية بين القارئ ورائحة الورق. ويرى الروائي طاهر الزهراني أن على الكاتب التمتع بالممانعة، والحصانة، من المؤثرات التي تعكسها الطريق الحديثة أو السائلة كما يقرره «باومان» سواء في الكتابة أو في أي فعل ثقافي آخر، ويرى أنه ليس من المعقول أن يرضخ الكاتب لنوع من أنواع الكتابة؛ بسبب أن الزمن فرض شكلاً وطريقة ما يقصي الكتابات الجادة، والاستغراق الذي تتطلبه الكتابة العميقة والتأملية، وحتى الإبداعية.
ويؤكد الزهراني أن مصطلح الرواية البدينة كما يطلق عليه الناقد سعيد يقطين تم تكريسه عندنا لأسباب عدة منها الجوائز الأدبية، ما يشعر بإنفاق ضمني بين الجوائز وبعض الكتّاب حد الاعتقاد بأنه لكي تفوز لا بد أن تكتب رواية كبيرة أو «بدينة»، وعزا إلى غياب المحرر الأدبي، ما تعانيه بعض الأعمال من الحشو، ولو خضع لعملية تحرير سيتخلص من النصف! وأوضح أن كتابة العمل الكبير بحاجة لأدوات عالية على مستوى الفن والصناعة، وخلق التوتر الدرامي مما يكاد يكون معدوماً في العالم العربي، مع استثناءات قليلة جداً. وتطلع إلى أن يعرف كل كاتب مدى قدراته ليقرر حجم ما يكتب، مشيراً إلى أن عملاً في أربعين ألف كلمة - أقل أو أكثر بقليل- يمكن أن يستوعب كل ما لدى كاتبه فناً ومضمومناً.
فيما تعوّل القاصة الإماراتية صالحة عبيد على الفكرة باعتبارها سيدة الشكل الأدبي سواء كانت قصة رواية، رواية قصيرة أو نوفيلا كما هو متعارف عليه أخيراً «وعدت التكثيف براعة إن لم يكن على حساب هيكل العمل، وتحفظت على اعتقاد قاصر بأن التكثيف والاختزال هو في عدد الصفحات فقط، كون مهارة الكتابة تفرض على الذائقة ديمومة الاستعادة القرائية لعمل فني لا يضمحل، ولا يستعاض عنه، بل يبقى جاهزاً للاستخدام في أي وقت»، وتحفظت على التصور المسبق لمزاج القارئ وما يكمن خلفه باعتبار أن سؤال الوعي فردي ومزاج القارئ يتشكل فردياً وتضيف لسنا أمام كتيبة من المتلقين بالنمط ذاته من التفكير والتلقي. وعدت حصر الأمر في فكرة مزاج عام شكلاً من أشكال التسطيح. وناشدت الكاتب التركيز على التجويد والتجديد في الشكل الإبداعي ومضمونه لكي يتأسس مع الوقت وعي متلقي متنوع ومتمايز ومرن في تجاوبه مع المنتجات الإبداعية التي ستمد في عمر وتأثير الكلمة وتوابعها على المجتمعات.
من جانبه، يرى الناقد الدكتور صالح معيض الغامدي أن منظومة الأجناس الأدبية متعددة ومتنوعة طولاً وقصراً وهي كفيلة بمواكبة إيقاعات العصر في هذا الجانب. وأضاف: «استجدت بعض الأشكال السردية والسيرية القصيرة التي انتشرت في وسائل التواصل الاجتماعي المتنوعة. وأظن أننا سنشهد تعايشاً بين الأشكال السردية الطويلة والقصيرة في الساحة الأدبية.
لا يمكن القبض على جماليات عصر ال«مابعديات»
قال أستاذ الأدب والنقد في جامعة الباحة الدكتور سعيد الجعيدي إن الأمور نسبية؛ بحكم أننا في مرحلة تقبل كل معطيات الإبداع طولاً واختصاراً، وعزا القرار لرؤية الكتاب والمتلقين معاً. بحكم أن هناك من يستهويه التأمل والحفر والتعمق، وهناك من تغنيه الإشارة والترميز والتأويل المفتوح. ويرى أن هذه الحقبة المعلوماتية والتكنولوجية القائمة على صيرورة دائمة ومستمرة تسهم في تشكيل وعي إنساني مختلف، ما يستدعي من المبدعين تشكيل نصوص رقمية جديدة تواكب هذه الحقبة، ويؤكد أن ملامح هذه النصوص الجمالية لم تستقر بعد، فهي أيضاً في حالة متجددة ومتناسلة ومتداخلة عابرة للأجناس والأنواع ولخصائص النظرية الأدبية والنقدية المستقرة. ويرجح الجعيدي أننا في مرحلة تجريب إبداعي أدبي ونقدي يسعى لمواكبة التجربة الإنسانية الجديدة في عصر المابعديات، وهو عصر يصفه البعض بأنه عصر السيولة الذي لا يمكن القبض على تجاربه وقيمه وجمالياته ومجمل معطياته في كل الحقول المعرفية والإبداعية!


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.