كتب محمد البلادي مقالاً بعنوان «هل نحتاج وزارة للأسرة؟» تناول فيه أهمية وجود وزارة تهتم بالأسرة وتدعمها، ولأهمية المقترح الذي طرحه الكاتب أود استعراض بعض النقاط التي تؤكد الحاجة إلى وجود وزارة مستقلة تعنى بالأسرة في المجتمع السعودي، لاسيما أن الأسرة في الوقت الحالي تمر بمرحلة تحولات وتغيرات مهمة، وكان لدول العالم المتقدم السبق في الاهتمام بالأسرة من خلال تقديم العديد من الخدمات والفرص التي تهدف إلى تنميتها، منها اعتماد وزارات تعنى بشؤونها، فمثلاً فنزويلا أنشأت وزارة التنمية الاجتماعية والخدمات الأسرية، وسنغافورة وزارة التنمية الاجتماعية والأسرية، أما أمريكا الشمالية فسُميت بوزارة الطفل والتنمية الأسرية. ولو تفحصنا خدمات وهيكلة تلك الوزارات لوجدنا التشابه الكبير فيما بينها في العديد من النواحي منها: أولاً: ارتباط مسميات وزارة الأسرة بالتنمية بشكل عام والتنمية الاجتماعية بشكل خاص وهذا ليس بمستغرب فالتنمية تبدأ من الأسرة وتنتهي إليها. ثانياً: تشابه الخدمات والأنشطة والفعاليات التي تقدمها تلك الوزارات والتي منها، خدمات المسنين والتي تهدف إلى تحسين نوعية حياة كبار السن، خدمات متعلقة بالأسر التي تعاني من المشكلات الأسرية كالطلاق أو العنف أو السجن، إضافة إلى خدمات خاصة بالمنحرفين سلوكياً وأسرهم ومحاولة إعادة تأهيلهم وتزويدهم بالمهارات اللازمة لضمان إعادة انخراطهم في المجتمع، كذلك أولت عناية فائقة بذوي الاحتياجات الخاصة وأسرهم، كما اهتمت تلك الوزارات بنتائج الأبحاث العلمية المتعلقة بالأسرة ومحاولة رصد وتقييم مدى مناسبة الحلول المقدمة لها. ثالثاً: إسناد صلاحيات الوزارة إلى نخبة من المتخصصين والخبراء في المجال وخاصة في المهمات التي تتعلق بتصميم وإعداد البرامج والأنشطة ذات الصلة المباشرة بالأسرة. رابعاً: وجود شراكات وأوجه متعددة للتعاون بين وزارة الأسرة والوزارات الأخرى مثل وزارتي التعليم والصحة وغيرها، ولعل أشهرها مشروع «صحتي» من إعداد وزارة الأسرة بسنغافورة والذي يهدف إلى تعزيز المفاهيم والسلوكيات الصحية للطلبة في مرحلة المراهقة. ومن المنطلقات السابقة فإن إنشاء وزارة للأسرة ليس بالأمر الجلل فملامح التجربة باتت واضحة وكل ما نحتاج إليه هو التطبيق والتنفيذ، وإنني أقترح فصل وزارة العمل والتنمية الاجتماعية إلى وزارتين مستقلتين وهما وزارة العمل والعمال والوزارة الأخرى بمسمى وزارة التنمية الاجتماعية والأسرية أو الخدمات الأسرية، كما أقترح إسناد مهام وزارة التنمية الاجتماعية والأسرية إلى متخصصي/ات العلوم الأسرية وعلم الاجتماع وعلم النفس والإرشاد الأسري ذوي الكفاءة في جامعاتنا السعودية. وأخيراً وليس آخراً، الأسرة هي نواة المجتمع وإن صلاح هذه النواة والحفاظ عليها أولى خطوات التنمية والتطور الذي ننشده في رؤية مملكتنا الحبيبة.