أظن ظنا لايساوره الشك بأن شهر رمضان العظيم في حياة المسلمين المنتشرين في أصقاع الأرض يعد مدرسة كبرى يتخرج منها المسلم في نهايته وقد تسلح بدروس هامة وحيوية على رأسها التزود بمكارم الأخلاق ومحاسن الصفات وفضائل السلوكيات الحميدة حيث يستعين بها طيلة أحد عشر شهرا من العام ليغدو قدوة لغيره في سائر تصرفاته اليومية ، فالصوم لا يعني الامساك عن المأكل والمشرب طيلة النهار فحسب ولكنه يعني الامساك عن كل المسالك السيئة التي تضر بمصالحه ومصالح غيره ، فهو يمنع المسلم من ارتكاب المعصيات ما كبر منها وما صغر ، يمنعه من الكذب والتلفظ على الغير بألفاظ نابية خارجة عن أصول الذوق ، يكره اليه السرقة والنظر المحرم الى المحارم ، يحبب اليه التضرع الى المولى القدير بالدعاء ، يحثه على بذل الصدقات وأفعال الخير والبر ، يمنعه من التكبر والخيلاء ، يأمره باجتناب أصدقاء السوء والامتناع عن ارتياد أنديتهم وتجمعاتهم ، يأمره بالصدق في كل أقواله ، يطالبه بحسن العشرة مع أهله والاحسان الى جيرانه ، يأمره بالأعمال الشريفة حتى لا يغدو عالة على مجتمعه وعلى أسرته . انه شهر يتعلم فيه المسلم التقرب الى مولاه العلي القدير بكل عمل صالح يفيده في دنياه وآخرته ، يعلمه أهمية صلة الأرحام وزيارتهم ، يعلمه أهمية التقرب من العجزة والمرضى والمساكين والتعاطف معهم ومساعدتهم بكل الوسائل المتاحة ، يعلمه نبذ الخلافات التي قد تحدث بينه وبين أقربائه وأصدقائه وخلانه ويبادر باتخاذ الخطوات الكفيلة التي تضمن صلحه معهم وعودة الحياة بينه وبينهم الى سيرتها الأولى ، يعلمه التمسك بقراءة القرآن الشريف كلما سنحت له الفرص ، يعلمه التعود على ارتياد المساجد والالتزام بأداء الصلوات في أوقاتها ، يعلمه الدعاء الى مولاه القدير بنصرة الاسلام والمسلمين والمستضعفين في مشارق الأرض ومغاربها ، ومتى ما تعود المسلم على التمسك بتلك الفضائل الكريمة وغيرها من الفضائل التي قد لا تسمح مساحة هذه العجالة بذكرها فانه اذا هداه الله الى طرائق الصلاح سوف يواصل الأخذ بها طيلة شهور السنة لأنه تخرج من مدرسة رمضان التي علمته كيفية التمسك بفضائل الاسلام ومبادئه القويمة . [email protected]