جمعية ترابط وبناء تكرمان 17 مستفيد من رواد مبادرة "تاكسي أيتام السعودية"    ديوان المظالم يدعو للمشاركة بالأفكار الإبداعية لتعزيز الشمولية الرقمية في الخدمات القضائية    جمعية "نماء" بجازان تطلق دورة "تصميم وفن احتراف الديكور الداخلي" ضمن "مشروع إنطلاقة نماء"    خادم الحرمين يدعو إلى إقامة صلاة الاستسقاء بجميع أنحاء المملكة يوم غدٍ الخميس    فرع هيئة الصحفيين السعوديين بجازان تنمّي المواهب الإعلامية عبر ورشة "صناعة الأفلام الوثائقية"    مسؤول سعودي: نسعى لتكون السياحة ثاني أكبر قطاع اقتصادي لتعزيز التوظيف ووزبر السياحة اكد ذلك    وزير الصحة السعودي: الاستطاعة الصحية شرط الحصول على تأشيرة الحج    تحسين متوسط العمر في ضوء رؤية 2030    بيع صقرين ب (156) ألف ريال في الليلة ال 24 لمزاد نادي الصقور السعودي 2025    تراجع اسعار النفط    ارتفاع اسعار الذهب    تعليم المدينة يدعو للمشاركة في المسابقة المحلية على جائزة الملك سلمان لحفظ القرآن    الإدارة العامة للمجاهدين تستعرض الحقيبة المتنقلة للاستطلاع الأمني    برعاية سمو الأمير سعود بن نهار انطلاق الملتقى الأول للفنون البصرية والنقد بالطائف    إمارة منطقة مكة تشارك في مؤتمر ومعرض الحج والعمرة    المركز الوطني لتنمية القطاع غير الربحي يوافق على تأسيس جمعية دروب السياحية بمحايل عسير    وسط تعثر تنفيذ خطة ترمب.. تحذير أوروبي من تقسيم غزة    «أونروا»: هناك مدن دمرت بالكامل في غزة    أشاد بالتميز الصحي وأكد أن الإنسان محور التنمية.. مجلس الوزراء: الدولة تعتني بشؤون الحج والعمرة والزيارة    نحو نظرية في التعليم    وسط تحركات دولية وإدانة مصرية.. هيئة محاميي دارفور: «الدعم السريع» يرتكب مذابح في الفاشر    لجنة التنسيق البرلماني والعلاقات الخارجية للمجالس التشريعية بدول مجلس التعاون تعقد اجتماعها ال 22 بالمنامة    المنتخب الوطني يواصل تحضيراته لودية ساحل العاج    نهى عابدين تشارك في فيلم «طه الغريب»    تعزيز حضور السينما السعودية في السوق الأمريكي    معاناة ابن بطوطة في كتابه    الاتحاد يخطط للتعاقد مع مدرب فرنسا    رونالدو: السعودية بلدي وسأعيش هنا بعد الاعتزال    القيادة تعزي رئيسة سورينام في وفاة الرئيس الأسبق رونالد فينيتيان    المفتي يحث المسلمين على أداء صلاة الاستسقاء غداً    وزير الحج يلتقي ب100 وزير ومفتي ورئيس مكتب شؤون حج ويحثهم على استكمال إجراءات التعاقد قبل 15 رجب    «محمية الإمام» تطلق تجربة المنطاد    دراسة: فيروس شائع يحفز سرطان الجلد مباشرة    بدء التسجيل لجائزة سلامة المرضى    «أحمر الشرقية».. برامج تأهيلية ودورات تخصصية    معايير تحديد سرقة رسومات الكاريكاتير    "مدني الرياض" يكثّف "السلامة" في المباني العالية    منطقة الحدود الشمالية الأقل في حالات النزيف والتمزق    من أجل السلام    الأقل جاذبية يتمتعون بشهرة أعلى    أمير المدينة يتفقد محافظة المهد    أمير نجران يستعرض تقرير "التجارة"    الرئيس الأميركي يتعهد بمساندة سورية بعد لقائه الشرع    وزير الدفاع يستعرض الشراكة السعودية - الأميركية مع وزيري الخارجية والحرب    علاج جيني واحد يخفض الكوليسترول    أقراص تطيل العمر 150 عاما    أزمة قانونية تلاحق ChatGPT    أرقام الجولة الثامنة.. 20 هدف ونجومية سيلا سو ومشعل المطيري    الفتح يعود للتدريبات بعد الإجازة استعداداً لاستئناف دوري روشن    بيع 41 طنا من التمور يوميا    248 ألف سعودي يعملون بالأنشطة السياحية    3 آلاف وظيفة يولدها القطاع الصحي الخاص بالأحساء    حالة من الاستياء في سانتوس البرازيلي بسبب تصرفات نيمار    فهد المسعود ينضم إلى لجنة كرة القدم بنادي الاتفاق    مركز الحياة الفطرية: إدراج «الثقوب الزرقاء» و«رأس حاطبة» ضمن قائمة المحميات الوطنية يعزز الريادة السعودية في الحماية البيئية    أمير تبوك يطّلع على التقرير السنوي لأعمال فرع هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر    الديوان الملكي: وفاة وفاء بنت بندر    رجال أمن الحرمين قصص نجاح تروى للتاريخ    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



المصريون أربكوا استراتيجية الغرب

في مؤتمرها الصحافي بالقاهرة انتقت كاثرين أشتون، ممثلة السياسة الخارجية للاتحاد الأوروبي، كلماتها بعناية من يخطو على قشر البيض. لم تشر إلى محمد مرسي كرئيس، نافية حمل أفكار أوروبية، لأن الأمر «شأن داخلي بالمصريين»، معلنة استعدادها للعودة للقاهرة لتقديم أي تسهيلات إذا طلب المصريون دورا أوروبيا.
المبعوثة الأوروبية تدرك كيف لا ينظر المصريون بعين العطف لمن يدس أنفه في شؤونهم. قبل لقائها بالسيد مرسي، الذي عزل من منصبه الرئاسي نزولا على رغبة الغالبية الساحقة من ملايين المصريين، تباحثت مدام أشتون مع معظم القوى السياسية المصرية، بمن فيهم الإخوان.
وحسب مصدر أوروبي، فإن أهم رسالة تلقتها كانت من ممثلي أكبر تيار مؤثر اليوم في مصر، وهم أصغر الجميع سنا ولا يحترفون السياسة.. شباب حركة «تمرد» التي بدأوها بتقليد زعيم آخر ثورات الأمة المصرية الكبرى (قبل 25 يناير/ كانون الثاني) سعد زغلول باشا مؤسس الحقبة الديمقراطية البرلمانية الوحيدة في تاريخ مصر (1922- 1954). ومثل وفد سعد باشا، يحمل شباب «تمرد» تفويضا بتوقيع 23 مليون مصري، جمعوها قبل مسيرة 30 يونيو (حزيران) (التي تحولت لثورة تشبه 1919 باشتراك الصعيد والريف وربات البيوت).
«على الاتحاد الأوروبي الاعتراف بثورة 30 يونيو.. فليست انقلابا عسكريا تقليديا»، شرط قدمه الشباب للمدام أشتون، لقبولهم بأي دور لأوروبا.
لم تفصح أشتون عن تفاصيل حوار الساعتين مع السيد مرسي، ولأنها بريطانية فحديثها «subtle» (لا ترجمة دقيقة لها، والأقرب عربيا التلميح لا التصريح)، فضروري ضم المفردات الدبلوماسية لإجاباتها المتناثرة للصحافيين لاستخلاص الرسالة (ومصادرنا من موقع اللقاء).
ذكر أشتون تفاصيل كفحصها «الفريدجيدير» (ثلاجة الطعام) ووصف غرفة الجلوس والتلفزيون ومجموعة الصحف، تلميح إلى تمتع السيد مرسي بحرية اختيار المأكل والمشرب والاطلاع والترفيه ومتابعة الأخبار بلا خضوع لروتين يومي (فهو محتجز بأمر النيابة رهن التحقيق لتقديمه للمحاكمة)، أي اتساق ملاحظاتها مع الموقف الرسمي المصري بتحديد إقامته في مكان آمن لسلامته الشخصية، وسلامة المجتمع (بريطانيا مثلا تحتجز أشخاصا، كحالة أبو حمزة المصري في السجن «ح» ولم يقترفوا مخالفة قانونية لكن إطلاق سراحهم يعني إلقاءهم الخطابة العلنية والتبشير بشعارات قدر متخصصو الأمن أنها ستثير الشغب، وتهدد سلامة المجتمع).
إجابة المدام أشتون برفضها حمل أي رسالة من السيد مرسي جاءت في سياق تعبيرها عن «move forward»، المضي للأمام، تحمل إشارتين: لم يعد مرسي رئيسا لنقل رسالته لبروكسل (حيث نصحته بقبول الحقائق الجديدة على الأرض)، والثانية أن القطار المصري غادر المحطة ومرسي وجماعته يقفون على رصيف لا تمر عليه قطارات. وإذا وضعنا شروط شباب «تمرد» في إطار حوار المصريين على مواقع التواصل الاجتماعي، فإن النتيجة المستخلصة هي رفض أغلبية المصريين أي اقتراح بانضمام الإخوان إلى مشاورات الأطراف المصرية للحل قبل انتقالهم لرصيف تمر عليه قطارات مصر الجديدة. فالإخوان، لم يعطونا الإجابة المباشرة، حتى اليوم، على سؤال نطرحه منذ عودتهم للنشاط العلني قبل 35 عاما: أين تصريحهم الرسمي بمراجعة تاريخية revision لنشاطهم الإرهابي ما بين 1932 و1954 (ثم مؤامرة منتصف الستينات) من قنابل، وحرق القاهرة، واغتيال القضاة والساسة (كرئيس وزراء مصر لدخوله الحرب ضد ألمانيا النازية وقت تحالف الإخوان مع هتلر عبر مساهمة التنظيم العالمي في المجهود الحربي لجيشه)؟ لم يعتذر الإخوان للشعب المصري عن إرهاب الفترة ويتعهدون بعدم رفع السلاح في وجه بقية المصريين.
وعندما يطالع القارئ كلماتنا تكون أشتون، غالبا، قدمت تقريرها، حسب أمانتها وقدرتها على نقل الواقع وليس إرضاء لمزاج من أرسلوها بغرض إعادة الإخوان إلى مكان مؤثر في آليات صنع القرار السياسي المصري، بأجندتهم التي يراها محور لندن - واشنطن الأكثر أمنا لضمان المصالح حتى منتصف القرن.
خزانات التفكير، خاصة البريطانية والأميركية، رسمت تقديراتها على تحليلات ما قبل ثورة 2011 بأن جماعة الإخوان هي التنظيم السياسي الوحيد القادر على الاستيلاء على ثورة يطلقها الشباب.
ومن منطلق لا يخلو من عنجهية التفوق الغربي رأت مراكز الدراسات (ومتغلغل فيها أكاديميو الإخوان)، أن النموذج التركي هو «الديمقراطية» الأفضل لشعوب يرونها إسلامية والاحتفاظ بخيار «opt-out»، أي التهرب من الالتزام بمواد أساسية في الميثاق العالمي لحقوق الإنسان ل«الخصوصية الثقافية للمسلمين»، ومعناها عمليا إنكار حق الفرد في حرية الاختيار، بعكس رفض الرئيس جورج بوش الابن (في وست بوينت 2002) نظرية الخصوصية الثقافية ك«نوع من العنصرية يحرم العرب والمسلمين كل الحقوق الكاملة التي يطمح إليها أي مواطن أميركي».
دراسات أقنعت راسمي السياستين البريطانية والأميركية أن جماعة الإخوان المسلمين هي جسر الانتقال الطبيعي من أوتوقراطية دولة ما بعد الانقلاب العسكري (من 1952 في مصر والبلدان العربية والأفريقية التي قلد عسكرها الضباط الأحرار) إلى النموذج التركي كمرحلة نهائية.
ومن التجربة الإيرانية، قدر راسمو السياسة الغربية أن الإخوان سيسيطرون على مفاصل الدولة المصرية ومؤسساتها، وعندما تحل الانتخابات القادمة لن تتاح فرصة الترشيح لفرد أو تيار خارج مؤسسة الإخوان، أي الديمقراطية شكلا وديكتاتورية الإخوان جوهرا. ومن المفارقات أن اليسار الأوروبي يحتضن هذه النظرية. وسبب تسميتهم الثورة المصرية الأخيرة بانقلاب عسكري، هو ارتباك حسابات لندن وواشنطن وبروكسل بعد رسم خطط استراتيجية قدرت أن الإخوان كانوا سيحكمون مصر حتى منتصف القرن، لكن أكثر من ثلثي الشعب المصري على أقل تقدير عبر عن وجهة نظر أخرى في ثورة 30 يونيو.
اليوم هناك «paus» أو وقفة التقاط أنفاس في واشنطن ولندن، وخاصة أنه بعد أقل من 48 ساعة من نداء نائب رئيس الوزراء لشؤون الأمن والدفاع، عبد الفتاح السيسي، خرج ملايين المصريين يوم 26 يوليو (تموز)، في إشارة واضحة للعالم إلى أن مجرد التلميح بالتدخل الغربي - وهو ما يسعى إليه الإخوان بتصعيد عمليات الإرهاب في سيناء، واستفزاز الجيش والبوليس وبقية الشعب المصري في المدن - يعني تعبئة عامة للجماهير للدفاع عن الأمة المصرية بجانب الجيش.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.