قبل حوالي سنتين كتبت مقالاً بعنوان «هل نحن على خلق.. لماذا يكرهوننا؟». سؤال لم أستطع مقاومة إثارته مجدَّداً بعد رؤيتي للقطة فيديو ظهر فيها شاب ينهال بالضرب دون رحمة على عامل آسيوي في الباحة. الجزء الأول من السؤال كنت استقيته من عنوان بالخط العريض كتبته مجلة النيوزويك الأمريكية على صدر غلافها أواخر التسعينات يقول «هل أصبحت أمريكا بلا أخلاق؟». أما الجزء الثاني من السؤال وهو «لماذا يكرهوننا؟» فقد أثير أيضا بعد أحداث الحادي عشر من سبتمبر في محاولة للإجابة على أسباب انتشار موجة العداء لأمريكا في العالم. وفي حين أن الولاياتالمتحدة تعاملت بجدية وعقلانية مع السؤال الأول إلا أنها تعاملت بتعالٍ وغرورٍ مع السؤال الثاني. فقد ظهرت بحوث ودراسات عن «الأخلاق الأمريكية» وأسباب انحدارها وطرق علاجها حذَّر بعضها من أن هذا الانحدار الأخلاقي سيؤذن بزوال أمريكا ما لم يتم تداركه سريعاً. أما عن أسباب موجة الكراهية لأمريكا فقد برَّروها بحسد وغيرة العالم من حضارتهم وديموقراطيتهم. هذا كان تعامل الأمريكيين مع هذين السؤالين، فكيف هو تعاملنا نحن السعوديين معهما؟. الحقيقة أننا نعيش وهماً كبيراً اسمه «الأخلاق السعودية»، ونردد دوماً تبريرات واهية بأن كراهية الغير لنا وأي انتقاد منهم لنا إنما هو بدافع الغيرة والحسد وليس بدافع أي انحدار أخلاقي نعيشه على كافة المستويات. فنحن بلد التوحيد وأرض الحرمين وهذا يجعلنا تلقائياً بلد الأخلاق والطهر والعفاف. ونحن أيضاً بلد البترول والثروات وهذا يجعلنا بالضرورة عرضة لأعين الحاسدين وغيرتهم. لنتوقف عن هذا الوهم والهراء فنحن نعيش مرحلة انحدار أخلاقي أحرى وأجدر بنا أن نلتفت إليها ونعترف بها ونسخِّر كل الإمكانات لعلاجها.