نشرت وزارة العمل مؤخرا تقريرها السنوي (الكتاب الاحصائي السنوي لعام 2011)، وقد احتوى التقرير على الكثير من الأرقام اللافتة التي تساعد على تشكيل تصوّر أفضل لسوق العمل واتجاهه في السنوات المقبلة. يستعرض التقرير في بدايته عدد المنشآت الواقعة في مختلف النطاقات، ويوضح عدد المنشآت بناء على حجمها. ما لفت انتباهي هو العدد الهائل من المنشآت الصغيرة جدا، وهي المنشآت التي يقل عدد موظفيها عن 10، حيث بلغ عددها أكثر من 1.5 مليون منشأة، تمثل أكثر من 86 بالمائة من المنشآت في القطاع الخاص. غالبية هذه المنشآت المتناهية الصغر تعتمد بشكل كلّي على العمالة الوافدة، وكثير منها يعمل بطريقة التستر. برنامج نطاقات لم يبدأ تطبيقه على هذه الشريحة من المنشآت إلا منذ فترة قريبة لا تتجاوز الشهرين، ما يعني أن 86 بالمائة من المنشآت لم تتأثر بشكل كامل خلال الفترة الماضية بأنظمة العمل الجديدة، بالتالي سيكون هناك تأثير أوضح لبرامج وزارة العمل خلال سنة 2013. أما بالنسبة للتأشيرات، فقد بيّن التقرير أن عدد التأشيرات التي تم الموافقة عليها للقطاع الخاص بلغ أكثر من 1.25 مليون تأشيرة، مقارنة بحوالي 1.1 مليون تأشيرة عام 2010، وهذا يدل على أنه رغم التضييق والتشديد إلا أن حجم التأشيرات كان مرتفعا سنة 2011. بلغت نسبة السعوديين في القطاع الخاص عام 2011 حسب التقرير حوالي 10.85بالمائة مقارنة ب «10.4» بالمائة عام 2010 و 7 بالمائة عام 2009، وهو ارتفاع طفيف، لكن قد تكون الزيادة أكثر وضوحا سنة 2012، لأن وزارة العمل أعلنت مؤخرا أن عدد السعوديين الذين تم توظيفهم منذ بدء نطاقات تجاوز 500 الف سعودي وسعودية. ما جاء في التقرير فقد كان الارتفاع الكبير في معدل رواتب السعوديين خلال سنة 2011، حيث وصل معدل رواتب السعوديين ( من الذكور ) 5,686 ريال، مقارنة بأقل من 3,500 ريال عام 2010 و 3,200 ريال عام 2009، أي أن معدلات الرواتب للذكور ارتفعت أكثر من 60 بالمائة خلال سنة واحدة. والمعدل الجديد قريب جدا من معدل الرواتب الحكومية، وهذا يعد مؤشرا إيجابيا سيزيد جاذبية العمل في القطاع الخاص. أما بالنسبة للإناث فبلغ معدل الرواتب 2,824 ريال مقارنة بحوالي 2,500 ريال عام 2010، أي أن معدل رواتب الإناث ارتفع حوالي 12بالمائة فقط خلال تلك السنة. الفجوة في معدلات الرواتب بين الذكور والإناث كبيرة جدا مقارنة بالمعدلات العالمية، وقد يكون السبب عائدا إلى نوعية الوظائف التي تشغلها المرأة في السعودية، حيث تتركز وظائفها في قطاع التعليم الأهلي، ومرتبات هذا القطاع متدنية جدا. حسب التقرير فإن أعلى القطاعات مرتبا هي قطاع استخراج البترول - غالبا - تتركز تلك الوظائف في شركة أرامكو، حيث بلغت رواتب الذكور 16,064 ريال بينما تجاوزت للإناث 16,317 ريال، وهو القطاع الوحيد الذي تجاوزت فيه مرتبات الإناث مرتبات الذكور. أما جميع القطاعات الأخرى فكانت الفجوة كبيرة بين مرتبات الذكور والإناث. أخيرا، كنت آمل في أن تنشر وزارة العمل كتابها الإحصائي لسنة 2012 الذي انتهى منذ اكثر من 3 ثلاثة اشهر وهي فترة كافية لإعداد التقرير، فهذه التقارير لها أهمية بالغة لمن يريد تحليل السوق ومعرفة اتجاهه. كما أنه يسهم في طمأنة المهتمين، فيما إذا كانت النتائج إيجابية للإصلاحات الأخيرة التي تقوم بها وزارة العمل. @essamz
