حذر الدكتور على جمعة، مفتى الديار المصرية، من اعتقاد بعض أفراد الجالية المسلمة فى أوروبا أن مستقبل الإسلام معلّق على ارتداء النقاب وإطلاق اللحى وإقامة المآذن فقط، مع تأكيده على أنه لا ينبغى للدول الأوروبية التدخل فى هذه الأمور. كما حذر من أن بعض أفراد الجاليات المسلمة تتعاطى مع المجتمعات الغربية وكأنهم لم يبرحوا بلادهم التى تركوها قبل عقود دون اكتراث لهويتهم الجديدة، وهو ما يزيد من موجة الفوبيا والكراهية لدى الطرف الآخر، واستطرد قائلا: "نحن نطالب بالاندماج الإيجابى وليس الذوبان". ونقلا عن موقع (اليوم السابع) أكد مفتى الديار المصرية فى تصريحات لصحيفة "تاجس أنسايجر" السويسرية، أن مراكز الأبحاث والنخب المثقفة والأكاديمية والسياسية فى أوروبا ووسائل الإعلام عليهم السعى لبلورة نظرة جديدة تجاه العرب والمسلمين باعتبارهم أعضاء فى المجتمع الدولى لهم حقوق وعليهم فى المقابل واجبات، وعدم النظر إليهم باعتبارهم طابورا خامسا وموضع شك باستمرار، حتى يمكن إزالة عقدة الخوف والاضطهاد التى بدأ كثير من المسلمين فى بلاد الغرب يشعرون بها. ودعا مفتى الجمهورية القيادات الإسلامية الدينية المستنيرة فى الدول الإسلامية أن تقوم بدورها وتتحمل مسئولياتها فى نشر القيم والمبادئ الإسلامية الصحيحة الداعية إلى التمسك بالجوهر بعيدا عن المظاهر والقشور، وإزالة ما علق بالإسلام من تشوهات وتفسيرات خاطئة أو تفسيرات جامدة فى أذهان الكثيرين فى الغرب. وقال إن إرساء "الثقة" و"الفهم"، بين العالمين الإسلامى والغربى عملية تستلزم وجود شركاء من الجانبين لديهم الرغبة الصادقة فى الحوار، حيث إنه لا معنى ولا تأثير للحوار من طرف واحد، ولابد أن ينبع الحوار من الاعتراف بالهويات والخصوصيات ويحفظ احترام الآخر ولا يسعى للسيطرة عليه، أو إثارة العداوات والنابع من احترام التعددية الدينية والتنوع الثقافى، والبعيد كل البعد عن قهر أحد الطرفين الطرف الآخر. وأضاف المفتى أن مشروع إعادة بناء عالم متناغم متعاون كالشارع ذى الاتجاهين يتطلب مشاركة القيادات الدينية وغيرها فى أوروبا فى الإعراب عن ثقتهم فى مواطنيهم المسلمين، مؤكدا أنه لا تقدم دون عمل مشترك قائم على الإيمان والثقة. وأشار المفتى إلى أننا كمسلمين فخورين بحضارتنا الإسلامية، ولا ننكر وجود وأهمية الثقافات الأخرى، ونؤمن أن كل من كان عمله سعيا لرقى العالم فهو شريك لنا فى إعمار الأرض، موضحا أن المسلمين فى الدول الأوروبية يمثلون أقلية يجب عليهم تحمل مسئولياتهم فى العمل والعطاء من أجل المجتمع الذى يعيشون فيه، والسعى نحو الاندماج فى المجتمع أو الوطن الذى اختاروه اندماجا يحقق لهم التعايش والتجانس مع باقى طوائف المجتمع بالشكل الذى يحافظ على الذاتية الثقافية أو الدينية ذات البعد العقلانى والمعتدل الذى يستوعب ويتفاعل مع الحضارات والمجتمعات الأخرى.