خادم الحرمين وولي العهد يهنئان رئيس نيبال بذكرى يوم الدستور لبلاده    80 فنانًا يضيئون سماء الأحساء بالفن التشكيلي    محافظ عنيزة يرعى حفل احتفال النجمة بالصعود    إمام المسجد النبوي: القرآن أعظم الكتب وأكملها ومعجزته باقية إلى يوم القيامة    قوميز: نؤمن بأنفسنا وهدفنا الفوز رغم الغيابات    دوري يلو.. العلا يعزز الصدارة.. وجدة يحسم الديربي    محترف الأهلي يبدي جاهزيته للقاء الهلال    الذهب يواصل مكاسبه للأسبوع الخامس بدعم خفض الفائدة الأمريكية    جدة تغني حب وحماس في ليلة مروان خوري وآدم ومحمد شاكر    في النظرية الأدبية.. بين جابر عصفور وعبدالله الغذامي    محافظ بيشة يدشن جمعية التنمية الزراعية "باسقات"    الجهني: أوصي المسلمين بتقوى الله والاعتصام بالكتاب والسنة    جمعية نمو للتوحد تحتفي باليوم الوطني ال95    جمعية حقوق الإنسان تنظّم دورة للإعلاميين حول تعزيز المبادئ الحقوقية    خطباء الجوامع: وحدة الصف وحفظ الأمن من أعظم نعم الله على المملكة    جلسات منتدى حوار الأمن والتاريخ.. إرث راسخ ورؤية مستدامة للأمن والتنمية    اختتام ورشة عمل بناء العمل الفني بالمدينة المنورة    نائب أمير منطقة مكة يرأس اجتماع مجلس هيئة تطوير المنطقة    رياح وامطار على اجزاء من مناطق المملكة    أوكرانيا تعلن خططا لنشر مئات المسيرات    أبراج مدن المملكة تتوشح بعلمي المملكة وباكستان    نائب أمير تبوك يكرّم الفائزين بجائزة الأميرة صيتة بنت عبدالعزيز للتميز في العمل الاجتماعي    نائب أمير تبوك يدشن حملة التطعيم ضد الانفلونزا الموسمية    «بيئة مكة» تدرس إنشاء سدود حماية جديدة في شمال جدة    "سدايا" تطلق معسكر إدارة الأنظمة السحابية    بوتين: أكثر من 700 ألف جندي روسي يقاتلون حاليا في أوكرانيا    أمسية شعرية وطنية للأمير سعد آل سعود تدشن احتفالات الهيئة الملكية بينبع باليوم الوطني السعودي ال 95    "مسار كدانة"... وجهة ترفيهية مستدامة لسكان مكة المكرمة وزوارها    ثنائية راشفورد تنقذ برشلونة من فخ نيوكاسل بدوري أبطال أوروبا    ارتفاع حصيلة القتلى جراء انفجار شاحنة صهريج غاز في المكسيك إلى 21    هالاند يسجل هدفا تاريخيا في انتصار سيتي على نابولي بدوري أبطال أوروبا    الخلود يكسب ضمك بثنائية في دوري روشن للمحترفين    الأمير سعود بن طلال يرعى زواج 200 شاب وفتاة في الأحساء    مجلس الدفاع الخليجي المشترك يقرر تحديث الخطط الدفاعية وتبادل المعلومات الاستخبارية    أمير الرياض يستقبل أعضاء هيئة كبار العلماء    ما مدى قوة الجيش السعودي بعد توقيع محمد بن سلمان اتفاق دفاع مع باكستا    نجاح عملية تفتيت تصلب الشرايين    أمير منطقة المدينة المنورة يرعى حفل تكريم الفائزين بجائزة جامعة الأمير مقرن بن عبدالعزيز للتميز    العيسى والصباح يزفان عبدالحميد    ضبط 83 كجم قات و61 كجم حشيش    بدد أموال والده في «لعبة».. وانتحر    السعودية تطالب بوضع حد للنهج الإسرائيلي الإجرامي الدموي.. الاحتلال يوسع عملياته البرية داخل غزة    فرنسا: حملة تدميرية جائرة    «البلديات» تصدر اشتراطات مراكز«التشليح»    "سترونج إندبندنت وومن"    أمير الباحة يدشن مشاريع صناعية ولوجستية    قطر: حرب إبادة جماعية    زراعة «سن في عين» رجل تعيد له البصر    هيثم عباس يحصل على الزمالة    سارعي للمجد والعلياء    29% ارتفاعا بأسعار البرسيم    الخدمات الصحية في وزارة الدفاع تحصد وسام التميز بجودة البيانات    نائب أمير تبوك يكرم تجمع تبوك الصحي لحصوله على جائزة أداء الصحة في نسختها السابعة    أمير جازان يرأس اجتماع اللجنة الإشرافية العليا للاحتفاء باليوم الوطني ال95 بالمنطقة    وجهة نظر في فلاتر التواصل    خطى ثابتة لمستقبل واعد    محافظ الأحساء يكرّم مواطنًا تبرع بكليته لأخيه    إطلاق مبادرة تصحيح أوضاع الصقور بالسعودية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الخطاب التقليدي: تساقط قطع الدومينو

الجمهور الذي يحاول الشيخ الهيمنة عليه لم يكن هو جمهوره السابق. هنا تختلف التوجهات والرؤى والدائرة. ويصبح الشيخ أمام الناس بمرتبة واحدة ليست تفاضلية أبوية الطابع
منذ فترة ليست بالقصيرة بدأ الخطاب الديني التقليدي في السعودية ينقسم على ذاته ويتشظى إلى خطابات متعددة بعضها يزداد انغلاقاً وتحجراً وتقليديةً والبعض منها يزداد انفتاحاً ومعاصرةً وبعضها الآخر يحاول التوسط بين الخطابات حتى لقد أصبح لكل شيخ طريقته ومذهبه الخاص بعدما كان يمثل طريقة الآخرين وإن كان الجميع ما يزال لم يستطع الانفلات من قبضة التراث بشكله الواسع بحيث لم يتقدم حتى الآن من يقدم لنا فكرا إسلامياً غايةً في العصرانية والتقدم أو يتعامل مع النصوص الدينية بنوع من العقلانية المتأصلة من خلال المنهجيات الفكرية المعاصرة والمقاصد الشرعية الكبرى كما لدى بعض مفكري المجتمعات العربية المجاورة.
كل التحولات الفكرية التي مر بها الخطاب الديني في السعودية كانت وفق أطر عامة لم يتجاوزها ولم يؤثر عليها جملة وتفصيلا كما حدث لدى قلة من الشباب المتحولين من الخطاب الديني التقليدي إلى الخطاب الليبرالي، لكن يبقى الخطاب الديني في السعودية في منظومة فكرية متحولة يوما عن يوم من غير أن يشعر مما يخلق أزمة فكرية من داخل الخطاب ذاته والدليل مدى الهجوم المتبادل بين ممثلي الخطاب الديني نفسه حتى من يأتي برأي فقهي معروف ومن خلال النص الديني وبنفس الآليات المعرفية التقليدية.
في الآونة الأخيرة شهدنا عدداً من سقوط الأسماء الفكرية والحركية داخل المنظومة التقليدية للخطاب الديني. كان هذا الخطاب هو المهيمن على كل مجريات الأمور حتى كاد في فترة يصبح الخطاب الوحيد ومع ذلك فقد كان منقسما على ذاته فمن الصحوي والسروري والجامي وغيرها. والحروب التي كانت تعتمل من داخله أكثر من أن تحصى. لكنها لم تكن واضحة للعيان كما في الفترة الحالية. كان طلاب كل طريقة أو معسكر ديني يحملون فكره ومنظومته التي تخالف حد القطيعة الكامل مع المعسكر الآخر أو الطريقة الأخرى. ويتم تبادل التهم من هنا أو هناك لكن كان الفضاء الإعلامي ليس بهذه الكثرة ومقتصراً على الرسمي منه مما يجعل مثل هذه الحروب الفكرية بين أبناء الخطاب الواحد غير واضحة للناس إلا للذي من داخل هذا الخطاب أو له صلة فكرية مباشرة أو غير مباشرة أو مراقب فكري يرصد حركة المجتمع. ومع ذلك فإن هذه المدارس أو الطرق الفكرية تدعي وصلاً بليلى. الكل يدعي أنه الممثل الوحيد للإسلام أو أنه الرأي الفقهي "الصحيح" لمقصود الشارع وما عداه ضرب من الضلال أو الهوى أو الخطأ في أحسن أحواله.
كانت تلك الحروب والمعارك الضارية تدور في أوساط الشباب المتدين، أو تدور في أوساط طلاب العلم كما يسمون أنفسهم. ومعروفة بين طلاب المشايخ آنذاك أو المعسكرات ولم تكن معروفة لدى المجتمع عامة على غرابة ما كان يطرح من آراء تنافي العقل والنص كليهما بتفسيرات غريبة يقوم بها المشايخ أو طلابهم لكن هذا كان داخل الحلقة أو داخل الدرس الديني. كان هذا من المضنون به على العامة وعلى لا معقولية ما يطرح أحياناً إلا أن هذا لم يظهر إلى الناس ولم يكن يناقش بشكل جدي لهيبة المشايخ عند طلابهم إما تماهياً مع الشيخ أو خوفاً من الهجوم والهلاك من قبل الشيخ، لأن أحد طلابهم فكر وعارض مثل هؤلاء المشايخ.
بعد ظهور الفضائيات وتوجه المشايخ لتوسيع دائرة الدرس الديني والندوات الدينية باعتباره استغلالاً لوسيلة دعوية صالحة وناجحة تصل إلى كافة أبناء المجتمع كما تصل إلى خارج النطاق المحلي الضيق إلى أفق جماهيري أوسع فقد خرج المشايخ من الهيمنة الفكرية على عدد محدود من الطلاب إلى محاولة الهيمنة على أعداد مهولة من الناس من مختلف المشارب والرؤى والمذاهب والأفكار، ومع النجاح الذي يحصده البعض في الوصول والهيمنة إلا أنه سلاح ذو حدين إذ لا يمكن السيطرة الكاملة على توجهات الناس وأفكارهم ومذاهبهم، لذلك فقد حصل نوع من الارتباك من قبل هؤلاء المشايخ في محاولة الهيمنة الفكرية لتعاملهم مع وسط فكري مختلف على ما تعودوا عليه وظهر عور الكثير منهم أمام نقد الناس وأمام نقد الإعلام وأمام المجتمع بأكمله، فمن فتاوى التكفير التي كانت الأخطر على كافة أبناء المجتمع والدولة على حد سواء إلى فتوى ميكي ماوس وفتاوى تكفير مستبيح الاختلاط وفتوى هدم المسجد الحرام وبنائه من جديد إلى ظهور شيخ ينحاز إلى القول بتحريم الاختلاط في حفل غنائي مختلط ومع نساء غير محجبات إلى دعوى داعية في محاولة تصوير برنامجه الديني من فلسطين وفي الأخير فتوى إرضاع الكبير، والقصص تتداول مما يمكن أنه ينسي آخرها متقدمها.
المشايخ هنا خرجوا من الإطار الضيق إلى إطار واسع لكنه إطار لم يكن بمقدور المشايخ السيطرة عليه كما يحصل سابقاً. لذلك أصبح هؤلاء المشايخ تحت طائل النقد بعدما كانت لهم الهيمنة المطلقة في الحديث والتأثير. الجمهور الجديد الذي يحاول الشيخ الهيمنة عليه لم يكن هو جمهوره السابق. هنا تختلف التوجهات والرؤى والدائرة. هنا يصبح الشيخ أمام الناس مباشرة بمرتبة واحدة وليست مرتبة تفاضلية أبوية الطابع مشايخية الأسلوب والطريقة بل هو في موضع ندي مع الناقد والمفكر والمثقف والإعلامي والتربوي والشيخ العصري والشيخ الأكثر تقليدية وغيرها، أي إنه يضع نفسه ضمن سلسلة طويلة وليس على رأس الهرم الفكري لعدد محدود من التابعين. لقد أصبح في موضع رشق السهام النقدية بعدما كان هو من يرشق تلك السهام.
المفترض أن بعض المشايخ كانوا واعين بالدور الجديد الذي يقومون به أو واعين بالجمهور الجديد الذي يتعاملون معه، لقد أصبح الكثير من المشايخ موضع نجومية الإعلام دون أن يعوا أن هذه النجومية سوف تسقطهم بأي لحظة متى ما سنحت الفرصة. لقد تعاملوا مع الحياة الجديدة بنظرة قديمة لا على المستوى الفكري فقط؛ بل حتى على المستوى الإعلامي والجماهيري فضلا عن تقديم خطاب تقليدي لا يمت إلى الحياة المعاصرة بأي صلة ينم عن عدم إدراك للواقع ومتغيرات الحياة، لذلك تساقط عدد كبير منهم كما تتساقط قطع الدومينو ويبدو أن هذا التساقط لن يقف عند حد ما لم يجدد ممثلو هذا الخطاب في الآليات الفكرية التي يتعاملون بها مع التراث والنص والواقع من خلال الانفتاح على المعطيات المعرفية الجديدة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.