أمانة الشرقية تشارك في معرض اليوم العالمي للبيئة بهيئة تطوير المنطقة الشرقية    إحالة مدير شركة إلى النيابة للاشتباه بجرائم احتيال مالي    ضبط مواطن في الجوف لترويجه مواد مخدرة    الأحساء تسجل أعلى درجة حرارة في المملكة اليوم ب 48 درجة مئوية    النائب العام يفتتح نيابة مطار الأمير محمد بن عبد العزيز الدولي بالمدينة المنورة    المنظومة الصحية تعلن جاهزيتها الكاملة لموسم حج هذا العام    نائب رئيس جمهورية جامبيا يغادر المدينة المنورة    بتوجيه ومتابعة الأمير خالد بن سلمان.. «الدفاع» تنهي استعداداتها لدعم خطط الأجهزة الأمنية في الحج    بوتين يدعو إلى نقل مقار بعض الشركات الكبرى خارج موسكو    الحكومة اليمنية تدين حملة اختطاف الحوثيين لعشرات الموظفين الأمميين    جامعة الملك خالد تتقدم 160 مركزًا في تصنيف QS العالمي للجامعات 2025م وتحقق المركز 601    بايدن يعتذر لزيلينسكي عن تعليق المساعدات الأمريكية 6 أشهر    "ميتا" تتيح إعلانات الشركات على واتساب ب"الذكاء"    ثغرة في أدوات الرقابة الأبوية بأجهزة آبل    يايسله يطلب بديلاً لفيرمينو في الأهلي    «أرامكو»: 27.25 ريال سعر الطرح النهائي للأسهم للمكتتبين الأفراد    تطمينات "أوبك+" تصعد بالنفط    «الأحوال»: منح الجنسية السعودية لشخصين.. وقرار وزاري بفقدانها لامرأة    حظر دخول أسطوانات الغاز للمشاعر المقدسة    اليحيى يُراجع خدمات الحجاج بمطار المؤسس    البسامي يدشن مركز المراقبة على الطرق    فيصل بن مشعل يقدر لامين وأمانة القصيم جهودها في مدينة حجاج البر    400 مشروع فني وتصميمي لطالبات كلية التصاميم بجامعة الإمام    "سدايا" تحصد الآيزو بإدارة الذكاء الاصطناعي    «ميدل إيست آي»: مقترح «الهدنة» الإسرائيلي لا يتضمن إنهاء الحرب    المفتي: الحجّ دون تصريح "يأثم فاعله"    تشيلسي يتعاقد مع مدافع فولهام أدارابيويو    بطلب من رونالدو.. 6 لاعبين على رادار النصر    قرض تنموي سعودي ب103 ملايين دولار لتمويل إنشاء وتجهيز مستشفى كارلوس سينتينز في نيكاراغوا    زيادة مقاعد برنامج "طب الأطفال" بتجمع القصيم الصحي إلى 100 متدرب    المسحل يتحدث عن تأهل السعودية إلى المرحلة الثالثة من تصفيات كأس العالم    الأحمدي يكتب.. في مثل هذا اليوم انتصر الهلال    فقدت والدها يوم التخرج.. وجامعة حائل تكفكف دموعها !    أغنيات الأسى    وزير الدفاع يلتقي رئيس مجلس الوزراء اليمني    لاعبون بكلية مزروعة    الصيف الساخن يعكر نومك.. 3 نصائح تساعدك    هل نجح الفراعنة في علاج سرطان المخ قبل 4 آلاف عام؟    "بوليفارد رياض سيتي" و" أريناSEF " تستضيف كأس العالم للرياضات الإلكترونية    "ابن نافل" يسعى لكرسي رئاسة الهلال من جديد    "الأخطبوط" عبادي الجوهر.. "أرينا" أكبر تكريم والسعودية نعمة    وزير التعليم يرعى جائزة الفالح للتفوق العلمي والإبداع    «التحيّز».. الداء الخفي    مع التحية إلى معالي وزير التعليم    كيف تبني علامة تجارية قوية عبر المحتوى ؟    الاتفاق يُحدد موقفه من فوفانا وجوتا    عمارة الحرمين.. بناء مستمر    أشهُرٌ معلومات    الركن الخامس.. منظومة متكاملة    كوبا تعلن أن غواصة نووية روسية سترسو في هافانا الأسبوع المقبل    وزير التعليم يتفقد القطاع التعليمي بمحافظة الزلفي    فضائل الدول الصناعية وعيوب من عداها    حفلات التخرج.. من الجامعات إلى رياض الأطفال    وقوف امير تبوك على الخدمات المقدمة في مدينة الحجاج بمنفذ حالة عمار    نجاح فصل التوأم السيامي الفلبيني "أكيزا وعائشة" بعد عملية استغرقت 5 ساعات    وزير الداخلية يخرّج "1410" طلاب من "فهد الأمنية"    انطلاق أيام البحر الأحمر للأفلام الوثائقية    خالد بن سلمان يجري اتصالاً هاتفياً بالرئيس المنتخب وزير الدفاع الإندونيسي    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



أنا موجود... إذاً أنا مثقف

«الثقافة ليست حكراً على أحد» وبالتالي هي ملك للجميع. هذه الجملة تطفو مع كل حراك ثقافي ترعاه وزارة الثقافة والإعلام، وهي جملة ناقدة ومعترضة ومحتقنة، بمعنى أن الحراك يجب أن يشمل الكل والجميع، ليس فقط لأن الثقافة ملك لهم، بل لأنهم بالضرورة مثقفون. ولن أشرح الفرق بين الثقافة والمثقف، لأن هذا ليس هم المقال، كما أن القناعة الثابتة لكل من يرى نفسه مثقفاً لن تتزحزح مهما قدمنا له من شروح وتفسيرات.
لا يمكن لأي عاقل أن ينفي حق أي إنسان في أن يكون مثقفاً، هذا شأنه وواجبه، يبني معارفه كيفما يشاء ويدلف إلى ميادين الثقافة متى ما شاء. فالثقافة في معانيها المختلفة حق للجميع لا جدال في ذلك. لكن الحقيقة أن إصرار البعض على تأكيد هذا الحق لا يظهر إلا مرتبطاً بالحراك الثقافي، فكون كل الناس مثقفين لا يقف عند حد التثقيف وامتلاك الثقافة، بل إننا لا نسمع به إلا حين يبدأ ذلك الحراك وتتوزع الدعوات إليه. حينها ينبري الكل والجميع متسائلين عن السبب في عدم دعوتهم رغم كونهم مثقفين «حقيقيين»، مما يحول الدعوة إلى وثيقة اعتراف رسمي بأحقيتهم الثقافية.
«الكل مثقف» مقولة تقود إلى مطلب آخر وهو اعتراف المؤسسة الثقافية الرسمية بالكتلة الثقافية الجمعية، وذلك الاعتراف يجب أن يترجم في شكل الدعوات العامة إلى جميع المناشط الثقافية الرسمية. هي سلسلة من الخطوات ستتوالى، فبعد الدعوة سيتحتم على المؤسسة إسناد مهام أخرى لتلك الكتلة في شكلها الجمعي، أي أن الدعوة والحضور لن يكون كافياً، فالطموح هو الوصول إلى المنابر والظهور بشكل أوضح ليشهد للملأ وعلى صفحات الجرائد الرسمية أن هذا المثقف معترف به رسمياً.
معضلة الانتماء الجمعي إلى الثقافة تبدأ بثقافية الفرد، كل فرد، وتنتهي بالحقوق التي لا تنتهي، والمؤسسة الثقافية ستكون دائماً في موضع لا تحسد عليه لأن الانتقائية محرمة عليها في كل مشاريعها، فللمثقفين جميعاً الحق الكامل في المشاركة في كل أنشطتها، وليس من حقها استثناء أحد منهم، وإلا رميت بالإقصائية والتميزية، بل وبالتنفيعية.
الملتقى الثاني للمثقفين أخذ نصيب الأسد من هذه المقولة بصيغ مختلفة فحواها أن الواجب على الوزارة ألا تقصي أحداً من أي نشاط ترعاه، فنجاح ذلك النشاط مرهون بالوجوه التي تحضره، وتلك الوجوه هي كل الناس، خاصة في ملتقى يحمل اسمهم «المثقفين»، وهذا الاسم يشمل الكل والجميع، لأن الثقافة ليست ملكاً للنخبة التي تحضر ليقصى غيرها من الناس ذوي الاستحقاق المماثل. لذلك يجب على الهيئة الاستشارية الثقافية «أن تكون على مسافة واحدة من (الجميع) وأن تفتح المجال لجميع شرائح المجتمع». إن الثقافة هي شأن الجميع وليست نخبوية، ولذلك يتعجب ذعار بن نايف بن محيا من حصر الدعوات من كل أنحاء المملكة وفي جميع المجالات الثقافية على ألف مثقف فقط»!! الوطن السبت 7 يناير 2012
ويشارك علي الشريمي في هذا التعجب من حصر الدعوات على هذا العدد، 1000، ويعزو ذلك إلى عدم اختمار مفهوم المثقف في أذهان النخبة المسيطرة، فهو شخصياً يميل إلى تعريف غرامشي للمثقف: (كل إنسان مثقف وإن لم تكن الثقافة مهنة له). ولذلك فإنه يرى أن مفهوم المثقف «يتسع ليشمل الجميع وخصوصاً فئة الشباب والجامعيين الذي يُعدون مؤشرا للحالة الثقافية لأي مجتمع يريد النهوض» علي الشريمي الوطن 2012-01-03
أما جهير المساعد فقد اعترضت بتهكم في مقالها «المثقفون يتزحلقون» على الأسس التي يتم توزيع الدعوات بها، وتساءلت: «وهل يعني ذلك أن الذين لم يحضروا هذا الملتقى لا يعدون من المثقفين وهم عالة على المجتمع وعبء عليه؟» ولا تخفي جهير ضيقها بالمثقفين الذين تلقوا الدعوات دون غيرهم» من السكان الآخرين» فتسخر من «السيد المثقف» الذي لا يجرؤ أحد أن يتطاول عليه، بل ويصل تجاهل غيرهم عندها إلى حد (العار) - دون خزي ولله الحمد- فتقول: «إنه من العار أن نحدد فئة لا تتجاوز الألف ونقول عنهم المثقفون السعوديون كأنما هي البلاد العزيزة على اتساع رقعتها في الأرض العربية لم تستطع أن تثقف غير هؤلاء!!» عكاظ الاثنين 08-02-1433 ه
هذا التملك الشمولي لوصف مثقف أصبح يهدد كل فعاليات الثقافة في البلاد فهو يحول قائمة المدعوين إلى تهمة جاهزة تصم الوزارة بالشللية والواسطة والنخبوية. ويرى عبدالرحمن العرابي أن هيمنة طبقة المثقفين تتجلى في التكرار المخل لأسماء معينة «شبعت حتى التخمة من الدعوات الرسمية، وعزلت مثقفين حقيقيين من الجنسين» عكاظ الاثنين 1433-2-8 ه. كما يتحفظ عبدالغني القش على رقم 1000 مدعو لأن من دعي من مثقفي جريدة المدينة «لا يتجاوزون أصابع اليدين»، ولكنه يثبت لنا أن كل سعودي هو بالضرورة مثقف من خلال اعتراضه على دعوة غير السعوديين من العرب في ملتقى للسعوديين. لمدينة 1433-2-13 ه. فالدليل الدامغ لصحة هذا العدد الضخم هو أن يُدعى جميع مثقفي وكتاب ومحرري جريدة المدينة وغيرها من الصحف.
كيف ستصل الوزارة إلى حل لهذه المعضلة؟ هل كان من الواجب أن يضع المثقفون التوصية الأولى والأهم في نهاية الملتقى بضرورة إنشاء مدينة ثقافية تسع الملايين من المثقفين ليحضروا بدعوات عامة إلى كل ملتقى ثقافي؟ إن جميع سكان المملكة هم مثقفون بالضرورة الحتمية لأن الثقافة كما يرى نجيب الزامل ما عادت حكراً على أحد، فقد «ذهبت الفترة التي يُسمّى الفردُ فيها مثقفا فقط لأنه يظهر أمام الناس في الأدب أو النقد»، فالمثقف العصري في كل مكان، والثقافة «لم تعد صفة محصورة على مجموعات بعينها..» الاقتصادية الجمعة 12 صفر 1433
الوسط الثقافي ما عاد وسطاً، بل هو رقعة البلاد بأكملها، والانتماء لهذا الوسط حق مشروع لكل مولود على هذه الرقعة. وهذا الانتماء مرتبط باستحقاقات أخرى تتطلب المساواة والعدل في أقصى صوره، فلا منابر ولا استضافات ولا كتب ولا أمسيات ولا تمثيل خارجي ولا تكريم ولا جوائز إلا للكل وللجميع. النخبوية جنوح للنوعية والتفاضلية والتميز ولا مكان لها في الرقعة الجماعية الكبرى، فالمرحلة الزمنية الراهنة هي مرحلة تساوي رؤوس الحشود، كلٌ له من كل شئ نصيب الأسد، فهنيئاً للكل والجميع.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.