نحو مستقبل صناعي مبتكر    ارتفاع أسعار الذهب    وزير الاستثمار: الحدود الشمالية منطقة لوجستية تتميز بفرص استثمارية واعدة    «إسرائيل» تقتل ثلاثة من «حزب الله» بجنوب لبنان    سبعة قتلى في غارة بمسيّرة على مستشفى بالسودان    أوكرانيا تتخلى عن طموح الانضمام ل"الأطلسي"    النشامى يسقطون «الأخضر»    طائرة الاهلي تواصل الصدارة والهلال يلاحقه    السكتيوي: بالانضباط التكتيكي هزمنا الإمارات    المطر في الشرق والغرب    في الأجواء الماطرة.. الحيطة واجبة    البعثة الأميركية تسلّط الضوء على الشراكات في صناعة السينما    أيادي العلا.. الحرف تعزز هوية المكان    ندوة تناقش تنمية مهارات التأليف المبكر    «السيادي» يعزز قطاع إدارة المرافق    وزارة الخارجية تعرب عن تعازي المملكة ومواساتها للمملكة المغربية جرّاء الفيضانات في مدينة آسفي    ناقشا الجهود المبذولة لتحقيق الأمن والاستقرار.. ولي العهد والبرهان يستعرضان مستجدات الأحداث بالسودان    لتوزيع 10 جوائز للأفضل في العالم لعام 2025.. قطر تحتضن حفل «فيفا ذا بيست»    «جوارديولا».. رقم تاريخي في الدوري الإنجليزي    القيادة تعزّي ملك المغرب في ضحايا فيضانات مدينة آسفي    أثر قرار السماح للأجانب بتملك العقار على سوق العقار    أمير منطقة الرياض يوجه الجهات المعنية بسرعة رفع تقارير نتائج الحالة المطرية    إغلاق موقع مخبوزات مخالف في جدة    انطلاق تمرين مواجهة الكوارث البحرية الخميس    اتهام تسعيني بقتل امرأة قبل 58 عاماً    ضمن سياق طويل من الانتهاكات الإسرائيلية.. تصاعد اقتحامات المسجد الأقصى والاعتقالات بالضفة    بذريعة «الاستخدام المزدوج».. مئات الشاحنات عالقة عند معبر رفح    الشتاء.. فاكهة الفصول    5 أفلام تنعش دور العرض المصرية نهاية 2025    تركي بن فيصل: السعودية منارة للسلام الإنساني    ضمن أعمال منتدى تحالف الحضارات.. مناقشات دولية في الرياض تعزز الحوار بين الثقافات    تعديل السلوك    الاستجابة للفرح    دواء مناعي يعالج التهاب مفاصل الركبة    دراسة: نقص«أوميغا-3» يهدد 76% من سكان العالم    وميض ناري على مذنب    جريمة قتل حامل تهز سكان المنوفية    فيديوهات قصيرة تهدد نمو الأطفال    علامة مبكرة لتطور السكري الأول    أسعار تطعيم القطط مبالغة وفوضى بلا تنظيم    10.6% نمو بقيمة الصفقات السكنية    الدكتور علي مرزوق يسلّط الضوء على مفردات العمارة التقليدية بعسير في محايل    مبادرة لتأهيل قطاع التجزئة    نائب أمير الشرقية يستقبل مجلس «مبرة دار الخير»    الأردن تتغلب على السعودية وتتأهل لنهائي كأس العرب    مُحافظ الطائف يكرّم الجهات المشاركة في فعاليات سرطان الثدي.    أمير الكويت يستقبل الأمير تركي بن محمد بن فهد    حين تُستبدل القلوب بالعدسات    المرأة العاملة بين وظيفتها الأسرية والمهنية    غداً .. "كبدك" تُطلق برنامج الطبيب الزائر «عيادة ترحال» ومعرضًا توعويًا شاملًا في عرعر    أمير منطقة جازان يستقبل إمام المسجد النبوي    دور إدارة المنح في الأوقاف    وفد أعضاء مجلس الشورى يطّلع على أدوار الهيئة الملكية لمدينة مكة المكرمة    طلاب ابتدائية مصعب بن عمير يواصلون رحلتهم التعليمية عن بُعد بكل جدّ    «الحياة الفطرية» تطلق مبادرة تصحيح أوضاع الكائنات    أمانة الرياض تطلق فعالية «بسطة» في حديقة الشهداء بحي غرناطة    أمير منطقة جازان يستقبل سفير إثيوبيا لدى المملكة    تنظمها وزارة الشؤون الإسلامية.. دورات متخصصة لتأهيل الدعاة والأئمة ب 3 دول    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



عمر وفقير مصر
نشر في أنباؤكم يوم 18 - 09 - 2012


د. عبدالرحمن الطريري - الاقتصادية السعودية
عندما عين عمر بن الخطاب رضي الله عنه عمرو بن العاص واليا على مصر بعد فتحها سأله: لو جاءك سارق فماذا تفعل به؟ وكان الجواب سريعا من عمرو بن العاص، حيث قال: أقطع يده، وهذه الإجابة طبيعية، حيث تنسجم مع الأحكام الشرعية إذا ثبتت الجريمة على مرتكبها. لكن عمر بن الخطاب لم يكتف بسماع جواب عمرو بن العاص، بل رد عليه لو جاءني فقير من مصر لقطعت يدك.
استوقفني هذا الحوار بين الخليفة أمير المؤمنين عمر بن الخطاب ووال معين لم يستلم مهام عمله حتى الآن، وتساءلت لماذا سأل عمر عمرو بن العاص، ماذا سيفعل لو جاءه رجل سارق، هل عمر يختبر الوالي الجديد في معرفته الدينية وإلمامه بأحكام الشريعة؟ أم أن عمر يختبر عمرو بن العاص في ذمته وأمانته؟ أم أن عمر يود أن يتأكد من قدرة عمرو بن العاص على تطبيق الحد الشرعي؟ هذه التساؤلات استثيرت في ذهني وأنا أقرأ هذا الموقف وانتهيت إلى أنه من المستحيل أن يكون الهدف معرفة مستوى إلمام عمرو بن العاص بالمعرفة الشرعية فمثله، وقد عاش في عصر النبوة وعصر الخليفتين، لا يمكن أن يجهل مثل هذه المعلومة، كما أن عمرا لا يمكن أن يكون ضعيفا وغير قادر على تنفيذ الأحكام الشرعية وهو القائد العسكري، الذي على يديه تم فتح مصر. إن سؤال عمر لعمرو ماذا سيفعل لو جاءه السارق له مغزى آخر وأعمق وله دلالة، عمر يعلم أن مصر غنية، وفيها من الخيرات الكثير لما حباها الله من تدفق نهر النيل، وشعبها شعب عمل وكفاح في الحياة، لذا لا يتصور عمر أن يوجد في مصر فقير، أو من يلجأ إلى السرقة، بسبب الحاجة، ولن يوجد فقير في بلد غني كمصر أو غيرها إلا بسبب فساد إداري وعبث في المال العام الذي يفترض أن يستخدم في سد حاجات المواطنين.
إن رد عمر بقوله لو جاءني فقير من مصر لقطعت يدك فيه إلزام لعمرو بن العاص بضرورة الحفاظ على المال العام، واستخدامه في سد حاجات الناس حتى لا يوجد فقير في مصر يضطر للسفر إلى المدينة شاكيا عمرو بن العاص.
هذا الموقف يجسد إحساس قائد بعظم المسؤولية الملقاة على عاتقه تجاه شعبه، وضرورة التأكد من صلاح الولاة في إدارتهم للولايات التي يديرونها، والمحافظة على المال العام، ووضعه في أماكنه المناسبة بدلاً من تبذيره وإضاعته في مجالات وأمور تافهة.
المقارنة بين وضع مصر في عهد عمر، وتحت ولاية عمرو بن العاص، وبين واقعها الحالي الذي نتج من حكم العسكر على مدى ما يقارب 60 عاما يكشف الفرق الشاسع، الفقر، والمرض، والأمية هي نتائج واضحة، وملموسة، وتشير الإحصائيات إلى أن 40 في المائة من الشعب المصري يعيشون تحت خط الفقر. وما نشر من معلومات بعد الثورة يكشف أن الفساد المستشري وسرقة المال العام والرشوة والمحسوبية كانت أسبابا واضحة في هذا الواقع المؤلم. أن تصل ثروة مبارك إلى 70 مليار دولار في حين يصعب على المواطن الحصول على لقمة العيش أو أن يباع الغاز لإسرائيل بأبخس الأثمان ويقف المصريون بالطوابير لشراء أسطوانة غاز وبسعر غالٍ، فهذا دليل على أن الفساد هو الأساس في إدارة البلد، الذي حولها إلى بلد فقير، لذا حذر عمر عمرو بن العاص من الولوج في الفساد وسرقة المال العام، حيث قال: إن جاءني فقير من مصر سأقطع يدك، لأنه يفترض استحالة وجود فقير مع هذا الثراء.
لو فكر الحاكم في مصر، وغيرها من أوطان العالم أجمع بالطريقة نفسها التي يفكر بها عمر لما كان فقراء وجوعى في العالم، وبالذات في البلدان التي تزخر بالمصادر الطبيعية، لكن الأنانية وحب الذات أودى بالحكام إلى الاستحواذ على الثروات دون غيرهم، وامتلأت المصارف بالأرصدة في حين يوجد عدد كبير من الناس يعانون الفقر وضيق ذات اليد ويفتقدون أبسط الخدمات الأساسية من ماء وكهرباء وخدمة صحية مناسبة، ومدارس وغيرها.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.