افتتاح النسخة الثالثة من مؤتمر جدة للصيدلة بمشاركة نخبة من الخبراء والممارسين    صحف عالمية: الهلال استحق الفوز في الكلاسيكو.. وبصمة بنزيما غائبة    الباحث السعودي د.الفريجي يفوز بالمركز الأول في جائزة الشارقة للأدب المكتبي    تجمع تبوك يصحح خطأً جراحيًا لمريض أجرى عملية تكميم خارج المملكة    الداخلية : ضبط (22613) مخالفاً لأنظمة الإقامة والعمل وأمن الحدود خلال أسبوع    موعد مباراة الاتحاد القادمة بعد الخسارة أمام الهلال    إقامة استثنائية تجمع بين رقي التفاصيل ودفء الضيافة وسط جدة    احتفالية إعلامية مميزة لفريق "صدى جازان" وتكريم شركاء العطاء    «إرادة الدمام» يدشّن فعاليات اليوم العالمي للصحة النفسية بمشاركة واسعة في الخبر    جامعة الإمام عبدالرحمن توقع مذكرة تفاهم مع جمعية "اعتدال" لحفظ النعمة    بأرقام وتقنيات جديدة.. نجاح تمرين "استجابة 18" في مكافحة تلوث البيئة البحرية والساحلية    الولايات المتحدة تعيّن ستيفن فاجن قائدًا مدنيًا لمركز التنسيق بشأن غزة    مؤشرات الأسهم الأمريكية تغلق على ارتفاع    دراسة: العمل في فترة النوبات الليلية قد يؤدي إلى الإصابة بالقولون العصبي    ثيو هيرنانديز سعيد بفوز الهلال في «كلاسيكو السعودية»    إيطاليا تحتكر نحو (70%) من إنتاج الاتحاد الأوروبي للمعكرونة    الأخضر تحت 16 عاماً يواصل تدريباته استعداداً لبطولة غرب آسيا في الأردن    بنزيما: الهلال فريق صعب... حاولنا لكن لم نتمكن من التسجيل    رصد مذنب «لِيمون» في سماء منطقة الحدود الشمالية    ناصر الدوسري يوضح أسباب تألقه مع إنزاغي    إنزاغي: كنا نستطيع تسجيل المزيد من الأهداف    العلا يتغلّب على الاتحاد في قمة الجولة الخامسة من الدوري السعودي لكرة السلة    جمعية المانجو بجازان تؤكد دعمها للتنمية الزراعية المستدامة في ملتقى "جازان الخضراء"    «سلمان للإغاثة» يوزّع (1,100) من المواد الإيوائية المتنوعة في الصومال    وزارة الداخلية تحتفي بمرور 100 عام على تأسيس الدفاع المدني.. الثلاثاء المقبل    نائب أمير نجران يُدشِّن الأسبوع العالمي لمكافحة العدوى    نادي ثقات الثقافي يتألق (باأمسية أدبية مدينية ) بالتعاون مع الشريك الأدبي    توطين سلاسل الإمداد    السوق السعودي يترقب مسار السيولة    ولي العهد يعزي هاتفيًا رئيس وزراء الكويت في وفاة الشيخ علي الصباح    آل الشيخ: معرفة أسماء الله الحسنى تزيد الإيمان وتملأ القلب طمأنينة    السديس: أمتنا أحوج ما تكون لهدايات القرآن في زمن الفتن    الديوان الملكي: وفاة صاحبة السمو الأميرة هيفاء بنت تركي بن محمد بن سعود الكبير آل سعود    أنظمة الدفاع الجوي الروسية تسقط 3 مسيرات متجهة إلى موسكو    الرئيس الموريتاني يصل جدة لأداء مناسك العمرة    رابطةُ العالم الإسلامي تُشيد بالرأي الاستشاري لمحكمة العدل الدولية    تدشين فعالية اليوم العالمي للصحة النفسية في الخبر    مطار الملك سلمان الدولي يوقّع شراكة استراتيجية مع منتدى TOURISE 2025 لدعم السياحة المستدامة    صقّار يطرح أول شاهين في حياته ويبيعه ب(193) ألف ريال    تنقل زواره لتجربة سينمائية عبر رحلة تفاعلية مكتملة    163 ألف ريال لصقرين في مزاد نادي الصقور السعودي 2025    أمير منطقة جازان ونائبه يلتقيان أهالي فرسان    بيان عربي إسلامي: ضم الضفة انتهاك صارخ للقانون الدولي    أمير منطقة تبوك يواسي أسرة القايم    59.1% من سكان السعودية يمارسون النشاط البدني أسبوعيا    بروكسل تعد القاهرة بمساعدات بقيمة 4 مليارات يورو خلال أول قمة أوروبية – مصرية    الأمين العام للأمم المتحدة يأمل أن تلتزم بالرأي الاستشاري لمحكمة العدل الدولية    لشيخ الدكتور صالح بن فوزان بن عبدالله الفوزان مفتيًا عامًا للمملكة العربية السعودية ورئيسًا لهيئة كبار العلماء ورئيسًا عامًا للرئاسة العامة للبحوث العلمية والإفتاء بمرتبة وزير    تكليف العنزي مديراً للإعلام ومتحدثاً لوزارة الشؤون الإسلامية    أكد رسوخ الوفاء والمبادرات الإنسانية.. محافظ الأحساء يكرم مواطناً تبرع بكليته لوالده    القيادة تعزي أمير الكويت في وفاة علي الصباح    آل حلوّل والضليمي يزفون داؤود    أمر ملكي بتعيين الفوزان مفتياً عاماً للمملكة    المملكة توقع اتفاقية دولية للإنذار المبكر من العواصف    أجريت إنفاذاً لتوجيهات خادم الحرمين وولي العهد.. نجاح عملية عيب خلقي في القلب لطفلة فلسطينية    برنامج ثقافي سعودي- فرنسي يمتد حتى 2030.. 50 مليون يورو لدعم مشروع «مركز بومبيدو»    بالونات مجهولة تثير مخاوف الأمريكيين    معقم الأيدي «الإيثانول» يسبب السرطان    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



د. أسامة القحطاني:التشدد تسبب في وجود لائحة إلحاد لدينا لا مثيل لها في تاريخنا الإسلامي
حوار: عبدالعزيز النصافي ..
نشر في أنباؤكم يوم 21 - 08 - 2015

د. أسامة القحطاني محامٍ ومستشار قانوني لكنه أيضاً أستاذ في الفقه ومفكر مثقف له رؤيته وآراؤه في كثير من قضايا المجتمع والتحديات الفكرية والحضارية التي يواجهها.
في هذا الحوار نستعرض مع د. القحطاني بعضاً من مرئياته وآرائه، لكننا نبدأ بسؤاله عن مهنة المحاماة ومواصفات المحامي الناجح..
* نعرفك محامياً ومستشاراً قانونياً، وأستاذاً في الفقه، وكاتب رأي في صحيفة الوطن. لكن من هو د. أسامة القحطاني لمن لا يعرفه؟
- بداية أشكر لكم هذا الاهتمام، وأرجو أن يكون لدي ما أقوله. ذكرت أهم النقاط في التعريف بي، والحقيقة أن الحديث عن النفس محرج، ولكن للتعريف فقط؛ فنعم أنا محامٍ ومستشار قانوني وأمارس عملي من خلال مكتبي الخاص بالمحاماة، كما أنني لدي عدد من أعمالي الأخرى من بينها المشاركة الأكاديمية في تخصصيّ الفقه والقانون بين جامعتين، كما أن لدي مقالاً أسبوعياً منذ ست سنوات في صحيفة الوطن.
رسالة أخلاقية
-------------------
* لو كانت المحاماة شعلة ضوء.. من أوقدها في داخلك؟
- المحاماة رسالة ومهنة أخلاقية وحقوقية قبل أي شيء، وهذا العمل يتوافق مع اهتماماتي وميولي الشخصية، ومن خلالها نشعر بالمساهمة في حفظ حقوق الناس وتعزيز روح الحقوق والعدالة في المجتمع، كما أننا نشعر بالمساهمة في تنمية البلد وتعزيز بنيته المهنية من خلال المساهمة في الكثير من العقود التجارية للشركات الوطنية ونحوها.
* بشر يصنعون القضايا وبشر تصنعهم القضايا وهناك بشر يتفرجون.. إلى أيهم تنتمي؟
- لا أدري كيف أصنف نفسي، وربما يقوم الآخرون بمهمة تصنيفي. ولكن؛ لا يخلو بشر من تأثر بمحيطه والمؤثرات حوله، ولكن قليل من يحاول التأثير في صناعة ما حوله.
* بين (الفقه) والقانون) بوصلتك إلى أيهما تؤشر حالياً؟
- «القانون» في بلدنا يقوم على أساس الشريعة الإسلامية، وهناك الكثير من أبواب القانون لدينا لا تقوم إلا على كلام الفقهاء وآرائهم، وأي محامٍ ليس لديه إلمام جيد وعميق بقواعد الفقه ومقاصده وعلله وقياسه بما فيه من معانٍ عميقة ودقيقة فإنه سيكون لديه نقص كبير.
ولكن في الوقت نفسه؛ هناك أهمية كبيرة لا تقل عن أهمية الفقه بالنسبة للمحامي وهو الإلمام بالقانون وقواعده وأبوابه، وللأسف نعاني كثيراً من هذا الجانب في بعض المحاكم بسبب أن التأهيل في هذا الباب محدود، وإن كان بدأ يتحسن في الآونة الأخيرة. وهذا له أثر كبير حتى على صياغة اللوائح وهيكلة القضاء لدينا؛ كونه يعتمد غالباً على الخبرة الشخصية ومنفصل نوعاً ما عن المنجزات الإنسانية في هذا الجانب، كونه لا يستفيد كما يجب من القانون الحديث ومنجزاته الإنسانية التي أعتبرها عصارة الفكر الإنساني الحضاري الحديث.
* المحاماة عريقة كالقضاء.. مجيدة كالفضيلة.. ضرورية كالعدالة.. هي المهنة التي يندمج فيها السعي إلى الثروة مع أداء الواجب. إلى أي مدى تتفق مع ما قيل؟
- دعني أفْصل في الحديث عن شِقيّ السؤال. فالنقطة الأولى في الحقيقة أن مهنة المحاماة قديمة جداً وترجع إلى عمق ألف سنة مثلًا في بريطانيا، وفي فرنسا كان أول تشريع قانوني يؤسس للمحاماة يعود لعام 1344م، بينما أول نظام محاماة سعودي كان عام 1422ه، وهو بسبب لا يمكن عزله عن التأخر الحضاري الذي يعانيه العرب عموماً.
أما بالنسبة لكون المهنة سبباً للثراء؛ فنحن جزء من العالم كله الذي يعتبر المحامي من ضمن المهن الأعلى دخلًا، وكثير من السياسيين الكبار خصوصاً في أمريكا كانوا محامين أو قانونيين، كما أن القانونيين في الكونجرس الأمريكي لا يقلون عن الخُمس من بين أعضائه غالباً.
ضياع المستندات
--------------------
* في أورقة المحاكم ما أكثر شيء (يرفع ضغطك)؟
- ضياع المستندات وأحياناً إهمال تطبيق نصوص النظام، وإن كنت متفائلًا كثيراً بطاقم قيادة القضاء الحالية بإذن الله.
* سؤال بلا رتوش لوكنت أنت الضحية من هو (المحامي) الذي تود أن يترافع عنك؟
- لم يسبق لي أن وكلت أحداً في قضية تعود لي شخصياً، حتى في مرحلة الدراسة للقانون في بريطانيا قمت بالترافع عن نفسي في قضية ربحتها مع حصولي على ثلاثة أضعاف ما أطالب به في الأساس، إضافة إلى معدل فائدة أكثر من 20% عن كل سنة، إضافة إلى تحميل الخصم جميع تكاليف الدعوى بدءاً من التنقلات إلى الرسوم القضائية.
أهم القضايا
----------------
* بصفتك محامياً وتتولى قضايا، ما أهم القضايا في مجتمعنا؟
- الحقيقة أن القضايا التي نتولاها هي فقط القضايا التجارية والعقارية، ولكن بنظري أن القضايا التي تملأ المحاكم هي القضايا الأسرية والزوجية وما يدور حولها، وهذه مشكلة كبيرة تحتاج لعلاج جذري، بدءاً من العلاج التشريعي القانوني بالتقنين لكثير من أبواب هذا الموضوع، وتحديث الأنظمة الحالية، وانتهاءً بالوعي والتثقيف القانوني الذي يجب أن يدخل الجامعات والمدارس أيضاً.
* عندما يكون المحامي يجادل فكرياً، ويحاضر ثقافياً، ويشاكس مقالياً، هل هو في (وضع طبيعي)؟
- المحامي جزء من المجتمع كغيره من أفراده، وهو يطلع عن قرب بعصب المجتمع وأساس عدالته وهو القضاء وينظر إليه من خارجه ولكن عن قرب بعين ناقدة، بالتالي فهو يطلع على الكثير من مشاكل المجتمع، وباطلاعه على منتجات العالم الآخر خصوصاً المتقدم؛ فإنه يشعر بالأسى في حال رأى مشاكل تجاوزنا العالم في حلها بعقود، فلماذا لا نستفيد منهم بما لا يخالف مبادئنا؟ خصوصاً أن البعض يقف أمام التحديث في عديد من القضايا لمجرد التخوف والتشكك، وليس لديه حجة إلا أنه غير معتاد على تلك الفكرة الحديثة.
أما المشاركة الثقافية؛ فهي من حق أي شخص لديه القدرة المعرفية، وهو واجب وطني وديني بطرح المفيد، وإذا كان المقصود بالمشاكسة هي مقالاتي؛ فالحقيقة أنني أجتهد بالغ الاجتهاد أن تكون مقالاتي هادئة وموضوعية، كي تكون مقبولة، ولكن ربما لسخونة تلك المواضيع يعتبرها البعض مشاكسة، ولا أبرئ نفسي فقد أخطئ بطبيعتي البشرية. وكثيراً ما أكتب عكس ما تريد الجماهير سماعه، وتعلم أن الكثير يبحثون عن النقاط التي يرغب سماعها الجماهير كي تصعد أسماؤهم فقط حتى لو كان ذلك على حساب القضية والوطن.
* عن (مجلس الشورى) قلت: عارضوا القانون لأن مفهوم الدولة الحديثة المدنية ما زال غير راسخ حتى بين النخبة. لو قابلت من اعترض ماذا ستقول له؟
- أحترم آراءهم وأشخاصهم وكلامي هذا كان منصباً على معارضة فكرة وجود نظام يحارب العنصرية والتمييز فقط، والحقيقة كنت أؤمل من النخبة أكثر من ذلك، فقضية مثل قضية التشرذم الطائفي والمناطقي والعنصري هي من أهم قضايا مجتمعنا التي تحتاج لعلاج من المثقفين والوطنيين، بعيداً عن أصوات البسطاء أو المتطرفين هنا وهناك، ولكن ما حصل هو العكس، حيث إن المؤثر الحقيقي هو التخوّف من فكرة مطبقة في أكثر دول العالم استقراراً، وكانت سبباً في استمرار التماسك والتلاحم بين شعوبها! وهي تعود في جذورها إلى مبدأ المساواة الذي جاء به الإسلام، والعجيب أن اللجنة الشرعية أجازت طرح المشروع مشكورة، وفيها مجموعة من الأسماء الكبيرة والمحترمة، على الرغم من أن أهم دافع للمعارضين كان مبنياً على موقف ديني حسب فهمهم ربما! أما ما ذُكر من التبرير القانوني من بعض الأعضاء فمع احترامي لهم إلا أنه لا يمت هذا التبرير للقانون بصلة، وقد تحدثت عنه بتفصيل في مقال.
قانون التحرش
-----------------
* (بعض الناس) يقول: إن (قانون التحرش) خطأ تشريعي! لأنه تنظيم لمحرم ؟! ماذا تقول له؟
- باختصار هذا يفسر لك كلامي السابق؛ كون البعض لم يمزج ثقافته بأهم منجزات الحضارة الحديثة، فهو لا يفهم الأمور إلا بتلقائية دون البحث والمراجعة خصوصاً في هذا التخصص. هذا الإسقاط بالمناسبة يمكن إسقاطه على أشياء كثيرة في الشريعة أيضاً؛ فوضع حدّ لشارب الخمر إباحة لصناعته كونه لم يشرب، ولا ينطبق الحد على صانع الخمر! وهناك أمثلة كثيرة جداً، ومن بين أنظمتنا الحديثة؛ نظام مكافحة المخدرات سيكون تشريعا لشرب الخمر، وهكذا! فهي حجة ضعيفة جداً أقصاها سوء الظن في الآخرين فقط بنظري، على الرغم من أنني لا أشك في صدق نوايا معارضيه.
* قلت ذات مقال: إحدى أهم المشكلات الثقافية العميقة التي تعاني منها مجتمعاتنا هي (مشكلة) احتكار الحق والحقيقة! و(الحل) من وجهة نظرك؟
- هذا صحيح، ولكن هذه النقطة تحتاج لمساحة أكبر، ولكن سأذكر بعض الأمثلة لتتضح؛ حيث لا أحصي الفتاوى التي تسارعت في إنكار شيء وربما إلى حد التكفير، وبمجرد أن اعتاد البعض عليها أصبحت جزءاً حتى من حياتهم هم، بدءاً من تعليم المرأة ووظيفتها والفتاوى المخالفة لبعض النتائج العلمية وهي كثيرة، وهكذا، هذه المشكلة ليست عابرة، هي مشكلة عميقة لدينا ونحاول تجاهلها، والسبب الأساسي فيها هو عدم التفريق بين الاجتهاد الشخصي ورأي الإسلام، فالاجتهاد بعد عصر النبوة مهما كان قد يقع في الخطأ، ويجب تنزيه الإسلام عن اجتهادات الأشخاص، وإلا تحولنا إلى نوع من البابوية أو المعصومية لاجتهادات الأفراد.
طرح موضوعي
-------------------
* مقالاتك كشفت اتجاهك الفكري، هل هذه ميزة أم عيب من وجهة نظرك؟
- أعتقد أنها ميزة، كوني لا أطرح إلا ما أؤمن به، ولا أجاري تياراً معيناً حتى لو كلفني ذلك، ولكن كما قلت إنني أجتهد في الطرح الهادئ والموضوعي، فالهدف والله الإصلاح والمساهمة في النقد الذاتي وليس الهجوم على أحد إطلاقاً، ولذلك يحتار البعض في تصنيف كتاباتي وأعتقد هذه ميزة.
* الحياة لا تهب إلا لمن صال فيها وجال، إلى أي مدى تؤمن بهذا المبدأ؟
- أعتقد أن تحقيق الأهداف هو المهم، أما التحديات فالناس تختلف في مواجهتها، وأنا أميل إلى الهدوء والحكمة في مواجهتها، خاصة عند محاولة الإصلاح المجتمعي أو الوطني بين أهلنا ووطننا.
* عندما ترى شاباً تستثيره الأسئلة، ولا تقف المقدسات الوهمية عقبة في طريق تساؤلاته المتمردة على موروثه؛ ماذا يجول في ذهنك؟
- لدينا تياران يتصارعان الآن؛ ووجود كل طرف يعتمد على وجود الآخر الذي تفرضه السنن الإلهية بالتدافع. فبنظري لدينا موجة إلحاد لم يشهد لها مثال في التاريخ الإسلامي، وسببها الأساسي هو التشدد بدرجاته، وأسوَؤه ذلك التشدد الذي لا يفهم ما يتحدث عنه ويريد إجبار الآخرين على تفكيره بسطحية. وهناك تيار آخر يريد منا أن نتحول إلى بلد أوروبي بلا أي تحفظ! تنكراً لتاريخنا ومبادئنا التي لولاها لكنا من بين الأمم التائهة في هذا العالم.
مشكلة فكرية
-------------------
* يقول محمد المحمود: على يد (الصحوي) - استنطاق المادة المعلوماتية المعاصرة - ولكن للأسف - بتلك الآليات المنتمية لعصور سحيقة لا تنتمي لعصرنا. هل تتفق معه أم تختلف؟
- أقول لدينا مشاكل فكرية نعم، وليس بالضرورة إلى الحد الذي يطرحه الأستاذ المحمود، ولكن لدينا مشكلة أخرى أيضاً؛ وهي التماهي في رد الفعل ضد كل ما يطرحه الإسلاميون، فأعتقد أن الإسلاميين جزء من أهلنا ويجب الحوار بموضوعية وهدوء قدر الاستطاعة، كي نسهم في عجلة النقد الثقافي بإيجابية وأخوية.
* بالمناسبة (الصحوة) ماذا تقول عنها؟
- لها محاسنها ومساوئها، فمن محاسنها أنها أيقظت روح الوعي لأمة لها تاريخها وحضارتها، بغض النظر عن نوع ذلك الوعي ودرجته. ومن مساوئها؛ أنها تسببت في تعميق الخلافات داخل مجتمعاتنا من خلال بعض الأطروحات المتشددة المبنية على عدم استيعاب العصر والظرف، كما إنها تسببت في تأخير بعض الإصلاحات في مجتمعاتنا مثل تأخر الاستفادة من القانون في بلدنا بسبب مواقف دينية لم تُبنَ على فهم صحيح آنذاك.
* بذرة عطائك الأولى.. اين زرعتها؟
- أعتقد أنها كانت في حلقات تحفيظ القرآن الكريم عندما كنت في السنة الأولى من البكالوريوس وكنت أساهم في تحفيظ القرآن لبعض الشباب الأصغر مني سنا.
* ماذا تقول لهؤلاء إن صادفتهم يوماً من الأيام؟
, عثمان الصيني؟
- الدكتور عثمان رجل إعلام ومهنيّ من الطراز الأول، ولو قابلته هذه الأيام في بداية عمله رئيساً لتحرير الوطن لاقترحت عليه مزيداً من توسيع وتنويع خلفيّة الكتاب في الصحيفة.
, توفيق السيف؟
- د. توفيق رجل محترم ومثقف جيد، وأحترمه في هدوئه واعتداله في طرحه، ولو قابلته لطرحت بعض التساؤلات في تأخّر الحس الديني النقدي لدى عدد من إخوتنا المثقفين الشيعة، وإن كان موجوداً ولكن تجد بوضوح الفارق الكبير بين النقد الديني السني، حيث قطع شوطاً كبيراً في نقد الكثير من الأفكار الخاطئة، بينما نجد ذلك أقل في الوسط الشيعي خصوصاً السعودي تحديداً، وإلا فإن الفلاسفة الإيرانيين الشيعة كُثر ولديهم نقد كبير بلا شك.
, عدنان إبراهيم؟
- أحترمه كثيراً واستمتعت بمتابعته للمرة الأولى في رمضان الأخير، وأتمنى لو قابلته أن أقترح عليه الهدوء وبناء جسور ثقة وتواصل مع خصومه، فكثير من أفكاره الجيدة لا يستفاد منها بسبب موقفه وخطاباته القاسية ضد خصومه، ولا يعني هذا اتفاقي معه في كل أطروحاته.
* يقول جون ستيوارت ميل: تعلمت البحث عن سعادتي بالتحكُّم في رغباتي لا بمحاولة تحقيقها... أنت ماذا تعلمت؟
- هذه حكمة فعلًا؛ فالرغبة قد لا تكون في صالح الإنسان ولكن بفطرته قد يميل إليها، وتأتي هنا الحكمة في توجيه رغبات الإنسان نفسه لما ينفعه. ولو تمكن الإنسان من تحويل رغباته لتدور حول أهدافه لحقق الكثير من طموحه، وهذا ما أحاول صنعه.
* ماذا تنتظر من المستقبل أن يمنحك؟
- كل طموحي وهمّي أن أرى بلدي مستقراً آمناً متحضراً ينافس الأمم الأخرى، وأدعو الله دائماً أن يمكنني من المساهمة في رفع الوعي والإصلاح في بلدي ومحيطي وأن يبقى ذلك لي بعد مماتي.
أجواء مشحونة
-----------------
* المرحلة التي نعيشها الآن كيف تصفها؟
- هي مرحلة شبيهة بأجواء أوروبا قبل الحرب العالمية الثانية التي خلفت أكثر من 50 مليون قتيل، فالأجواء مشحونة جداً بالفكر الطائفي والديني مع عناد من بعض الحكومات العربية في الإصلاح والتعددية، وكل يوم تتعمق هذه الخلافات وتتجذر بأبعاد دينية عقائدية ولا أدري أين ستأخذنا؟ وأسأل الله أن يخيب ظني هذا.
* المجتمع السعودي إلى أين يسير بنظرك؟
- هناك تقدم كبير في وعيه وإنتاجيته، وأعتقد أن تمازج ترسبات الصحوة وخطوة الملك عبدالله بالابتعاث كان لهما الدور الأكبر في دفع عجلة الإصلاح المجتمعي والفكري لخطوات كبيرة إلى الأمام.
* طيب تخيل أن المجتمع السعودي ينصت لكِ ماذا ستقول له؟
- أدعوه أن يترك العادات غير المنتجة خصوصاً عادات الترف والإسراف، ويتحول إلى عادات أكثر إنتاجية، هذا من جانب. ومن جانب آخر؛ أدعوه لتعميق ثقافته وتعويد نفسه أن يكون لكل شخص رأيه المستقل، ويحاول تنشيط قدراته العقلية النقدية لكل ما يسمع، ولا يقبل أي فكرة تطرح عليه تحت أي شعار كانت إلا بعد اختبارها.
* ما الحكمة التي يعمل بها أسامة القحطاني؟
- ما تأخذه بالقوة يمكنك أخذه بالهدوء والمدنيّة دون أن تخسر سلامتك وراحتك.
* والحكمة التي لا يؤمن بها؟
- السكوت على الخطأ خاصة إذا كان عادة مجتمعية.
* ما أجمل ما سمعته من الشعر الشعبي؟
- للأسف لا أسمعه ولا أميل إليه.
* في العراك الفكري أحياناً تتحول (الكلمات إلى لكمات) من من تلقيت هذه اللكمة وإلى من سددتها؟
- أحاول دائماً تقبل النقد والتجاوب معه بهدوء.
* ما الذي يشغلك الآن؟
- عملي كمحامٍ وملتزم أمام أطراف كثيرة أجتهد في أداء أمانتي والتزامي أمامهم بإخلاص. وأرجو أن يأتي اليوم الذي أتفرغ فيه للثقافة والكتابة.
* من هو (المفكر )السعودي الذي تشير إليه بسبابتك؟
- كثر ولله الحمد من بينهم د. عبدالله الغذامي ود. محمد الأحمري وإبراهيم البليهي وغيرهم.
* متى يصبح الصمت لغتك؟
- عندما أرى أن طرح رأيي غير مجدٍ أو الأغلب رفضه.
* متى نرى إصدارك الكتابي؟
- يوجد لدي حالياً كتاب واحد مطبوع عن الإجماع الأصولي، وهناك الكثير من المشاريع لعل أهمها كتاب عن التقنين للشريعة، ولكن ازدحام مشاغلي المهنية تعيقني كثيراً.
* ما السؤال الذي تمنيت أن أسالك إياه؟
- عن قرار تمنيت أنك اتخذته؛ وهو قرار إكمالي لدراسة الدكتوراه هنا، ولو استقبلت ما استدبرت من أمري لكانت الدكتوراه من الخارج، ولكن عوضته ولله الحمد بالماجستير الثاني من بريطانيا.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.