تزخرُ جميعُ الأجهزةِ الذكيةِ بتطبيقاتٍ عدةٍ تُستخدمُ لأغراضٍ مختلفةٍ ومتباينةٍ حسبَ الأشخاصِ والذائقةِ والتخصصِ. وبطبيعةِ الحالِ للترجمةِ نصيبُ الأسدِ في استخدامِ هذهِ التطبيقاتِ نظرًا لما تمتازُ بهِ منْ سرعةِ إنجازِ مهامِ الترجمةِ في عصرٍ يتسمُ بالدينامكيةِ والتسارعِ. ولكنَّ السؤالَ الذي يطرحُ نفسَه في هذا المقامِهو ما مدى دقةِ وسلامةِ الترجمةِ عندَ الاستعانةِ بتلك التطبيقاتِ؟لا يَخفى على الجميعِ أنَّ الاعتمادَ على مثل هذه التطبيقاتِ في الترجمةِ له أثرٌ كبيرٌ في سرعةِ الانتهاءِ من المهامِ كما وردَ ذكرُهُ آنفًا ولكنْ في هذا المقالِ سيتمُّ التطرقُ للنواتجِ السلبيةِ حالَ اللجوءِ لمثلِ هذهِ التطبيقاتِ في ترجمةِ بعضِ النصوصِ مثلَ النصوصِ الدينيةِ و النصوصِ الأدبيةِ وذلكَ بسببِ اشتمالِ مثلِ هذه النصوصِ على خصائصَ وسماتٍ خاصةٍ كاحتوائِها على الأساليبِ المجازيةِ والصورِ البلاغيةِ إضافةً إلى وجودِ بعضِ المعاني الضمنيةِ التي لا يمكنُ استنباطٌها وفهمُها عن طريقِ التطبيقاتِ الذكيةِ مهما بلغتْ دقتُها في نقلِ المعاني مِن النصِ الأصليِّ إلى النصِّ المرادِ الترجمةُ له (النص الهدف). وبما أنَّلغةَ الضادِ هي لغةُ القرآنِ الكريمِ، لغةُ الابداعِ والثراءِ اللغويِّ، لغةُ البلاغةِ والفصاحةِ والعمقِ والشمولِ والجمالِ، لذا سيقتصرُهذا المقالُ على اللغةِ العربيةِ تكريمًا لها واحتفاءً بها في يومِها العالميِّ وهذا أقلُّ ما يمكنُ تقديمُهُ لخدمةِ هذهِ اللغةِ الخالدةِ والرائدةِ. مِن سلبياتِ هذهِ التطبيقاتِ عندَ استخدامِها للترجمةِ مِنْ وَإلى اللغةِ العربيةِ أنها تُفْقِدُ النصَّ روحَهُ وقيمتَهُ وذلكَ بسببِ عدمِ قدرتِها على سبْرِغورِ بعضِ المعاني وخاصةً عندَ عدمِ كتابةِ النصِّ بالتشكيلِ والضبطِ المطلوبِ، في مثلِ هذهِ الحالةِ ستنتجُ ترجمةٌ حرفيةٌ لا تمتُّ للنصِّ الأصليِّ بصلةٍ وذلكَ لعجزِ تلكَ التطبيقاتِ عنْ فهمِ النصِّ بالشكلِ الصحيحِ. مميزاتُ الترجمةِ البشريةِ: لا تقتصرُ الترجمةُ البشريةُ على الكلماتِ بل إنها تعتمدُ على استخدامِ التفكيرِ النقديِّ والوعيِ الثقافيِّ لنقلِ الرسائلِ التي ينعكسُ صَداها لدى الجمهورِ. يُمْكنُ نقلُ التعبيراتِ و العباراتِ دقيقةِ الصياغةِ مثلَ الصياغةِالإبداعيةِ و المجازيةِ لأنَّ الترجمةَ تتمُّ بواسطةِ أشخاصٍ يفهمونَ اللغةَ والثقافةَ المرتبطةَ بِها. الترجمةُ البشريةُ ليستْ مقتصرةً على ترجمةِ كلمةٍ بكلمةٍ وإنما بنقلِ المعنى الحقيقيِّ وراءَ النصِّ المكتوبِ والرسالةِ التي يوجهُهَا . ولتفادي كل هذه السلبيات فالحلُّ يكمن باختيارُ النهجِ المختلطِ بينَ التطبيقاتِ والترجمةِ البشريةِ. سلبياتُ الترجمةِ عبرَ التطبيقاتِ كثرةُ الأخطاءِ خاصةً بالكلماتِ التي تحمل أكثرَ مِنْ معنى مثلَ كلمةِ (ضَرَبَ) والتي قد تعني ضرب الأمثال، الضرب بالمعنى المفهوم لدى العامة، أو الضرب في الأرض وهو السفر . بالرغمِ مِنْ تميُّزِ الترجمةِ عبرَ التطبيقاتِ بالسرعةِ لكنْها قد تحتوي أخطاءَ نحويةٍ و صرفيةٍ تُؤَدِّي إلى رَكاكةٍ في المعنى وتعبيراتٍ مبهمةٍ تحتاجُ إلى التعديلِ والتصحيحِ مِنْ قِبَل الأشخاصِ. الحاجةُ إلى قضاءِ وقتٍ أطولَ في فَهْمِ ما ترجَمَتْهُ تلكَ التطبيقاتُ لأنَّ ناتجَ الترجمةِ سيكون في أغلب الحالات حرفياً. الترجمةُ علمٌ وفنٌّ يجبُ تعلمُ معاني الكلماتِ والمصطلحاتِ والعباراتِ. يجبُ تعلمُ قواعدِ اللغةِ والاستفادةِ مِن مميزاتِ كلِّ لغةٍ لتظهرَ ترجمةً جيدةً لا يستطيعُ أحدٌ تمييزَ إنْ كانت الأصلَ أو الترجمةَ. تعلمُ الصورِ و التشبيهاتِ البلاغيةِ ومعرفةُ مقابِلها في اللغةِ الهدفِ. تعلمُ أو معرفةُ حضارةِ و ثقافةِ كلتا اللغتينِ لأنَّ هذا يُعْتَبرُ النكهةَ التي تجعلُ للكلماتِ مذاقًا أصيلًا. التفننُ في النقلِ وإظهارِ مواطنِ الجمالِ في كلتا اللغتينِ. الإبداعُ في إيجادِ الكلماتِ الملائمةِ والتي تعبِّرُ عن قصدِ الكاتبِ الحقيقيِّ . وبهذا تكونُ الترجمةُ علماً , ومع الخبرةِ و الممارسةِ تصبح فناً و إبداعاً وعملاً يجعلُ القائمَ عليهِ يستمتعُ بهِ. وخلاصةُ القولِ، كلُّ هذا تفتقرُ إليهِ التطبيقاتُ المستخدمةُ في الترجمةِ.
*أستاذ اللغويات الاجتماعية المساعد قسم اللغة الانجليزية / كلية اللغات والترجمة جامعة جدة