اللغة العربية لغة سامية عريقة، وهي من أقدم اللغات التي تمكنت من الحفاظ على بنائها الأصيل عبر آلاف السنين، كما تتميز بكونها الأكثر ثراءً من الناحيتين اللغوية والثقافية. لم تعرف اللغة العربية الانقطاع في تاريخها الطويل؛ فهي كيان حضاري عميق منذ القدم. تشهد النقوش العربية القديمة (الثمودية، والصفوية، واللحيانية، والدادانية، والسبئية، والحميرية) على بداياتها ولهجاتها المبكرة، وتُعدّ أقدم شاهد مكتوب على وجودها. وبعد هذه الموجة الطويلة من التطور اللغوي التي حفظتها النقوش، جاءت مرحلة الشعر الجاهلي والخطابة والمعلقات، التي مثّلت مرحلة ناضجة جدًا، ودلَّت على أن العربية الجاهلية كانت في غاية النضج قبل الإسلام، وأن اللغة كانت قد وصلت إلى مستوى رفيع من البيان بقرون قبل البعثة النبوية. ازدهرت اللغة العربية بشكل استثنائي حين نزل بها القرآن الكريم، الذي منحها قوة وثباتًا لم تعرفه لغة أخرى، وأسهم في انتشارها السريع خارج الجزيرة العربية. وبفضل هذا الارتباط المقدس، تحوّلت العربية إلى لغة العلم والإدارة والتجارة، وانتقلت مع انتشار الإسلام لتصبح لغة جامعة ولسانًا لحضارة عظيمة. تُعرف اللغة العربية ب«لغة الضاد»، نظرًا لكونها اللغة الوحيدة التي تحتوي على هذا الحرف، ولأن العرب هم أفصح من نطقوه. وتُعدّ إحدى أجمل لغات العالم؛ لجمالية تراكيبها، وتناغم أصواتها وألفاظها، وثراء معاني كلماتها المتعددة، وأسلوبها الفني الرفيع، وثقافتها العريقة. احتفل العالم ب«اليوم العالمي للغة العربية» منذ عام 2012، واختير الثامن عشر من ديسمبر لأنه اليوم الذي صدر فيه قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة رقم 3190 عام 1973 بإدخال العربية ضمن اللغات الرسمية ولغات العمل، بعد جهود دبلوماسية قادتها المملكة العربية السعودية وعدد من الدول العربية. وفي الدورة 190 لليونسكو عام 2012، اعتُمد هذا التاريخ يومًا عالميًا للعربية، واحتفلت به المنظمة لأول مرة في ذلك العام. وبوصفها لغة القرآن ولغة الوحي، تحتل العربية مكانة مقدسة بين الشعوب المسلمة في جميع أنحاء العالم، وهو ما منحها بُعدًا روحيًا جعلها أكثر من مجرد أداة تواصل، وتظل رغم تعدد لهجاتها وتشعّب استخداماتها، لغةً حيّة قادرة على الحفاظ على أصالتها مع السماح بالتجدد والانفتاح، وهي لغة تنتقل من جيل إلى جيل، لا تفقد بريقها ولا تتوقف عن الإلهام، لغة التاريخ والحضارة والفخر المشترك.