ما أشد حاجة العقاريين للقاءات المفيدة في عصر كثرت فيه التغيرات على المستويات المحلية والاقليمية والعالمية مما يؤثر على اداء الشركات العقارية في المملكة إذا لم تتجدد وتواكب الأحداث لتقليل مخاطرها عليها. وسنجد أهمية كبيرة لتوافر المعلومات عن سوق العقارات في المملكة كلما زادت هذه التغيرات التي منها على سبيل المثال كثرة المنافسين ونضج المستثمرين الصغار والكبار، بل ستتوافر المعلومات بتوافر المعارض والورش والندوات والمؤتمرات المتخصصة. ولا جدل في أن سوق العقارات السعودية من أكبر الأسواق في الشرق الأوسط مما يزيد من دوره المأمول في التنمية الاقتصادية، وهذا ما نلمسه من نشاطات حثيثة في هذا القطاع الواعد إن شاء الله. ولقد زاد تدفق الاستثمارات في العقارات بالمملكة بعد الحادي عشر من سبتمبر 2001م لأن الأموال المهاجرة وجدت بيئة استثمارية خصبة في المملكة بعد ان كانت تتكبد خسائر في أسواق الاسهم الأمريكية وغيرها من القطاعات الاستثمارية التي تأثرت من الأحداث الإرهابية في الولاياتالمتحدة. ويقدر إجمالي الأموال السعودية المهاجرة إلى الولاياتالمتحدةالأمريكية بحوالي 800 مليار دولار، عاد منها جزء استثمر معظمه في سوق العقارات في المملكة. ويقدر حجم الاستثمارات في سوق العقارات السعودية بحوالي 900 مليار ريال تزيد سنة بعد أخرى بسبب العائدات الاستثمارية العالية. يتزايد الاهتمام بالاستثمارات في مجال العقارات بالمملكة لأنها من أكبر القطاعات الاستثمارية التي تساهم في جوانب اقتصادية كثيرة منها توطين الوظائف وتحسين مستوى السكن وتوفير العقارات المناسبة لمختلف طبقات المجتمع. وتعتبر فكرة معرض العقار والاسكان من الأفكار الرائدة التي نفذت بتميز السنة الماضية، حيث حقق معرض العقار والاسكان الأول نجاحاً فاق توقعات المنظمين والمشاركين فيه. ولقد قدر عدد زوار المعرض خلال ايامه الخمسة بأكثر من 45 الف زائر. ولقد شهد المعرض إبرام العديد من الصفقات العقارية الضخمة والتي شملت تنفيذ مبان سكنية وتسويق مشاريع ومساهمات عقارية في المملكة. وكان نجاح المعرض الأول للعقار والاسكان محفزاً ودافعاً قوياً لإقامة معرض العقار والاسكان الثاني هذا العام في المنطقة الشرقية التي تتمتع بمميزات استثمارية جذابة. أيضاً شهد المعرض عقد تحالف استراتيجي بين الأولى للتطوير ونظيرتها الاماراتية ما يشير إلى الطموحات والرؤية الاستراتيجية الصحيحة لتوسيع نطاق السوق العقاري في دول مجلس التعاون الخليجي. وما اقامة مثل هذه المعارض في المملكة إلا انطلاقة جديدة لتفعيل الاستثمار والتطوير في هذا المجال الاستثماري الواعد بإذن الله. ويجب الاشادة هنا إلى اهمية التواصل بين المستثمرين في سوق العقارات السعودية من خلال المعرض الذي يعد وسيلة فاعلة للترويج العقاري، ونقطة حيوية تجمع بين المستثمرين والمتخصصين وغيرهم لتبادل الآراء والخروج من هذا المعرض بما يساعد على تطوير سوق العقارات والاسكان في المملكة. انبثق عن المعرض الأول للعقار والاسكان تعاون في مجال اسكان متوسطي الدخل بين كل من جامعة الملك فهد للبترول والمعادن وبعض الشركات السعودية الكبيرة والعاملة في المنطقة الشرقية، حيث تقوم شركة ركاز بتمويل البحوث في الجامعة في هذا الشأن. من هنا نجد أن التعاون والتطوير لا يقتصر على المستثمرين في مجال العقارات والاسكان وإنما تعداه إلى بناء تعاون استراتيجي بين صرح من صروح العلم والمعرفة والبحث العلمي في المملكة وبين قطاع العقارات في المملكة ليكون قرار الاستثمار مبنياً على أسس علمية مدروسة وصحيحة. ويعد معرض العقار والاسكان فرصة ممتازة لتبادل الآراء فيما يخص تطوير قطاع العقارات وسياسات الاسكان في المملكة التي ينمو سكانها بمعدل عال يفوق المعدل العالمي، حيث يبلغ معدل نمو سكان المملكة حوالي 3.9% بينما لا يتجاوز النمو العالمي 2.4%. ومن المثير أن المعلومات تشير الى نمو حاد في الطلب على الاسكان في السنوات العشر القادمة مما يتيح الفرصة للشركات العاملة في مجال العقارات والاسكان للنمو عندما تقوم بتلبية احتياجات المواطنين وغيرهم من المقيمين، وذلك بتطوير الوحدات السكنية المناسبة. ونلاحظ تحولاً في سياسات الشركات العقارية من مجرد بيع وشراء الأراضي إلى تطويرها للاستفادة من القيمة المضافة في تحقيق الربح الذي تراه مناسباً. وتساهم هذه الآراء وما يحدث من تغير في قطاع العقار والاسكان يتناولها المهتمون والمتخصصون والمستثمرون في تطوير القطاع العقاري، وذلك عندما يلتقون في معارض وندوات وورش عمل في مثل معرض العقار والاسكان. في الحقيقة تتلاقح الأفكار والآراء والتوجهات في اللقاءات لينضج الاستثمار ويعود بالفائدة المرجوة على كل من المواطن والمستثمر. واعتقد أن مثل هذا المعرض أصبح حاجة ملموسة في سوق يحتاج لتوجيه الدولة من خلال الضوابط المنظمة للنشاطات العقارية لتفعيل دور هذا القطاع الحيوي في الاقتصاد الوطني. ولا شك في أن لمغامرة وجرأة المستثمر وفهمه لأهمية قطاع العقار والاسكان في التنمية الاقتصادية الطموحة دورا رئيسا في تطوير العقار، لذا تزيد الرغبة في المغامرة كلما توافرت معلومات دقيقة عن سوق العقارات. من هذا المنطلق أرى أن المعارض العقارية توفر المعلومات للمستثمرين، بل وتسهل عملية الاتصال والتواصل بين أصحاب المصالح العقارية سواء البائعين أو المشترين أو الأفراد والشركات التي توفر المعلومات. ومن الطبيعي أن تتكون تراكمات معلوماتية مفيدة عن سوق العقارات والاسكان في المملكة نتيجة لزيادة اللقاءات بين المهتمين مما يجعلها ذات أهمية كبيرة في صياغة سياسة العقارات في المملكة. وستتوافر وتتجدد المعلومات سنة بعد أخرى مما يثري العقاريين ويسهل عليهم اتخاذ القرارات المناسبة بأقل نسبة من المخاطرة وبعائد أفضل مما لو كانت هذه المعلومات غائبة أو غير دقيقة أو قديمة نسبياً. وقد يكون من المناسب عقد ورش عمل خلال المعرض للاهتمام بالعقارات في المملكة، مثل توعية صغار المستثمرين ومساعدتهم في اتخاذ القرارات، وتطوير المهارات لدى العقاريين، مثل مهارات الاتصال أو التسويق أو التفاوض أو تقييم العقارات وغيرها من المهارات التي تعد ركيزة تطوير المهنيين من العقاريين لمواكبة نغمة السوق، حيث لم يعد العقاري الناجح ذلك الشخص الذي يعقد الصفقات فحسب، بل يجب أن يكون على علم ومعرفة ومستوى عال من المهارات التنافسية في سوق تتغير فيه المزاجات وقواعد اللعبة الاستثمارية. وفي الختام نرجو النجاح لمعرض العقار والاسكان الثاني الذي سيقام في المنطقة الشرقية ليكون نواة قوية لدفع الاستثمار العقاري في المملكة نحو الافضل. ونرجو ان تعم فائدة المعرض صغار وكبار المستثمرين على حد سواء لتتوازن معادلة التنمية الاقتصادية ويستفيد الجميع مما يحدث من تطور في العقارات والاسكان في المملكة. وأجدها مناسبة طيبة أن أشدد على اهمية التواصل والتعاون بين كل من جامعة الملك فهد للبترول والمعادن والشركات العقارية في المملكة لتفعيل القطاع العقاري إن شاء الله.@ *جامعة الملك فهد للبترول والمعادن [email protected]