وجدت حول العالم عدة بنوك إقليمية ذات صفات دولية هدفها دعم التنمية بين تلك الدول وغالبا ما تكون هذه البنوك محصور عملها بعدد محدود من دول تشترك بينها برابط ثقافي أو عرقي أو أسواق مشتركة. إلا أن هناك البنك الدولي وصندوق النقد الدولي التابع للأمم المتحدة الذي تستفيد منه أغلب دول العالم والذي تهيمن عليه الدول الغربية وخصوصا الولاياتالمتحدةالأمريكية، وبالتالي كان لزاما على جميع دول العالم أن تكسب رضا أمريكا للحصول على الدعم من صندوق النقد بشروط ومعايير الدول الغربية الرأسمالية، وبهذا كانت الولاياتالمتحدةالأمريكية -وهي أكبر داعم وأحد المؤسسين الخمسة الكبار لهذا الصندوق والذي مقره واشنطن- هي المتحكمة بالنظام المصرفي العالمي، وحتى ان شاركت بعض الدول العالمية في إدارة هذا الصندوق مثل اليابان وألمانيا وفرنسا والمملكة المتحدةوالصين وروسيا والمملكة العربية السعودية إلا انه ما زال يخضع لسيطرة الولاياتالمتحدةالأمريكية، وعليه فقد قررت الصين إنشاء بنك يعتقد كثير من الاقتصاديين أنه منافس لصندوق النقد الدولي لكن ليس تحت سيطرة أمريكا ولهذا كانت فكرة انشاء بنك الاستثمار الآسيوي الذي بدأ تأسيسه عام 2014ميلادي ويضم في عضويته 35 دولة قابلة للزيادة ومقره بكين برأس مال مبدئي 50 مليارا في المرحلة الأولى وتصل 100 مليار ويرأس هذا البنك (جين لي تشون). وقد كان موعد 31 مارس من عام 2015 آخر موعد لاستلام طلبات الأعضاء المؤسسين لهذا البنك وبعد هذا التاريخ يحق لأي دولة الانضمام لكن على شكل عضو عادي وليس مؤسسا، ومع أن فكرة هذا البنك مشابهة لفكرة صندوق النقد الدولي وبالتالي تعتبر منافسا له إلا أن طلب كثير من البلدان الغربية مثل بريطانيا وفرنسا وألمانيا وإيطاليا الانضمام إلى هذا البنك يؤكد أن مستقبل هذا البنك سيكون مؤثرا جدا بالخارطة التنموية المستقبلية للدول الأعضاء، كما انه ينذر بتغير الخارطة السياسية للعالم حيث يعتبر المال أحد أهم المؤثرات على القرارات السياسية والاقتصادية، ولهذا نرى أن أمريكا قلقة من انشاء هذا البنك الذي حتماً سيؤثر عليها وعلى سيطرتها على الاقتصاد العالمي، ولهذا ترى الولاياتالمتحدة أن الجهود الصينية لإنشاء هذا البنك واستقطاب أكبر عدد من الدول لا يتجاوز كونه خديعة تستهدف النيل من سيطرة الولاياتالمتحدة على النظام المصرفي العالمي، ولهذا حاولت أمريكا إقناع حلفائها الاقليميين بعدم المشاركة بهذا البنك، كما شكك المتحدث باسم مجلس الأمن القومي الأمريكي بمعايير هذا البنك وشدد على أن تتوافق جميع البنوك الإقليمية مع المعايير الخاصة بالبنك الدولي، وقد انتقدت أمريكا حليفتها بريطانيا بعد أن أبدت الأخيرة رغبتها بان تكون أحد الأعضاء المؤسسين للبنك الآسيوي، إلا أن بريطانيا تجاهلت هذا الانتقاد وقالت في بيان صادر عن وزارة ماليتها إن انضمام بريطانيا في البنك الآسيوي لاستثمار البنى التحتية في مرحلة التأسيس سوف يوفر فرصة نادرة لكل من بريطانيا وآسيا للاستثمار وتحقيق النمو معا. كما تقول مصادر بريطانية اخرى إن انضمام بريطانيا سوف يحقق فوائد اقتصادية جمة مقابل خسائر سياسية متناهية الصغر، وفي خضم هذا التغير على خارطة الاقتصاد التي يشهدها العالم ونشوء إمبراطوريات اقتصادية جديدة وخصوصا في الدول الآسيوية فما الذي يمنع أن تكون السعودية واحدة من الدول المؤسسة أو الأعضاء بهذا البنك، والمشاركة بهذا الحراك الاقتصادي الجديد الذي ستتضح آثاره في العقود القادمة والتي حتمًا سينتج عنه تغير مراكز القرار الاقتصادي والسياسي.