توازن السوق العقاري السعودي    بناءً على توجيه خادم الحرمين .. غادر ولي العهد متوجهًا إلى دولة قطر    فرص عقارية مميزة شمال الرياض بمزاد عبق الرياض العلني الهجين    جدة تستضيف مؤتمر ومعرض المكتبات المتخصصة 2025 غدًا    السعودية تختتم مشاركتها في الجامبوري العالمي بإندونيسيا    وفد من ديوان المظالم يشارك في المؤتمر الدولي الثاني للتدريب القضائي    سفيرة المملكة لدى الولايات المتحدة تزور الملحقية العسكرية السعودية في واشنطن    خرق مسيّرة أجواء رومانيا هو "استفزاز" أوكراني    مؤتمر حائل لأمراض القلب : منصة علمية لتعزيز التقدم الطبي في أمراض القلب .    "غراء عظمي".. ابتكار صيني لعلاج الكسور في 3 دقائق    أمانة القصيم تنجز مشروع مضمار بطول 800 متر في الظاهرية    من جاكرتا.. أضواء الخير وتكامل الصحية يختتمان رحلة عطاء ملهمة    الوفد الكشفي السعودي يزور الحديقة النباتية في بوجور ضمن فعاليات الجامبوري العالمي    النفط يحافظ على مكاسبه    كوريا الشمالية ترفض مطالبة الولايات المتحدة بنزع أسلحتها النووية    أمير الشمالية يستقبل قائد لواء الملك عبدالله الآلي بالحرس الوطني    إحصائيات "المخدرات" على طاولة سعود بن مشعل    جلوي بن عبدالعزيز: المهرجانات الصيفية تصنع روح المنافسة    الزميل سعود العتيبي في ذمة الله    الأهلي يبدأ رحلة الحفاظ على اللقب الآسيوي بملاقاة ناساف    تحت رعاية ولي العهد.. وزير الثقافة يُتوّج الفائزين بالجوائز الثقافية الوطنية    مجمع الملك سلمان العالمي يفوز بجائزة الشارقة    الطائف تمثل المملكة في «شبكة المدن المبدعة» ب«ليوبليانا»    المفتي يستقبل مدير عام الدفاع المدني    هالاند يقود سيتي لسحق اليونايتد    جامعة الملك فهد تختتم "معرض التوظيف 2025"    منصة «أعمالي» تحصد جائزة التميز التقني    2.7 مليار تداولات السوق    هروب عريس قبل ساعات من زواجه    تعطل «حضوري» يؤثر على التوثيق الإلكتروني    بعد تقييم 1000 ترشيح مقدم للجائزة.. 66 مدينة تتنافس على جائزة «توريز» السعودية    تغلب على ضمك بثنائية.. نيوم يحقق فوزاً تاريخياً في دوري المحترفين    في انطلاقة دوري أبطال آسيا للنخبة.. الأهلي يستهل حملة الدفاع عن اللقب بمواجهة ناساف    رباعية الأخدود والفتح جرس إنذار.. هشاشة الدفاع تؤرق «لوران بلان»    «حين يكتب الحب».. فيلم في الطريق    تحضيري «الدوحة» يناقش مشروع قرار موحد.. تضامن عربي وإسلامي لمواجهة العدوان الإسرائيلي    المفتي يستعرض جهود وأعمال الدفاع المدني    مفتي عام المملكة يستقبل مدير عام الدفاع المدني    إسرائيل تصعد عملياتها في القطاع.. قصف مكثف ونزوح جماعي من غزة    مسيرات الدعم السريع تستهدف مواقع حيوية    جهود متواصلة لتعزيز الرعاية العاجلة.. تدريب 434 ألفاً على الإسعافات الأولية    «الغذاء»: 24 ألف بلاغ عن أعراض«الأدوية»    بدء تقديم لقاح الإنفلونزا الموسمية    الجيش اللبناني يتسلّم دفعة من أسلحة المخيمات الفلسطينية    تشكيل الهلال المتوقع أمام الدحيل    ماجد عبدالله يسلّم كريستيانو رونالدو جائزة الحذاء الذهبي لموسم 2024-2025    من جازان إلى العالم: إنجاز إسعافي يدخل غينيس    تصاعد الهجمات يفاقم التوتر بين روسيا وأوكرانيا    بعد ضرب قطر: ترمب مخدوع أو متواطئ    من المسارح البريئة يدق ناقوس الخطر    كلمات ولي العهد تسطر بمداد من مسك    أفراح الطويرقي والجميعة بزفاف عبدالله    شغف الموروث    مثقفون وإعلاميون يحتفون بالسريحي وبروايته الجداوية    نائب أمير الشرقية يعزي أسرة الزامل    في رثاء عبدالعزيز أبو ملحه    الإرث بين الحق والتحدي    خطاب يستحضر التاريخ: السعودية ونهضة عالمية برؤية 2030    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



في ملتقى المثقفين.. مَن هم المثقفون؟ وأين هِيَ الثقافة؟
نشر في اليوم يوم 02 - 01 - 2012

عُقِدَ الأسبوع الماضي في العاصمة الرياض ملتقى المثقفين الثاني، بتنظيم من وزارة الثقافة والإعلام، وبحضور رسمي كبير. مَن حصَّل نصيبًا جيِّدًا من الثقافة، وقرأ عن هذا الحدَث الثقافي في الصحف أو في غيرها من وسائل الإعلام، لا بُد أن تحاصر بعض الأسئلة ذهنهُ، من قبيل: هل أنا مثقف؟ ولماذا لا أحضر إذاً؟ أو ربما.. لماذا لم يدعُني أحد؟
الإشكالية الأبرز التي واجهت الملتقى بدايةً تكمن في اسمه! فالاسم فيه حصْرٌ لصفة «المثقف» بمن حضر الملتقى، أو تلقى دعوة رسمية لحضوره، وهذا أمر غير صحيح بالتأكيد. الثقافة لها تعريفاتها العديدة التي أجزم بأنها تتجاوز المائة تعريف وفق مصادر معتمدة، فلا تعريف واضح معتمد يُبشِّرُ به الملتقى المقصود، إلا ربما التعريف الذي يجعل المثقف هو الشخص المقرَّب من الوزارة والمؤسسات المرتبطة بها، كما يتضح من غالبية الأسماء في قائمة الحضور.
أدّعي أن العم «أبو زياد» البقَّال، وهو جارٌ لنا، شخصٌ مثقف يستحق الدعوة لهذا المؤتمر، لأنه يقرأ الصحف والمجلات كل يوم، لحظة رصِّها على رف دكانه. وهو شخص مطلع على جميع ما يحصل في الساحات السياسية والثقافية والاقتصادية والاجتماعية من أحداث.
وما إن تفتح معه موضوعاً إلا ويبادرك بردٍّ مُسهب جميل عن كل ما يتصل بالموضوع محل النقاش من خفايا وفروع، بشكلٍ رصين متوَّجٍ بحُسْن خُلُق وابتسامة جميلة. فلماذا لم يُدعَ «أبا زياد»؟
أعرف أن الملتقيات والفعاليات العامة يغلب عليها الطابع الرسمي وتُغلفها المجاملة وتَنْضح فيها المحسوبية، بل وتفيض، غير أن هذا أمر غير كافٍ لإقصاء كثير ممن ينطبق عليهم وصف «مثقف». لذا تمنّيت لو أن الملتقى حُذِفَت من اسمه كلمة «المثقفين»، واستعيض عنها بكلمة «الثقافة»،
الثقافة إذا لم تخرج من قاعات المؤتمرات وصفحات الإعلام الرسمي إلى أنوار الشوارع وأزقة الحارات، ويتمّ الترويج لاستهلاكها يوميًّا بأساليب مغرية وجاذبة للشباب، فلن يكون لها سوق مزدهرة، وسيكون مصيرها البوار، كما حدث بالضبط للمكتبات العامة في بلادنا.
لكان ذلك أوفق وأوجه، لارتباط «الثقافة» - على الأقل - باسم الوزارة المنظمة للملتقى. وبذلك، أُنْصِفَ المثقفون الذين لا يعملون تحت مظلة رسمية، والذين ليس لهم علاقة بأي جهاز من أجهزة السلطة الرسمية، سواء أكانت وزارة الثقافة والإعلام، أو غيرها.
ثم لنفترض أن الملتقى حمل اسم «الثقافة» بدلاً من «المثقفين»، أي انتقل من الاحتفاء بالأشخاص إلى الاحتفاء بالاهتمام الذي يجتمع عليه هؤلاء الأشخاص (وهو الثقافة بالطبع).. فعن أي ثقافة نتحدّث بالضبط؟ وهل لدينا فعلًا ثقافة يجب أن يحتفى بها؟ وهل لدينا مبدعون حقيقيون في كافة فروع الثقافة ومجالاتها؟
سيردّ مَن يرد ويقول إن لدينا أنشطة ثقافية كثيرة ومتنوّعة، بإشراف جمعيات الثقافة والفنون، والأندية الأدبية، وحتى بإشراف الأمانات والبلديات.
والواقع أن كل هذه الأنشطة الثقافية هي أنشطة رسمية تقليدية.. تمامًا مثل الحصص السبع المفروضة على الطلاب في المدرسة، وبنفس أسماء المعلمين ومواضيع المواد، دون وجود أنشطة أخرى تخرج عن هذا المنهج. فلا يستطيع المثقف، دون دعم رسمي، أن يخرج بمشروعه الثقافي أيًّا كان شكله إلى النور، والنماذج المحلية خارج هذا الإطار نادرة جداً.
والواقع يقول إن عندنا ثقافة، ولكن لا يوجد عندنا «جو ثقافي» قادر وبجرأة على تبنّي طرح منتجات ثقافية «غير تقليدية» ذات جودة عالية، وتسويقها بأسلوب يستميل عقول وقلوب الجماهير ويأسرها، بعيدًا عن اجتهادات أية سلطة ثقافية رسمية. لن تفلح ثقافة في مكان تتطلب إقامة محاضرة فيه سلسلة من التصاريح والأذونات.
مسؤولو الثقافة، من خلال ملتقيات المثقفين وغيرها من الفعاليات الثقافية الرسمية، يكرِّسون، ربما دون قصد، تخصيص الثقافة وتقديمها في أطر معيّنة ونكهات محدَّدة، بل وبفرض أسماء وتوجّهات، وهذا لا ينبغي لغير المثقف فعله، فكيف بالمثقف وبمن تبنَّى الثقافة منهجاً! لقد أسهم هذا النهج إلى نشوء صورة ذهنية محلية عن الثقافة مضمونها: أن الثقافة منتَج نخبوي، وبضاعة كمالية فارهة.
إننا في الواقع بحاجة إلى مبادرة تساعد على إخراج الثقافة من ثوبها الرسمي المتكلف العتيق، وإقحام الشباب فيها لإعادة حياكة نسيجها المتقادم، فقد سئمنا الأسماء والقوالب الممجوجة منذ عقود، وسئمنا جمود المشهد الثقافي في بلدنا، وسئمنا جمود إبداعنا المحلي، وسئمنا جمود الجوانب الإجرائية الموجّهة ضد الثقافة عمومًا.
الثقافة إذا لم تخرج من قاعات المؤتمرات وصفحات الإعلام الرسمي إلى أنوار الشوارع وأزقة الحارات، ويتم الترويج لاستهلاكها يوميًّا بأساليب مغرية وجاذبة للشباب، فلن يكون لها سوق مزدهرة، وسيكون مصيرها البوار، كما حدث بالضبط للمكتبات العامة في بلادنا.
هل تذكرون شيئًا عتيقًا اسمه «المكتبة العامة»؟ زُوروها لتعرفوا كيف آلت الثقافة في بلدنا إلى متحف للأنتيكات المغبرة التي لا يرغب أحد في رؤيتها.
[email protected]


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.